هل تخلص تقنية إحتجاز الكربون العالم من مشكلة ثاني أكسيد الكربون؟
هل يمكننا أن نصل بالاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة؟ الإنسان هو المصدر الأول – بلا منافس – لإنبعاثات ثاني أكسيد الكربون. والملاحظ أن أكثر من نصف إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون خلال ال 300 عام الماضية تم إطلاقها منذ عام [1]1980. ولحسن الحظ، نحن الآن في وضع أفضل لمواجهة هذه الكارثة، حيث أن إزالة الكربون اعتمادا على خفض الانبعاثات فقط تحتاج لعقود طوال.
فهل يمكن أن تكون تقنية احتجاز الكربون وتخزينه الحل قصير المدى؟
ما المقصود باحتجاز الكربون وتخزينه؟
تعمل تقنية احتجاز الكربون وتخزينه (CCS) على إلتقاط ثاني أكسيد الكربون المنبعث نتيجة للعمليات الصناعية وتوليد الطاقة. ويتم ضغط ثاني أكسيد الكربون ونقله وتخزينه تحت الأرض. وتسهم تقنية احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه (CCUS) في تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى منتجات ذات جدوى تجارية.
ويؤكد تقرير صادر عن وكالة الطاقة الدولية أن ” احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه يمثل المجموعة الوحيدة من التقنيات التي تسهم في الحد من الانبعاثات في القطاعات الرئيسة مباشرةً، وكذا في إزالة ثاني أكسيد الكربون لغرض موازنة تلك الانبعاثات التي لا يمكننا تجنبها – وهو ما يعد جزءا مهما من أهداف الوصول إلى صافي صفر من الانبعاثات “.
واحتجاز الكربون يعد تقنية مثبتة الجدوى ومستخدمة منذ ما يقرب من 50 عامًا.
ولكن من المؤسف أن تلك التقنية غير مستغلة.
ووفقًا لتقرير المعهد العالمي لاحتجاز ثاني أكسيد الكربون الصادر عام 2019 ، بلع عدد مرافق احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه على مستوى العالم 51 مرفق فقط، ولم يتم تشغيل سوى 19 منها. ومعظم تلك المرافق توجد في الولايات المتحدة وكندا، والباقي في أوروبا وآسيا. ولا يوجد سوى محطتان لتوليد الطاقة مجهزتان بتقنية إحتجاز الكربون وتخزينه، وكلاهما في أمريكا الشمالية.
الاستخدامات التجارية لثاني أكسيد الكربون
تقوم معظم مشروعات إحتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه ببيع ثاني أكسيد الكربون للشركات العاملة في مجال استخراج النفط المعزز. كما يمكن أيضًا استخدامه في إنتاج الوقود الصناعي، والمواد الكيميائية، ومواد البناء، والأدوية، وعمليات معالجة المياه، وبالطبع في المشروبات الغازية. ويمكن للأسواق الجديدة أو التي تشهد نموًا أن تدرج استخدام ثاني أكسيد الكربون كمادة وسيطة أو كسائل محفز في بعض العمليات (ويشمل ذلك توليد الطاقة)، كما يمكن استخدامه في التحويل إلى البوليمرات أو الكربونات، ومعالجة الخرسانة، والكربنة المعدنية.
التركيز على أكبر مصادر الإنبعاثات
في أحدى مقالات سبوت لايت التي تناولت إزالة الكربون، أكد فادي جميل – نائب الرئيس ونائب رئيس مجلس إدارة العمليات الدولية لشركة عبد للطيف جميل – أن احتجاز الكربون يعتبر أمرا ضروريا لتحقيق صافي انبعاثات صفرية، كما يعد من أرخص الطرق لتحقيق ذلك بالأسعار الحالية. ووفقا لوكالة الطاقة الدولية، تعتبر تقنية إحتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه واحدة من أربع ركائز أساسية في مضمار التحول العالمي للطاقة، إضافة إلى الكهرباء المتجددة والطاقة الحيوية والهيدروجين[2].
الاستخدامات الأربعة الرئيسة لاحتجاز الكربون هي:
إزالة الكربون من الصناعات الثقيلة:
تمثل الصناعات الثقيلة أكثر من 20٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية[3]، وقد تم تناول هذا الأمر بمزيد من التعمق والإسهاب في أحدى مقالات سبوت لايت التي ركزت على إزالة الكربون. ولسوء الحظ، غالبًا ما يكون من الصعب – من الناحية الفنية ومن حيث التكلفة – الحد من انبعاثات الكربون في منتجات التصنيع مثل الفولاذ والكيماويات والأسمنت. إذ تعتمد هذه العمليات على الحرارة الشديدة ولا تستطيع الكهرباء المتجددة منافسة الوقود الحفري في ذلك[4]. وهنا تبرز أهمية احتجاز الكربون. من ناحية أخرى، تعد تقنية إحتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه الحل الوحيد لمعالجة الغاز الطبيعي، والذي يحتوي على كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون يجب إزالتها قبل الاستخدام.
تعديل المرافق الحالية:
وبدون تعديلات، يمكن لمحطات الطاقة والمنشآت الصناعية الحالية أن تولد ما يقرب من عقدين كاملين من ثاني أكسيد الكربون (600 جيجا طن من ثاني أكسيد الكربون) خلال فترة حياتها المتبقية. فتحديدا، مثلت محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم ما يقرب من ثلث انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية خلال عام 2019 – ومن المنتظر أن تصل هذه النسبة إلى 60٪ في العام 2050[5]. والأمر لا يختلف كثيرا بالنسبة للصلب. وتعتبر تقنية إحتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه الطريقة الوحيدة التي يمكن بها لهذه المصانع المحافظة على إنتاجها الحالي وحماية الاقتصادات المحلية والحد – في الوقت نفسه – من الانبعاثات بشكل كبير.
إنتاج وقود هيدروجين منخفض الكربون:
توفر تقنية إحتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه طريقة منخفضة التكلفة لإنتاج الهيدروجين، والذي يعد من الغازات النظيفة عند الاحتراق، والذي يمكنه أن يحل محل الوقود الحفري في قطاعات الطاقة والنقل والصناعة والبناء.و تجعل كثافة طاقة الهيدروجين منه بديلاً مناسبا للوقود الحفري في مجال الطيران. (والخيار الآخر الوحيد هو الكتلة الحيوية المستدامة، ولكن لا توجد إمدادات ضخمة منها.)
سحب الكربون من الهواء:
يصعب احتجاز الكربون في بعض العمليات. ولحسن الحظ ، يمكن الحصول على ثاني أكسيد الكربون من الهواء، إما بمحاصرته داخل الكتلة الحيوية المستدامة أو بالتقاطه مباشرة من الهواء وتخزينه. وتلك الخيارات شائعة الاستخدام من قبل المشروعات التي تسعى إلى موازنة الانبعاثات. فقد أعلنت شوبيفيShopify ، والتي تعد كبرى شركات كندا، مؤخرًا أنها تسعى إلى إحتجاز 10،000 طن متري من ثاني أكسيد الكربون[6].
أقل تكلفة … ولكن ليس بالقدر الكافي
أوضحت وكالة الطاقة الدولية أن خفض الانبعاثات سيكون مكلفًا للغاية بدون الاستعانة بتقنية احتجاز الكربون. وفي أحد التقارير الذي تناول تكلفة احتجاز الكربون، صرحت الوكالة بأن:
“تقييد إتاحة تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه وتوافرها من شأنه أن يزيد بشكل كبير من تكلفة تحول الطاقة وتعقيدها، بسبب زيادة الاعتماد على التقنيات التي تعد حاليا الأكثر تكلفة والتي تعتبر أيضا في مراحل مبكرة من التطوير. وتمثل كهربة الأفران الحرارية ذات درجات الحرارة العالية جدًا والمستخدمة في إنتاج الأسمنت وصناعة الصلب البكر أحد الأمثلة على ذلك”[7].
على الرغم من ذلك، فإن تقنية إحتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه ليست رخيصة. وتحديث المرافق أو تعديلها ووضع البنية التحتية للنقل والتخزين تحتاج إلى استثمارات ضخمة. وتوفر المرافق كبيرة الحجم الحل الأمثل فيما يتعلق بزيادة النطاق ولكنها عالية التكلفة أيضا. من ناحية أخرى، قد يكون من الصعب تأمين التمويل ومشاركة المخاطر التجارية عبر المشروعات.
كما أن تقنية احتجاز الكربون غالبا ما ينظر إليها على أنها تضفي الشرعية على الوقود الحفري، وهو ما قد يؤثر بالسلب على جاذبية تلك التقنية بالنسبة للجمهور والصناعات، خاصة إذا أضفنا إلى ذلك الانخفاض الكبير في أسعار طاقة الرياح والطاقة الشمسية. وهناك سيناريو “الدجاجة والبيضة” الذي يجب علينا أن نتجنبه. فلن يكون هناك فائدة من التقاط ثاني أكسيد الكربون ما لم يكن هناك مكان لتخزينه. وليس هناك فائدة من الاستثمار في التخزين بدون وجود إمدادات من ثاني أكسيد الكربون. ومع تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد وما تبعها من إنكماش اقتصادي، ازداد الأمر سوءا، إذ تأثرت الاستثمارات وتراجع الطلب على ثاني أكسيد الكربون في صناعة استخراج النفط المعزز، والذي يعتبر حاليًا أكبر مصدر لإيرادات تقنية احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه.
وتصاحب كل هذه التحديات الحاجة إلى التحرك السريع من أجل تحقيق أهداف خفض الانبعاثات. فهل يمكن تحقيق زيادة نطاق عمليات احتجاز الكربون بشكل ملحوظ؟
دور الحكومات في عمليات الإنقاذ
بعض التحديات لا يمكن مواجهتها من قبل الأسواق وحسب. فتقنيات احتجاز الكربون وتخزينه لم تتجاوز 0.5٪ من حجم الاستثمارات العالمية في مجال الطاقة النظيفة وتكنولوجيات الكفاءة[8]. و لذا تعد الإجراءات الحكومية العاجلة جد ضرورية من أجل دعم سوق احتجاز الكربون وزيادة عدد المرافق الخاصة به بشكل كبير. لا يوجد حل واحد يناسب الجميع، ولكن يمكن للحكومات الاعتماد على مجموعة من التدابير لغرض دعم الابتكار وتكثيف عمليات احتجاز الكربون. ويشمل ذلك المنح، والإعفاءات الضريبية، وتسعير الكربون، والدعم، واللوائح، و شراء الحكومة لمنتجات الكربون منخفضة التكلفة من محطات احتجاز الكربون وتخزينه.
لا شك أننا نشهد تقدمًا في هذا المضمار. فبشكل خاص، يساعد الاعتماد المتزايد لأهداف الانبعاثات الصفرية على دعم تقنية احتجاز الكربون. فاعتبارًا من أغسطس 2020 ، تبنت 14 دولة – إضافة إلى الاتحاد الأوروبي – أهدافًا خاصة بالانبعاثات الصفرية، وهناك 100 دولة أخرى على استعداد لاتخاذ المسار نفسه[9]. وتعمل حوافز السياسات المختلفة أيضًا على جعل تقنية احتجاز الكربون أكثر جدوى من الناحية المالية. ففي الولايات المتحدة، يوفر الإعفاء الضريبي الموسع 45Q (الذي تم تقديمه في 2018) حوافز جذابة لتخزين ثاني أكسيد الكربون واستخدامه في استخلاص النفط المعزز[10]. ويوفر صندوق الاتحاد الأوروبي للابتكار مليارات اليوروهات لدعم تقنية احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه ومشروعات الطاقة النظيفة الأخرى اعتبارًا من عام 2020[11].
ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية، التزمت الحكومات والصناعات بتخصيص أكثر من 4.5 مليار دولار أمريكي لبرنامج احتجاز الكربون وتخزينه في عام 2020 ، وذلك على الرغم من جائحة فيروس كورونا المستجد[12]. ومنذ عام 2017، تم الإعلان عن 30 منشأة لاحتجاز الكربون وتخزينه بقيمة تبلغ حوالي 27 مليار دولار أمريكي. ويقع معظم تلك المنشأت في الولايات المتحدة وأوروبا، بينما يقع بعضها في أستراليا والصين وكوريا والشرق الأوسط ونيوزيلندا. ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية، إذا استمرت جميع هذه االمشروعات، فإن القدرة العالمية لاحتجاز ثاني أكسيد الكربون ستتضاعف ثلاث مرات لتصل إلى حوالي 130 مليون طن سنويًا[13].
الابتكار والاستثمار
علاوة على الدعم الحكومي، تسهم الاستثمارات الخاصة وكذا أعمال البحث والتطوير في جعل احتجاز الكربون خيارا أكثر جاذبية من المنظور التجاري.
انخفاض التكلفة: لا يوجد سوى محطتان فحم تجاريتان تعملان على احتجاز الكربون، والفرق بينهما إنما يسلط الضوء على إمكانية خفض التكلفة إعتمادا على الابتكار. فتكلفة احتجاز الكربون أقل بنسبة 30٪ في محطة بترا نوفا في هيوستن، والتي تم بدء التشغيل فيها في عام 2017 ، مقارنة بمنشأة باوندري دام في كندا، والتي تعمل منذ عام 2014. على الرغم من ذلك، لا يزال سعر 65 دولارًا أمريكيًا للطن باهظا نسبيًا مقارنة بما هو ممكن في الوقت الحالي. ووفقًا لمركز المعرفة الدولي للاحتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه، قد تبلغ تكلفة تعديل محطات الطاقة التي تعمل بالفحم اليوم حوالي 45 دولارًا أمريكيًا للطن. وبالطبع سيزداد هذا الرقم مع زيادة عدد المحطات. ومن المقرر تعديل ما يصل إلى 10 محطات لتوليد الطاقة بالفحم في جميع أنحاء الصين وكوريا والولايات المتحدة.
المزيد من الاستثمارات والحوافز: ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية، “بلغ التمويل الخاص العالمي للشركات الناشئة التي تستخدم ثاني أكسيد الكربون ما يقرب من مليار دولار أمريكي خلال العقد الماضي”. وتشجع المسابقات مثل مسابقة NRG COSIA Carbon XPrize تقنيات تحويل ثاني أكسيد الكربون الإبداعية وكذا تطبيقات استخدامه.
المزيد من البحوث فيما يتعلق بتقنية إلتقاط ثاني أكسيد الكربون مباشرة من الغلاف الجوي: هناك العديد من مرافق إلتقاط ثاني أكسيد الكربون مباشرة من الغلاف الجوي صغيرة النطاق التي تعمل حاليًا والمزيد في الطريق. وقد استطاع المطورون الرائدون جمع حوالي 180 مليون دولار أمريكي من رأس المال الخاص وأكثر من 170 مليون دولار أمريكي من التمويل العام لأغراض البحث والتطوير في مجال تكنولوجيا إلتقاط ثاني أكسيد الكربون مباشرة من الغلاف الجوي. و في الوقت الحالي، تتوسع شركة كليموركس السويسرية في محطتها الخاصة بإلتقاط ثاني أكسيد الكربون مباشرة من الغلاف الجوي وتخزين الكربون في أيسلندا، والتي من المنتظر أن تقوم بإلتقاط آلاف الأطنان من ثاني أكسيد الكربون سنويًا كجزء من مشروع CarbFix2.[14]
في ولاية تكساس، عقدت شركة كربون انجينيريج Carbon Engineering شراكة مع شركة أوكسيدنتال بتروليوم Occidentak Petroleum لغرض بناء محطة لاحتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه لتقوم بجمع حوالي مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا واستخدامه في استخراج النفط المعزز[15].
وكلما اتسع النطاق، كلما كان ذلك أفضل
لكي يكون احتجاز الكربون ذا جدوى تجارية ولكي يشهد إزدهارا سريعا، فإنه يحتاج إلى بنية تحتية مشتركة واسعة النطاق. ويتم حاليًا تطوير حوالي 12 من مراكز إحتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه في كل من أستراليا وأوروبا والولايات المتحدة، ويرتبط الكثير منها بإنتاج الهيدروجين المنخفض.
وتعمل مراكز إحتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه على الحد من المخاطر التجارية والمالية من خلال مشاركة تكلفة عمليات جمع ثاني أكسيد الكربون ونقله وتخزينه عبر سلسلة تقنية إحتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه. ويتم زيادة تلك المراكز وهو ما يجعلها باهظة الثمن في البداية ولكن التكلفة تتراجع على المدى الطويل. وتجعل هذه المراكز من إحتجاز ثاني أكسيد الكربون أمرا أكثر جدوى في المواقع الأصغر والتي ما كانت ليتوافر لها سبل النقل والتخزين. كما أنها توفر الحماية للعديد من الوظائف والبنية التحتية القائمة في الوقت الحالي و كذا سلاسل التوريد.
وثمة ثلاثة مشروعات رئيسة تظهر لنا القيمة المحتملة لالتقاط الكربون على نطاق واسع:
مشروع Northern Lightsنورثرن لايتس في النرويج: وهو مشروع مشترك بين كل من شل وتوتال وإيكوينور. ومن المنتظر أن يحصل المشروع على ثاني أكسيد الكربون الصناعي من مواقع متعددة ثم يقوم بشحنه إلى محطة برية على الساحل النرويجي، حيث يتم نقله عن طريق خط أنابيب إلى مواقع التخزين البحري تحت بحر الشمال[16]. ويعد مشروع نورثرن لايت جزءا من مبادرة”Longship” ، التي خصصت لها الحكومة النرويجية 16.8 مليار كرونر (1.8 مليار دولار أمريكي)[17].
ويستخدم مشروع همبر للوصول إلى صفر كربون في المملكة المتحدة طبقة مياه جوفية مالحة يطلق عليها اسم “انديورنس” – تقع على عمق 1.6 كيلومتر تحت قاع بحر الشمال – وتمتلك قدرة لتخزين كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون[18]. تبلغ قيمة العرض الممول من قبل القطاعين العام والخاص، والذي يشمل كل من الشبكة الوطنية National Grid ودراكس و Drax و و إيكوينور Equinor ، حوالي 75 مليون جنيه إسترليني وسيعمل على تسريع إزالة الكربون في المنطقة الصناعية الأكثر إنتاجا له في المملكة المتحدة، وهي مصب نهر همبر. ووفقًا لـ”ناشيونال جريد” National Grid ، يمكن أن يصبح توليد الكهرباء في المملكة المتحدة خاليا من الكربون بحلول عام 2033 إذا تم الجمع بين تقنية إحتجاز الكربون وزيادة التحول إلى استخدام الطاقة المتجددة.
ويقول جون باتروورث ، العضو المنتدب لشركة National Grid Ventures ناشيونال جريد فاتشيرز:” توفر منطقة همبر إمكانات لا مثيل لها لحماية الوظائف وزيادة عددها فضلا عن إزالة الكربون من أكبر معقل صناعي في المملكة المتحدة. ويعتبر توفير البنية التحتية فيما يتعلق بالنقل والتخزين العنصر الأهم لإطلاق هذه الإمكانات إذ أنه سيحفز مصادر الانبعاثات الصناعية على تبني تقنية احتجاز الكربون“.
تحت عنوان: مشروع همبر للوصول إلى صفر كربون يقوم بالتقاط ثاني أكسيد الكربون من محطة دراكس للطاقة ويقوم بتخزينه تحت بحر الشمال. المصدر: دراكس.
خط أنابيب الكربون في إقليم ألبرتا بكندا ويعتبر أكبر خط أنابيب في العالم من حيث الطاقة الإنتاجية لثاني أكسيد الكربون. ويمكن للمشروع نقل ما يصل إلى 14.6 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، “وهو ما يمثل قرابة الـ 20٪ من جميع انبعاثات الرمال النفطية في الوقت الحالي أو ما يعادل تأثير التقاط ثاني أكسيد الكربون من أكثر من 3 ملايين سيارة في ألبرتا.” والجدير بالذكر أنه قد تم تصميم ما يقرب من 90٪ من سعة خط الأنابيب الذي يمتد بطول 240 كيلومترًا من أجل مصادر ثاني أكسيد الكربون المستقبلية[19].
احتجاز الكربون أمر بالغ الأهمية … ولكن إذا تحركنا الآن
يخطأ من يعتقد أن احتجاز الكربون يمكن أن يمثل وحده حلا لمشكلة الاحتباس الحراري. فمواجهة هذه الظاهرة تتطلب تضافر الجهود العالمية من أجل الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشكل ملحوظ. ويكون ذلك من خلال بعض التدابير التي تشمل: زيادة نطاق استخدام مصادر الطاقة المتجددة؛ وتشجيع صناعة إزالة الكربون والطاقة؛ وإدخال أنظمة جديدة للتنقل، وإعادة النظر في الأمن الغذائي؛ وتقوية أنظمة المياه، وإعادة تصميم المدن. وعلى الرغم من ذلك، من الصعب أن نتخيل تحقيق الأهداف التي تتعلق بالوصول إلى صفر كربون بدون التطبيقات وإمكانيات التعديل والتحديث واسعة النطاق لتقنية إحتجاز الكربون واستخدامه، لا سيما بالنسبة للانبعاثات التي يصعب خفضها.
والجدير بالذكر أن تلك التقنية موجودة بالفعل، لكنها تتطلب التعاون والتنسيق والشراكات على أعلى مستوى من القائمين على الصناعة والتجارة والحكومات والمجتمعات، وذلك من أجل تحفيز التحول طويل الأجل.
ومن جانبها، تلتزم عبداللطيف جميل بمواجهة ما ينتظرنا من تحديات، لا سيما من خلال مشروعاتنا الرائدة في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وذلك من خلال فوتواتيو لمشاريع الطاقة المتجددة (FRV) الرائدة في مجال الطاقة المتجددة، وكذا من خلال عملنا فيما يتعلق بمواجهة مشكلة إمدادت المياه وتوافرها، والذي ينمو بشكل متسارع من خلال ألمار لحلول المياه. إننا نعمل أيضًا مع الشركات الخاصة العالمية الرائدة الأخرى من خلال مؤسسة الفرص النظيفة والمتجددة والبيئية الخيرية وذلك للمساعدة في تحفيز الاستثمار التجاري والحكومي والتوصل إلى حلول للتصدي لمشكلة تغير المناخ.
قد لا يكون احتجاز الكربون حلا طويل الأمد… ولكنه يعتبر جزءًا من الحلول قصيرة الأمد فيما يتعلق بإزالة الكربون من الصناعات والحفاظ على أهداف الاحتباس الحراري التي نصت عليها اتفاقية باريس. وتستطيع تلك التقنية أن تثبت جدواها فيما يتعلق بالتحول إلى الطاقة الخضراء إذا ما نجحت الحوافز الحكومية وكذا الاستثمارات الخاصة في دفع تقنية احتجاز الكربون للانتشار على نطاق أوسع خلال العقد المقبل.
[1] https://climate.nasa.gov/news/2915/the-atmosphere-getting-a-handle-on-carbon-dioxide/
[2] https://www.iea.org/reports/energy-technology-perspectives-2020
[3] https://www.epa.gov/ghgemissions/sources-greenhouse-gas-emissions
[4] How industry can move toward a low-carbon future, McKinsey, July 2018
[5] https://www.iea.org/reports/ccus-in-clean-energy-transitions/a-new-era-for-ccus#growing-ccus-momentum
[6] https://www.scientificamerican.com/article/direct-air-capture-of-CO₂-is-suddenly-a-carbon-offset-option/
[7] The Role of CO2 Storage – Analysis – IEA
[8] https://www.iea.org/reports/ccus-in-clean-energy-transitions/a-new-era-for-ccus
[9] https://news.un.org/en/story/2020/12/1078612
[10] https://www.globalccsinstitute.com/wp-content/uploads/2020/04/45Q_Brief_in_template_LLB.pdf
[11] https://ec.europa.eu/clima/policies/innovation-fund_en
[12] https://www.iea.org/commentaries/is-carbon-capture-too-expensive
[13] https://www.iea.org/fuels-and-technologies/carbon-capture-utilisation-and-storage
[15] https://www.american.edu/sis/centers/carbon-removal/fact-sheet-direct-air-capture.cfm
[16] https://www.equinor.com/en/what-we-do/northern-lights.html
[17] https://www.nsenergybusiness.com/news/norwegian-longship-project/