يتولى روهيت كرانيك، البروفيسور المساعد للهندسة الميكانيكية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، وإيمي سميث، كبير المحاضرين في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) بقسم الهندسة الميكانيكية والمدير المؤسس لD-Labs في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، قيادة مجموعة من الباحثين أملين في تدعيم وحشد الخصائص الطبيعية لخشب الزيلم في توفير مياه شرب مأمونة معقولة التكاليف للمجموعات منخفضة الدخل. ولقد أجرت مجلة الآفاق المفتوحة حوارًا مع روهيت كرانيك وإيمي سميث وأعضاء الفريق كيندرا ليث، وميها هيدج وأنيش أنتوني حول المشروع وأهدافه.

ما المشكلة الأساسية التي تسعون لحلها خلال ذلك المشروع؟

روهيت: لا يزال الكثيرون حول العالم مضطرون لاستخدام مياه شرب غير مأمونة. ويؤدي ذلك إلى انتشار أمراض تنقلها المياه، مع تعرض الأطفال دون عمر الخامسة وكبار السن لمخاطر خاصة جراء ذلك.

يُمكن القول أن مصادر المياه مأمونة بشكل عام في الدول المتقدمة. كذلك بإمكان الطبقة المتوسطة الدخل الحصول على مياه معالجة مركزيًا في الكثير من المدن بالدول النامية ويمكنهم كذلك تحمل نفقات وسائل معالجة المياه منزليًا بما يجعل مستويات الأمراض المنقولة بالماء غير مرتفعة. لكن عندما نمضي إلى المناطق الريفية أو المناطق منخفضة الدخل في الدول النامية، فإن المياه غير مأمونة للشرب. ويُعزى ذلك لعدد من العوامل، بما في ذلك غياب الوعي وصعوبة الحصول على تقنيات معالجة المياه وتكاليفها فضلاً عن أمور تخص القبول الاجتماعي. أما نتيجة ذلك فتتلخص ببساطة في تسبب المياه غير المأمونة في الكثير من الوفيات سنويًا مع أنه يُمكن تجنبها.

ويسعى البحث إلى استخدام تكنولوجيا طبيعية لترشيح المياه وتنقيتها والتي تختلف عن التكنولوجيات الموجودة بالأسواق، آملين في تحسين إمدادات المياه المأمونة إلى المجتمعات الريفية ومنخفضة الدخل.

لقد مكن مشروعنا الذي يرعاه معمل عبد اللطيف جميل للأمن المائي والغذائي العالمي (J-WAFS) التعاون بين مجموعة كرانيك وD-Lab. فالمشروع ينطلق من العمل السابق الذي مولته منحة جيمس فيري الابن ومركز تاتا للتكنولوجيا والتصميم في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، والذي يمضي قدمًا في دعم المشروع. وإننا كذلك ممتنون لجمعية هيمّوثان Himmotthan Society، ومعهد علوم الشعب People’s Science Institute، ومؤسسة Pan Himalayan Grassroots Foundation، ومؤسسة Tata Trusts، ومنشآت معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) وغيرهم الكثيرين ممن دعمونا في هذا العمل.

كيف يمكن للمجموعات منخفضة الدخل الوصول إلى مياه شرب مأمونة معقولة التكاليف حاليا؟

إيمي: معظم الناس، وبخاصة في المناطق الهندية التي نعمل عليها حاليًا، لا يعالجون الماء على الإطلاق. ويُعزى معظم ذلك إلى غياب الوعي. فالناس يحسبون أن المياه نظيفة لأنها تأتي من الينابيع في الجبال، لكن تشير اختبارات المياه والحوارات مع معنيين أساسيين إلى أن المياه ملوثة. وحتى عندما يُعالج الناس المياه بأنفسهم فإن النتائج قد تكون غير موثوقة. فأحيانًا ما يتعرض الماء لإعادة التلوث إذ لم يُخزن تخزينًا سليمًا أو إذا لم تُغير المرشحات وفق المعدلات الزمنية المطلوبة لتكون كاملة الفاعلية. والمحصلة النهائية معاناة الناس سنويًا من أمراض منقولة بالماء رغم إمكانية تجنب ذلك وتفاديه.

ما الحل الذي تقترحونه وكيف يعمل؟

روهيت: عندما تسحب النباتات المياه عبر الجذور ثم تنقلها إلى الأوراق عبر نسيج الزيلم، فإن ذلك قد يُسبب فقاعات في المياه. وللتخلص من هذه الفقاعات، فإن النباتات لديها أغشية في الزيلم ترشحها وتتخلص منها خارجًا.

ولقد بينا في بحوث سابقة أنه يُمكن استخدام بنية أغشية الزيلم نفسها لترشيح المياه وتصفيته وإزالة البكتريا. لذا فإننا نعمل حاليًا على فهم أعمق وأشمل لهذه التكنولوجيا وكذلك المضي قدمًا إلى مرحلة نستخدم فيها الفكرة نفسها لتصميم مرشحات مياه عملية قابلة للاستخدام بناء على فكرة عمل الزيلم.

إحدى ميزات استخدام الزيلم أنه يُصنع من خشب النُّسغ، وهو خشب منخفض الدرجة. فهو ليس غالي أو مكلف مثل خشب القلب الصلب، بل يُمكن القول أنه منتج ثانوي لتجارة الأخشاب. لذا لدينا مادة الترشيح الجاهزة هذه بدلاً من الحاجة لتصنيع غشاء صناعي أو أنبوب ترشيح.
وكل ما نحتاجه هو معالجة بسيطة لتحويله إلى عنصر ترشيح لا يكلف سوى بضع سنتات.

كم يكلف كل مرشح؟

روهيت: سيتكون مرشح الزيلم من جهاز ترشيح يبيت فيه عنصر الترشيح بالزيلم. ولما كان الزيلم مادة عضوية، فإنه سيتحلل بمرور الوقت لذا ثمة حاجة لاستبدال عنصر الترشيح كل أسبوع مثلاً وعندها يُمكن استعماله كوقود مثلاً. ومع أنه ثمة العديد من التصاميم المختلفة المحتملة للمرشح، فإن الدراسات الميدانية تشير أن المستخدمين سيفضلون جهازًا يتراوح ثمنه بين 10-15 دولار أمريكي مع تكلفة استبدال أسبوعية أقل من 40 سنت. بالمقارنة، معظم المرشحات المتوفرة حاليًا تكلف ما بين 15-25 دولار أمريكي وتتكلف أنابيب الترشيح ما بين 5-10 دولار يجرى استبدالها كل بضعة أشهر. لذا نتوقع لمرشح الزيلم أن يكون أكثر اقتصادية حتى مع الحاجة للاستبدال الأسبوعي نظرًا لأن عنصر الترشيح لا يكلف سوى سنتات قليلة. فالناس في الشرائح الاقتصادية الدنيا يفضلون دفع سنتات قليلة كل أسبوع على دفع مبلغ أكبر كل أشهر قليلة. وعلاوة على ذلك، فإن كون الزيلم مادة طبيعية يجعله اجتماعيا أكثر قبولاً من إضافة مواد كيميائية إلى الماء.

برأيك، أين ترى مرشحات الزيلم أنجح وأكثر مناسبة؟

روهيت: ستكون المرشحات أكثر مناسبة وتأثيرًا في المناطق التي تمثل فيها الأمراض المنقولة بالماء عبئًا ثقيلاً وخطرًا كبيرًا وحيثما يصعب الوصول إلى طرق معالجة المياه وارتفاع تكلفة هذه الطرق. ومستوى التكنولوجيا يجعله خيارًا أكثر مناسبًا للاستخدام المنزلي أكثر من المستوى المجتمعي. كذلك يمتاز المنتج بتكاليف دورية منخفضة وهو ما سيمكن الأشخاص من الدفع عند الحاجة لها ومثال ذلك في أوقات الرياح الموسمية حين ترتفع مخاطر استخدام المياه وتعلو مستويات التلوث بها. ويُذكر هاهنا أننا بصدد تصميم أجهزة متنوعة مختلفة مخصصة للحاجات المختلفة، بمعدلات وسعات مختلفة أو حتى أحجام استيعاب مختلفة يمكن إلقائها جوًا بسهولة في حالة الطوارئ.

ماذا يُمثل ذلك للمناطق التي تعاني نقصًا شديدًا في المياه مثل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟

روهيت: إن تقنيات ترشيح المياه تُخصص لاحتياجات جودة المياه في منطقة بعينها. ويبقى أن توافر المياه وجودتها مرتبطين ببعضهما لأنه إذا كان لديك مياه ملوثة فهي ليست مفيدة أو نافعة. بعبارة أخرى، إن تكنولوجيا ترشيح الزيلم لن تغير كمية المياه في منطقةٍ ما لكنها ستغير الكمية التي يمكن استهلاكها بأمان.

ما هي أكبر التحديات في هذه المرحلة، وكيف يمكنكم مواجهتها؟

روهيت: يتعين بداية فهم هذه التكنولوجيا فهمًا كاملاً شافيًا ومن ثم تطويرها إلى مرحلة يُمكن فيها تصميم مرشحات مياه عملية قابلة للاستخدام. علينا كذلك تخصيص وقتًا وجهدًا لفهم ما يجعل هذه تكنولوجيا نافعة بحق. وما هي أفضليات الأشخاص الذين سيستخدمون هذا الجهاز؟ إننا إزاء مشروع استكشافي نظرًا لتوفر عدة حلول لمعالجة المياه، وكل من هذه الحلول له ميزاته وعيوبه ونقاط القوة وجوانب القصور، وفي خضم ذلك فإننا نجد أنفسنا أمام شيء مختلف تمامًا عن كل الحلول الأخرى المتوفرة.

هل ستكون مدة التمويل كافية لإتمام بحثك؟

روهيت: نأمل أن نبلغ خلال فترة هذا التمويل مرحلة انطلاق هذه التكنولوجيا. ونعني بذلك فهم جيد للمستخدمين والتغير السلوكي وكذلك الوصول بهذه التكنولوجيا إلى نموذج عمل فعال موثوق قابل للاستخدام.

فإذا ما بلغنا هذه المراحل الجوهرية وكان لدينا خطة طريق واضحة للتصنيع ومزيد من التطوير فإن المرحلة التالية ستكون إطلاق هذه التكنولوجيا بالأسواق.

برأيك، ما أقرب موعد سنرى فيه المنتج مطروحاً في الأسواق؟

روهيت: نعمل على المشروع في إطار أنها تكنولوجيا مفتوحة المصدر إذ سنوفر قدر من المعرفة الأساسية والأسس حول كيفية صنع مرشحات الزيلم وتصميماتها الممكنة. عند ذلك يُمكن للمستخدمين النهائيين والمطورين على اختلافهم توجيه الأمر أكثر ليناسب احتياجاتهم.

وفيما يخص الوقت المطلوب لطرح المنتج بالأسواق فهذه يكتنفها الكثير من التكهن. قد تكتمل الأمور في نحو عامين لكن يصعب جدًا معرفة كيفية سير الأمور على أرض الواقع.

فنحن من جهة نحتاج لتحضير الفرق المناسبة، وإعداد رواد الأعمال وشركاء العمل والتعامل مع الكثير من الأمور التشريعية والتنظيمية. لذا فإننا نأمل أن يفتح هذا الجزء من المشروع الباب لباقي الأمور كي تسير على ما يُرام ومن ثم اكتساب اهتمام شريحة واسعة من الناس للانطلاق نحو نجاح المشروع.