باتت تنقلاتنا اليومية تشكل ضرراً بالغًا على كوكب الأرض. لكن التقدم في تكنولوجيا البطاريات والأداء والسلامة وقابلية إعادة التدوير يمكن أن يساعدها على التعافي من خلال تسهيل تحول العالم إلى أنظمة طاقة أكثر استدامة.

بشكل عام، يُعزى أقل بقليل من ربع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية إلى وسائل النقل، بحسب بيانات وكالة الطاقة الدولية (IEA)، حيث تساهم المركبات المسيرة على الطرق مثل السيارات والحافلات والشاحنات بثلاثة أرباع هذا الرقم. فيما يمثل كل من قطاعيّ الطيران والشحن حوالي 11٪ من إجمالي الانبعاثات الناتجة عن وسائل النقل، بينما تشكل السكك الحديدية ما يزيد قليلاً عن 1٪[1].

واستجابة لدعوة المنظمات العالمية لاتخاذ تدابير عاجلة لمعالجة تغير المناخ، بدأت الحكومات الوطنية وحتى المدن بالفعل في اتخاذ تدابيرها الخاصة والإيجابية للحد من حجم الانبعاثات الضارة، مثل ثاني أكسيد الكربون وثاني أكسيد النيتروجين.

ففي المملكة المتحدة، مثلًا، تخطط الحكومة لحظر السيارات والمركبات الجديدة المسيرة بالبنزين والديزل من السير على الطرق بدايةً من عام 2040، وذلك في إطار استراتيجية الهواء النظيف التي تصل قيمتها إلى 3 مليار جنيه استرليني (3.9 مليار دولار أمريكي). وتعهدت فرنسا أيضًا بإلغاء بيع مركبات البنزين والديزل بحلول عام 2040، بينما اقترحت الدنمارك حظرًا كاملاً على سيارات البنزين والديزل الجديدة بحلول عام 2030 وعلى السيارات الهجينة اعتبارًا من عام 2035. وفي هذا السياق، قال رؤساء بلديات باريس ومدريد ومكسيكو سيتي وأثينا أنهم يخططون لحظر سيارات الديزل الأكثر تلويثًا من مراكز المدينة بحلول عام 2025[2].

لكن ارتفاع الانبعاثات المتأتية من وسائل النقل بشكل أسرع من أي نوع آخر[3]، وفي ظل توقعات زيادة الطلب على وسائل النقل مع استمرار التوسع الحضري، باتت الحاجة إلى حلول تنقل أنظف وأكثر أمانًا للبيئة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.

وقد كانت السيارات الكهربائية (EV) مطروحة لعقود باعتبارها الابتكار الثوري القادر على حل هذه المعضلة. فعلى عكس التقنيات الأخرى التي كان يُنظر إليها كلاعب أساسي في تغيير المشهد، مثل الاندماج النووي[4]، فإن التكنولوجيا الأساسية اللازمة لدعم التنقل الكهربائي موجودة بالفعل وفي جميع أنحاء العالم.  ومع ذلك، فإن ما يسمى التنقل بالطاقة الكهربائية لم يصل أبدًا إلى مستوى إمكاناته.

لكن موجة التطورات الأخيرة في تكنولوجيا البطاريات، يمكن أن تدفع بقطاع التنقل بالطاقة الكهربائية إلى المقدمة في ظل تسارع ثورة السيارات الكهربائية.

المركبات الكهربائية تقود المستقبل

لم يعد بالإمكان تجاهل فوائد التنقل بالطاقة الكهربائية، حيث تعد كهربة وسائل النقل حلًا مثاليًا في التخلص من انبعاثات الكربون الناجمة عن النقل البري. أثناء الاستخدام، تبلغ نسبة الانبعاثات الناجمة عن السيارات الكهربائية حاليًا أقل بنسبة 30٪ -60٪ من محركات الاحتراق، اعتمادًا على مزيج الطاقة[5].

وبالإضافة إلى فائدتها في الاستغناء عن الوقود الأحفوري في مركباتنا، فإن المركبات الكهربائية – والبطاريات التي تشغلها – تتيح أيضًا حصة أكبر من الطاقة المتجددة المتقطعة لدخول أنظمة الشبكة. عندما يكون الطقس مشمسًا أو عاصفًا بشكل خاص، يمكن أن تتجاوز إمدادات الطاقة المتجددة حجم الطلب على كهرباء الشبكة بعد أن أصبحت البطاريات قادرة على تخزين الطاقة لعدة ساعات أو أيام.

علاوة على ذلك، يمكن استعادة المكونات الموجودة في البطاريات وإعادة تدويرها – بعضها يظل صالحًا إلى أجل غير مسمى[6] – على عكس الوقود الأحفوري، الذي يتم حرقه وفقده إلى الأبد عند استخدامه لإنتاج الطاقة.

في الواقع، وفقًا لتقرير تقدم الطاقة النظيفة الصادر عن وكالة الطاقة الدولية، تُعد السيارات الكهربائية واحدة من بين 45 من تكنولوجيات الطاقة والقطاعات التي تسير على الطريق الصحيح لتحقيق سيناريو التنمية المستدامة[7]، بما يتماشى مع الالتزامات العالمية في اتفاقية باريس بشأن المناخ لعام 2015.

الإحصائيات مشجعة بالتأكيد، فوفقًا لـنشرة «توقعات السيارات الكهربائية» لعام 2019 (Global EV Outlook)، ارتفعت الحصة العالمية من مبيعات السيارات الكهربائية إلى أكثر من 2.5٪ من مبيعات السيارات الجديدة في 2018[8]، ليصل بذلك أسطول السيارات الكهربائية إلى ما يفوق 5.1 مليون سيارة على مستوى العالم، بعد أن كانت 3.1 مليون في عام 2017، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 63٪[9].  من حيث الحصة الإجمالية لمخزون سيارات الركاب العالمية، تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن السيارات الكهربائية سترتفع من 0.8٪ في عام 2020 إلى ما يقارب 15٪ بحلول عام 2030[10].

ويتوقع الخبراء أن تستمر سوق السيارات الكهربائية في التوسع في المستقبل المنظور. فبحسب أحدث إصدار من نشرة توقعات السيارات الكهربائية، وهو تقرير سنوي تصدره «مؤسسة بلومبرج لتمويل أبحاث الطاقة الجديدة» (BloombergNEF)، من المتوقع أن تشهد مبيعات السيارات الكهربائية للركاب ارتفاعًا إلى 10 ملايين سيارة في عام 2025، و28 مليون في عام 2030، و56 مليون بحلول عام 2040[11].  كما يتوقع خبراء التنبؤات في بلومبرج أن حصة مبيعات السيارات الكهربائية ستتجاوز مبيعات محركات الاحتراق الداخلي (ICE) بحلول منتصف إلى أواخر العقد الثالث من القرن الحالي.

مبيعات السيارات الكهربائية

ولكن على الرغم من أن السيارات الكهربائية تحظى بشعبية متزايدة ولديها القدرة على إحداث تأثير كبير على أهداف خفض الانبعاثات، إلا أنه لا يمكن تحقيق هذه الإمكانية إلا إذا أصبح التنقل الكهربائي هو القاعدة السائدة، وليس الاستثناء. والفوز في هذه المعركة يعني التغلب على أكثر من قرن من الألفة والولاء والثقة في محرك الاحتراق الداخلي التقليدي – ناهيك عن أحدث التصورات المسبقة والتحديات التقنية والبنية التحتية التي أعاقت نمو السيارات الكهربائية.

تغيّر التصورات

في دراسة أجرتها وزارة النقل (DoT) التابعة لحكومة المملكة المتحدة في عام 2016، لدراسة مواقف السائقين تجاه السيارات الكهربائية[12]، وجد الباحثون أن أهم ثلاثة عوامل تمنع المستهلكين من شراء سيارة كهربائية هي توفر نقاط الشحن، والمسافة التي يمكنك السفر إليها بشحنة واحدة، والتكلفة في نقطة الشراء.

كل هذه القضايا الثلاث تنحصر في نفس المشكلة: البطاريات. على عكس القطارات والترام، لا يمكن تزويد مركبات الطرق بوصلة طاقة خارجية، لذلك تحتاج إلى حمل كل طاقتها المحتملة معها في شكل بطارية.  ببساطة، تشكل البطاريات أهمية بالغة في نجاح كهربة التنقل.

تعتبر البطاريات أكبر عنصر في تحديد تكلفة السيارة الكهربائية إلى حد بعيد، فهي التي تحدد المدى الذي يمكن أن تسير إليه السيارة، وتحدد عدد المرات التي تحتاج فيها إلى الشحن. بمعنى، إذا ما حصلنا على البطارية الصحيحة، فذلك يعني أن التحديات الرئيسية الثلاثة التي تعوق الإقبال الجماهيري على التنقل الكهربائي ستتبخر في ضباب عديم الانبعاثات.

لطالما كانت البطاريات تمثل نقطة ضعف للسيارات الكهربائية لفترة طويلة، فلقد كانت التكاليف مرتفعة والنطاق منخفضًا، مما أدى إلى نوع من التصورات السلبية التي كشفت عنها دراسة وزارة النقل البريطانية منذ بضع سنوات. لكن التحسينات الأخيرة في تكنولوجيا البطاريات يمكن أن تغير صناعة السيارات الكهربائية سريعًا – تغيّر نظرة المستهلك – وحتمًا سيأتي اليوم الذي نرى فيه التنقل الكهربائي يحقق إمكاناته الواعدة.

تخزين فائق الشحن

تعمل البطاريات على تحويل الطاقة الكهربائية إلى طاقة كيميائية أثناء شحنها وعكس هذه العملية عندما يتم استخدامها لتشغيل السيارات والأدوات، وبشكل متزايد، في المنازل.

تتكون معظم البطاريات من قطبين – قطب سالب وكاثود إيجابي – والكتروليت تتفاعل مع الأقطاب الكهربائية لتوليد الطاقة.

مقارنة بالمجالات الإلكترونية الأخرى، كان تطوير تقنية البطاريات بطيئًا نسبيًا[13]. فحتى وقت قريب، كان معظم التقدم المحرز يتركز في الأجهزة المحمولة مثل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة. لكن التركيز المتزايد على التنقل الكهربائي على مدى العقد الماضي، دفع بجهود تطوير تكنولوجيا البطاريات إلى حدود غير مسبوقة.

وتمثلت إحدى العوائق الرئيسية، التي وقفت عقبة أمام أبحاث تطوير البطاريات الجديدة، في العثور على مواد مناسبة للأقطاب الكهربائية والإلكتروليتات تعمل معًا بشكل جيد وتولد مستويات عالية من الطاقة بكفاءة، دون المساس بجانب السلامة أو الجوانب الأخرى لتصميم البطارية.

كان التحدي الآخر هو أن البطاريات يجب أن تلبي متطلبات المستهلكين المحفوفة بالتحديات، المتمثلة في استيفاء جملة معايير في وقت واحد مثل الطاقة العالية وكثافة الطاقة، وطول مدة التشغيل، والعمر الطويل، وانخفاض التكلفة والسلامة العالية، مع سهولة إعادة التدوير أيضًا[14].

 

رحلة الصعود

على مدار العقدين الماضيين، ظهرت بطاريات الليثيوم أيون كبطارية مفضلة لمعظم السيارات الكهربائية، بفضل أدائها العالي وكفاءتها وسلامتها مقارنة بالبطاريات التقليدية. لكن التكلفة الباهظة بقيت حجر عثرة في طريق ظهورها إلى العلن، وعلى الرغم من أن الأداء كان أفضل من البطاريات التقليدية، إلا أنه لم يكن قريبًا من جودة محركات الاحتراق الداخلي.

تستخدم بطاريات الليثيوم أيون، التي تم اختراعها منذ حوالي 30 عامًا، أيونات الليثيوم كوسيط بين الكاثود والأنود، وتمتاز بأنها أخف وزنا وأكثر إحكامًا من الأنواع السابقة من البطاريات القابلة لإعادة الشحن، فضلًا عن قدرتها على الاحتفاظ بشحنها لفترة أطول، وهي موجودة الآن في كل شيء تقريبا بدءً من الهواتف المحمولة إلى أجهزة الكمبيوتر المحمولة – وحتى السيارات الكهربائية، وقد فاز العلماء الثلاثة الذين يرجع إليهم الفضل في تطورها بجائزة نوبل للكيمياء مؤخرًا في أكتوبر 2019.

واليوم، يتوفر جيل جديد من بطاريات الليثيوم أيون لها تأثير كبير على التنقل الكهربائي والقطاعات الأخرى بفضل قدرتها على تخزين كمية كبيرة من الطاقة في بطارية صغيرة ومحكمة وقابلة لإعادة الشحن مرارًا وتكرارًا.

على سبيل المثال، طرحت جنرال موتورز طرازها المسمى «فوكسهول كورسا-إي» (Vauxhall Corsa E)، وهي سيارة ركاب صغيرة تم إصدارها في المملكة المتحدة في أبريل 2019، يبلغ مداها 209 أميال[15]، وتكفي بطاريتها للقيادة بين لندن ومانشستر بشحنة واحدة. يمكن لبعض السيارات الكهربائية المتطورة أن تذهب إلى أبعد من ذلك بشحنة واحدة. ومن المتوقع أن تطلق شركة «ريفيان» (Rivian) الأمريكية الناشئة للسيارات الكهربائية سيارتها «آر تي 1» (RT1) المزودة ببطارية سعتها 180 كيلوواط/ساعة ويمكنها السفر 410 أميال بشحنة واحدة – وهو ما يكفي للسفر من مانهاتن إلى مونتريال، أو من أبوظبي إلى مسقط.

كما تخطط تويوتا، التي كانت رائدة في سوق السيارات الكهربائية الهجينة بطرحها سيارة بريوس الأكثر مبيعاً وتحقيقها تقدماً مذهلاً في المركبات التي تعمل بالوقود الهيدروجيني، لإطلاق 10 مركبات كهربائية في أوائل العقد الثاني من هذا القرن، بدءًا من الصين قبل طرحها في اليابان والهند والولايات المتحدة وأوروبا. وتسعى تويوتا إلى بيع 5.5 مليون سيارة مكهربة بحلول عام 2025[16].

يبدو أن التقدم التكنولوجي الذي تم إحرازه على مدى السنوات القليلة القادمة من شأنه أن يدفع السوق إلى أبعد من ذلك، فقد أسفرت الدراسة التي أجرتها شركة «بي دي او» (BDO) للمحاسبة أن أكبر 20 شركة لتصنيع السيارات في العالم أنفقت 86 مليار دولار أمريكي على البحث والتطوير في عام 2018، مقارنة  بـ 82 مليار دولار أمريكي في العام السابق[17]، لا لشيء سوى لتسريع مسار التحول نحو السيارات الكهربائية وذاتية القيادة، مع العلم أن هذا الرقم لا يشمل العديد من صانعي السيارات الصغيرة الذين يركزون بشكل حصري أو بصورة أساسية على إنتاج السيارات الكهربائية.

ولا بد هنا من الإشارة إلى أن الكثير من الزخم الابتكاري الذي يحيط بالبطاريات يتعلق أساسًا بالمواد المستخدمة في بنائها، حيث يعكف باحثو البطاريات على تجربة مكونات ومواد كيميائية مختلفة باستمرار لجعل البطاريات أرخص وأكثر كثافة وأخف وزنا وأكثر قوة واستدامة. وتركز الأبحاث بصفة خاصة على ما يسمى “الجيل التالي” من بطاريات أيون الليثيوم. فقد قدمت تسلا، على سبيل المثال، براءة اختراع لبطاريات الليثيوم أيون المحسنة (additive-enriched lithium-ion batteries)، التي تمتاز بعمر أطول بكثر من الجيل الأول[18]. ويقال إن الشركة تعكف أيضًا على تطوير بطاريات بها كاثودات مصنوعة من فوسفات الليثيوم والحديد (LiFePO4)[19]، وخالية تمامًا من الكوبالت، وهي مادة مكلفة ومدمرة بيئياً. تتميز بطاريات فوسفات حديد-ليثيوم (LFP) أيضًا بمعدلات شحن وتفريغ أعلى وعمر أطول من خلايا أيونات الليثيوم التقليدية.

بطارية أكثر أمانًا وقوة

يبحث العلماء حاليًا عن طرق لرفع إمكانات بطاريات أيونات الليثيوم عن طريق مجموعات جديدة من المواد عالية الفعالية[20]. ففي عام 2019، أعلنت شركة «آي بي ام ريسيرش» (IBM Research) أنها اكتشفت صيغية كيميائية جديدة لبطارية أكثر استدامة وخالية تمامًا من المعادن الثقيلة مثل النيكل والكوبالت، ويُتوقع أن تتفوق على تقنية أيونات الليثيوم. وتدعي شركة «آي بي ام» أن جميع المواد المستخدمة في هذه البطارية يمكن استخلاصها من مياه البحر، مما يقلل بشدة من التأثير البيئي للبطارية.

وثمة مجال آخر يركز عليه العلماء أبحاثهم في تقنيات البطاريات التي تستخدم إلكتروليت “جاف” وغير قابل للاشتعال بدلاً من الشكل السائل. يعتقد الكثيرون أن مستقبل البطاريات يتجسد في هذه البطاريات الجافة التي تتميز بمعدل أكبر من السلامة والأداء.

وفي فبراير 2020، أعلنت مرسيدس بنز عن شراكة مع شركة الكهرباء العامة في مقاطعة كيبيك «هيدرو كيبيك» الكندية (Hydro-Québec) لتطوير جيل آخر من بطاريات الليثيوم المزودة بإلكتروليت صلب وغير قابل للاشتعال[21].  كانت «هيدرو كيبيك» قد اعلنت في يناير من نفس العام عن شراكة منفصلة مع جامعة تكساس ورائد بطاريات الليثيوم أيون (والفائز بجائزة نوبل) جون جودنو، لتسويق بطارية صلبة ذات إلكتروليت زجاجي[22].

وبالمثل، في فبراير 2020، أعلنت تويوتا عن مشروع مشترك مع عملاق الإلكترونيات باناسونيك، لتصنيع وإنتاج بطاريات أيونات الليثيوم المنشورية للسيارات الكهربائية، بالإضافة إلى حلول متقدمة لتخزين الطاقة مثل البطاريات الصلبة[23].

وفي مارس 2020، أعلن باحثون من معهد سامسونج المتقدم للتكنولوجيا (Samsung Advanced Institute of Technology) ومعهد سامسونج للبحث والتطوير (Samsung R&D Institute Japan) الياباني عن نجاحهم في تصنيع بطارية صلبة يمكنها تزويد السيارات الكهربائية بطاقة تمكنها من السير لمدى يبلغ 500 ميل (800 كم) بشحنة واحدة. وقال فريق البحث أن النموذج الأولي للبطارية يتمتع بدورة حياة تزيد عن 1000 شحنة[24]، ويلبي متطلبات السلامة العامة.

وثمة نهج آخر مختلفًا قليلاً في ابتكار السيارات الكهربائية، وهو من تصميم شركة «ريفيان» (Rivian) الناشئة في الولايات المتحدة، التي تُعد شركة  عبد اللطيف جميل من أوائل المستثمرين فيها. وتعتزم «ريفيان» طرح خياريّن مختلفيّن لمجموعة منتجاتها، الأول عبارة عن بطارية ليثيوم أيون سعتها 105 كيلو واط ساعي بمدى اسمي يبلغ حوالي 190 ميلاً، والخيار الثاني هو بطارية ضخمة بقوة 180 كيلوواط ساعي يمكنها تشغيل السيارات لأكثر من 400 ميل.  ورُغم أن العديد من العملاء الأوائل يتطلعون بفارغ الصبر إلى وصول هذه السيارات الكهربائية ذات القدرة العالية، فإن العبقرية الحقيقية لـ «ريفيان» لا تكمن فقط في البطاريات، ولكن أيضًا في الهيكل المبتكر الذي يشبه “لوح التزلج”.

وهذا يشمل المحركات الرباعية للسيارة، ونظام التعليق الهوائي المستقل ونظام التحكم الهيدروليكي، بالإضافة إلى بطارية ليثيوم أيون[25].  يشتمل تصميم ريفيان المرن أيضًا على نظام ذكي لإدارة البطاريات، والذي يستخدم الذكاء الاصطناعي لإطالة عمر البطارية في كل مركبة.  سوف يستكشف الذكاء الاصطناعي كيف يقوم الملاك الجدد بقيادة سياراتهم وشحنها قبل تعديل المؤشرات المختلفة من أجل زيادة طول العمر.  تشير الأبحاث إلى أن استراتيجيات الشحن الأكثر ذكاءً – المخصصة لكل مالك فردي – يمكن أن تزيد من عمر بطارية ريفيان لما يصل إلى ثلاث مرات[26].

مستقبل واعد!

حتى في الوقت الذي يعلن فيه اللاعبون الرئيسيون عن سلسلة من ابتكارات البطاريات، فإن الأبحاث الجديدة القادمة من المختبرات والشركات الناشئة المتخصصة في جميع أنحاء العالم تدفع حدود تكنولوجيا البطارية إلى آفاق غير مسبوقة.

على سبيل المثال، طور باحثون في جامعة ولاية بنسلفانيا[27] في الولايات المتحدة تقنية يمكنها توفير أكثر من 200 ميل من الشحن في أقل من 10 دقائق.  باستخدام نقطة شحن عادية في المنزل – عادة ما تستغرق السيارة الكهربائية العادية حوالي ثماني ساعات للشحن من الوضع الفارغ إلى الممتلئ[28].

يقول الدكتور تشاو يانغ وانغ[29]، الذي قاد البحث: «إذا كانت لدينا بنية تحتية للشحن السريع في كل مكان على جانب الطريق، فلن يحتاج السائقون إلى القلق بشأن المسافات التي يمكن أن يقطعونها بسياراتهم الكهربائية. بعد قيادة لمسافة 200-300 ميل لكل شحنة، يمكن للمرء أن يسير إلى 200-300 ميل أخرى بشحنه واحدة لا تتجاوز مدتها 10 دقائق»

كانت إيتشيون تكنولوجيز (Echion Technologies)، وهي شركة ناشئة مقرها في كامبريدج بالمملكة المتحدة، قد أعلنت في فبراير إنها طورت طرازًا جديدًا عالي السعة من بطاريات الليثيوم يمكن شحنه في 6 دقائق فقط[30].  لكن المدهش هو ما أعلنه فريق من الباحثين في كوريا الجنوبية في الشهر نفسه من أنه نجح في تطوير أنود من السيليكون يمكنه شحن 80٪ من البطاية في 5 دقائق فقط[31].

الأسعار تنخفض مع ارتفاع الطلب

يتوقع خبراء مؤسسة بلومبرغ لتمويل الطاقة الجديدة (BloombergNEF) زيادة الطلب السنوي على بطاريات الليثيوم أيون للسيارات الكهربائية بشكل كبير خلال العقد القادم، خاصة بعد أن تصل سعتها إلى 1,748جيجاوات في الساعة سنويًا بحلول عام 2030 [32] – بلغ إجمالي الطلب على البطاريات في جميع التطبيقات 180 جيجا وات في الساعة فقط في 2018[33] .

ومن المتوقع أن تمثل سيارات الركاب والمركبات التجارية مجتمعة حوالي 83٪ من الطلب العالمي على البطاريات بحلول عام 2030[34].

ومع ارتفاع الطلب على تكنولوجيا البطاريات، من المتوقع أن تنخفض التكلفة من 176 دولارًا أمريكيًا / كيلووات ساعة في عام 2019 إلى 87 دولارًا أمريكيًا / كيلووات ساعة في عام 2025 و62 دولارًا أمريكيًا / كيلووات ساعة في عام [35]2030، وهو ما سيساعد في جعل السيارات الكهربائية أكثر جاذبية الأسواق العامة.

شكلت البطارية أكثر من 57٪ من إجمالي تكلفة سيارة متوسطة الحجم مصنوعة في الولايات المتحدة في عام 2015.  لكن هذا الرقم لم يتجاوز 33% في عام 2019، وبحلول عام 2025، ستشكل البطارية 20٪ فقط من السعر الإجمالي[36].

ويتوقع خبراء شركة «ديليوت» (Deloitte)، أن يكون عام 2022 “عامًا متميزًا” عندما يحقق سعر امتلاك المركبات الكهربائية وتشغيلها نقطة التعادل السعري مع المركبات المسيرة بمحركات الاحتراق الداخلي. “عندما يأتي اليوم الذي لا تصبح فيه التكلفة حاجزًا أمام الشراء، ستصبح السيارات الكهربائية خيارًا واقعيًا وعمليًا لكل من يرغب في اقتناء سيارة جديدة[37].”

إذا ما صدقت توقعات «ديليوت»، وتمكنت السيارات الكهربائية من تبديد شكوك المستهلكين لتصبح المركبات المسيطرة على الطرق وفي مواقف السيارات في جميع أنحاء العالم، فلا شك أن الفضل في ذلك سيرجع إلى حد كبير إلى التطور الهائل في تكنولوجيا البطاريات – كونها الصندوق الأسود الغامض الذي يعتبر المحفز الأساسي لتعظيم إيصال الطاقة إلى السيارة، والطمأنينة للمالك والربح للشركة المصنعة.

 

[1] https://www.iea.org/reports/renewables-2019/transport

[2] https://www.unenvironment.org/news-and-stories/story/gearing-change-transport-sector-feels-heat-over-emissions

[3] https://www.unenvironment.org/news-and-stories/story/gearing-change-transport-sector-feels-heat-over-emissions

[4] https://www.bbc.com/news/science_and_environment 5026707

[5] http://www3.weforum.org/docs/WEF_A_Vision_for_a_Sustainable_Battery_Value_Chain_in_2030_Report.pdf

[6] https://ec.europa.eu/environment/integration/research/newsalert/pdf/towards_the_battery_of_the_future_FB20_en.pdf

[7] https://www.iea.org/topics/tracking-clean-energy-progress

[8] https://www.iea.org/reports/global-ev-outlook-2019

[9]https://www.mckinsey.com/~/media/mckinsey/industries/automotive%20and%20assembly/our%20insights/the%20road%20ahead%20for%20e%20mobility/the-road-ahead-for-e-mobility-vf.ashx

[10] https://www.iea.org/data-and-statistics/charts/electric-car-market-share-in-the-sustainable-development-scenario-2000-2030

[11] https://about.bnef.com/electric-vehicle-outlook/

[12] https://www.gov.uk/government/statistics/public-attitudes-towards-electric-vehicles-20162016

[13] https://ec.europa.eu/environment/integration/research/newsalert/pdf/towards_the_battery_of_the_future_FB20_en.pdf

[14] https://www.nature.com/articles/nmat4777

[15] https://www.vauxhall.co.uk/cars/new-corsa/electric.html

[16] https://www.toyota-europe.com/world-of-toyota/feel/environment/better-air/electric-vehicle

[17] https://www.bdo.co.uk/en-gb/news/2019/top-20-carmakers-r-d-spend-tops-70bn-in-a-year

[18] https://www.businessinsider.com/million-mile-battery-tesla-miles-lifetime-2019-11?r=US&IR=T

[19] https://www.reuters.com/article/us-tesla-china-electric-exclusive/exclusive-tesla-in-talks-to-use-catls-cobalt-free-batteries-in-china-made-cars-sources-idUSKBN20C0RP

[20] https://www.saftbatteries.com/media-resources/our-stories/three-battery-technologies-could-power-future

[21] http://news.hydroquebec.com/en/press-releases/1580/hydro-quebec-partners-with-mercedes-benz-on-development-of-solid-state-battery-technologies/

[22] https://spectrum.ieee.org/energywise/energy/batteries-storage/john-goodenough-glass-battery-news-hydroquebec

[23] https://global.toyota/en/newsroom/corporate/31477926.html

[24] https://news.samsung.com/global/samsung-presents-groundbreaking-all-solid-state-battery-technology-to-nature-energy

26] https://rivian.com/technology/

[27] https://news.psu.edu/story/594641/2019/10/30/research/and-out-10-minute-electrical-vehicle-recharge

[28] https://pod-point.com/guides/driver/how-long-to-charge-an-electric-car

[29] https://www.theguardian.com/environment/2019/oct/30/electric-cars-could-be-charged-in-10-minutes-in-future-finds-research

[30] https://echiontech.com/news.php

[31] https://www.eurekalert.org/pub_releases/2020-02/nrco-krd022120.php

[32] https://about.bnef.com/electric-vehicle-outlook/

[33] http://www3.weforum.org/docs/WEF_A_Vision_for_a_Sustainable_Battery_Value_Chain_in_2030_Report.pdf

[34] http://www3.weforum.org/docs/WEF_A_Vision_for_a_Sustainable_Battery_Value_Chain_in_2030_Report.pdf

[35] https://www.bloomberg.com/opinion/newsletters/2019-04-12/electric-vehicle-battery-shrinks-and-so-does-the-total-cost-juebizw9

[36] https://www.bloomberg.com/opinion/newsletters/2019-04-12/electric-vehicle-battery-shrinks-and-so-does-the-total-cost-juebizw9

[37] https://www2.deloitte.com/content/dam/Deloitte/uk/Documents/manufacturing/deloitte-uk-battery-electric-vehicles.pdf