لا شيء يعوق تطلعاتنا
معاد نشره من شركة جميل لإدارة الاستثمار JIMCO ،الذراع الاستثماري لعائلة جميل
باتت مدن اليوم أكثر ازدحاما من أي وقت مضى، وأصبحت وسائل النقل البري، كالسيارات والشاحنات الصغيرة والدراجات النارية، تشغل مساحة متزايدة من المدن، مؤدية إلى المزيد من الازدحام والضوضاء والتلوث، ومخلفة العديد من المخاطر المتعلقة بالأمان والسلامة. وهنا نتسائل: هل من الممكن أن يمثل النقل الجوي الذي يعتمد على الطاقة الكهربائية حلاً لهذه المشكلة، وأن يأخذنا إلى نموذج للتنقل الحضري أكثر مراعاة للبيئة وأكثر هدوءاً واستدامة وأقل صخباً؟
لأول مرة في تاريخنا، يفوق عدد سكان الحضر سكان المناطق الريفية. ومن المتوقع خلال العقود الثلاثة القادمة أو نحو ذلك، أن يشهد العالم طفرة سكانية ستقتصر بشكل حصري على المدن والمناطق الحضرية. ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، من المتوقع أن يرتفع عدد سكان الحضر من حوالي 4.4 مليار اليوم إلى حوالي 6.7 مليار في عام 2050.[1]
أضف إلى ذلك المعدلات المتزايدة لتملك السيارات الخاصة عالميا، لا سيما في الأسواق التي تشهد نموا مرتفعا مثل الصين والهند، وزيادة الاستثمارات في البنية التحتية لمنظومة النقل العام، ويشمل ذلك القطارات والترام والحافلات. كل ذلك يجعل بيئاتنا الحضرية أكثر صخباً وازدحاماً من أي وقت مضى. لا شك أن حلول النقل الخضراء – والتي تشمل السيارات أو الحافلات أو عربات الترام الكهربائية تسهم في الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، إلا أن تلك الحلول لا تزال مسؤولة عن الازدحام والضوضاء تماماً كما هو الحال مع استخدام الوقود الحفري.
إن نقل الأشخاص والبضائع جواً بعيداً عن مراكزنا الحضرية المزدحمة بواسطة طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية شبه الصامتة (eVTOL) من شأنه أن يغير مدننا، وأن يجعلها أكثر هدوءاً وأماناً و أكثر مراعاة للبيئة.
ومن الممكن أن تصبح المجتمعات الريفية النائية، والتي قد تبعد حتى 50 ميلاً من المراكز السكانية الرئيسية، أماكن أكثر ملاءمة للعيش، بغض النظر عن حالة الطرق بينهما. وسيصبح بإمكانك أن تسكن حيث تريد، وليس حيث يتعين عليك. كما أن المجتمعات المعزولة قد تصبح أكثر ترابطاً، وستستفيد من وصول الإمدادات الطبية والغذائية إليها بشكل أسهل.
وفي عالم مثل هذا العالم الذي نحيا فيه، يهيمن عليه نموذج النقل البري، يصبح التفكير في حلول بديلة درباً من الخيال العلمي؛ أو درباً من الأحلام غير الواقعية التي لا يمكن أن تتحقق. لكن إذا نظرت عن كثب ستجد أن التكنولوجيا الخاصة بالعديد من تطبيقات الطيران الكهربائي متاحة بالفعل وجاري تطوير المزيد منها، كما أن النموذج الاقتصادي أصبح في متناول الأيدي. ويتوقع البحث الذي أجرته مؤسسة مورجان ستانلي[2] أن تبلغ قيمة سوق النقل باستخدام طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية 9 تريليونات دولار أمريكي بحلول عام 2050، لتتفوق بذلك على النقل البري. كما يؤكد البحث أن الأمر لا يتعلق بما إذا كان النقل الجوي سيهيمن على الساحة ام لا، ولكن بتوقيت حدوث ذلك.
نقل الركاب
يعد التاكسي الطائر بالفعل جزءاً من الرحلات اليومية إلى العمل بالنسبة إلى مئات الأشخاص في أكثر مدن العالم ازدحامًا[3]. حيث يدفع المسافرون الأثرياء الذين يأتون إلى ساو باولو من الريف البرازيلي، أو ينتقلون بين هونغ كونغ وماكاو، أو من جزيرة اصطناعية إلى ناطحة سحاب في دبي، يدفعون آلاف الدولارات للطيران فوق الاختناقات المرورية والإبحار عبر السماء إلى وجهاتهم.
والآن، توفر التكنولوجيا المتطورة إمكانية النقل الجماعي أعلى الطرق بواسطة طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية وبأسعار من المنتظر أن تصبح في متناول الغالبية العظمى.
لا يزال الكثيرون مترددين فيما يتعلق بإمكانية الذهاب إلى العمل باستخدام الطائرة. . . في الوقت الحالي، لكن البحث الذي أجرته مؤسسة ماكنزي[4] وجد أن معدل التردد يتراجع مع زيادة الازدحام على الطرق. فالهند، التي تعاني من أسوء حركة مرور مقارنة بأي دولة أخرى تقريبًا، هي الأكثر تقبلاً لفكرة النقل الجوي، حيث أكد ما بين 31٪ و 47٪ من المشاركين في الاستطلاع إنهم مستعدون للتجربة – حسب الغرض. وقد كان التنقل ورحلات العمل والنقل من وإلى المطار ضمن أكثر الاغراض التي ذكرت.
تعد شركة جميل لإدارة الاستثمار (JIMCO) واحدة من كبار المستثمرين الذين يسهمون في المضي قدما فيما يمكن إنجازه في هذا القطاع الرائع. فإلى جانب شركة تويوتا موتور، وهي شريكة منذ فترة طويلة لشركة عبد اللطيف جميل، وشركة إنتل كابيتال وشركة جيت بلو تكنولوجي فينتشرز، كانت شركة جميل لإدارة الاستثمار (JIMCO) من أوائل المستثمرين في جوبي أفييشن والتي يقع مقرها الرئيس في ولاية كاليفورنيا، والتي تعد واحدة من أكثر الشركات تقدمًا في مجال صناعة طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية eVTOL. وتضم قائمة المستثمرين الآخرين في الشركة كل من أوبر ومجموعة كابريكورن للاستثمار (وهم الداعمين الرئيسيين لشركة تسلا وسبيس إكس).
ويأتي هذا المشروع متماشيا مع نهج صندوق التكنولوجيا التابع لشركة جميل لإدارة الاستثمار، وهو النهج الذي يهدف إلى القيام باستثمارات استراتيجية في مجال مستقبل التنقل. كما تتمتع عائلة جميل بسجل حافل بصفتها مستثمر يدعم الشركات الناشئة الابتكارية في مجال صناعة النقل المتطورة، ونقل الخبرات الإقليمية طويلة الأمد والنفاذ إلى شبكات عالمية من الشركاء.
والجدير بالذكر أن طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية من طراز”إيفتول” من شركة جوبي قد تم تصميمها بغرض نقل أربعة ركاب وطيار بسرعة تزيد عن 200 ميل في الساعة لأكثر من 100 ميل، وذلك من أجل أن يتم استخدامها كتاكسي سريع. وتعتبر جوبي أول شركة تحصل على شهادة الصلاحية للطيران من قبل القوات الجوية الأمريكية، وهو ما منحها ميزة كبيرة فيما يتعلق بإمكانية اختبار التقنية التي تستخدمها في الطيران، وفي عام 2021، استطاعت الشركة أن تجتاز الاختبارات التي يتم اجراؤها في وكالة ناسا للفضاء.
وشركة جوبي ليست الوحيدة التي تتسابق من أجل إنتاج وسائل النقل التي تعمل بالبطاريات. فقد انضمت إليها شركات أخرى مثل شركة “إيف” التابعة لشركة “إمبراير” عملاق صناعة الطيران وشركة فولوكوبتر، والتي تتخذ من ألمانيا مقراً؛ وبرنامج سيتي ايرباص نيكست جين التابع لاتحاد شركات ايرباص الفرنسي، والشركة الإسرائيلية الناشئة “يوربان إيروناتيكس“، وذلك على سبيل المثال لا الحصر. وهؤلاء هم القادة الذين ينيرون الطريق في مجال تغيير وسائل نقل الركاب.
نقل البضائع
ولن يقتصر جني ثمار حلول النقل الجوي الجديدة على نقل الركاب وحسب. فحركة المرور معطلة والطرق مكدسة بسبب الشاحنات الصغيرة والدراجات البخارية التي تقوم بنقل البضائع. فهل يمكن أن يساعد النقل الجوي في تخفيف هذا العبء عن شوارعنا متى تتجلى ايجابيات النقل الجوي المتقدم ؟
تقوم غالبية الشركات الناشئة وشركات الطيران القائمة التي تعمل على مركبات النقل الجوي المتقدم وطائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية بتطوير حلول لنقل الركاب. لكن يبدو أن البضائع والشحن الخفيف والتوصيل للمنازل مرشحة بقوة للاستفادة من ايجابيات النقل الجوي الآلي أيضا.
ففي المملكة المتحدة، تقوم مركبات التوصيل الصغيرة ذاتية القيادة وذات العجلات التي تصنعها ستار شب، التي تم تأسيسها في سان فرانسيسكو عام 2014، تقوم بالفعل بعمليات التوصيل في عدد من الجامعات في الولايات المتحدة وشوارع ميلتون كينز ونورثامبتون، ولكن الطيران يرتبط بالمزيد من المتطلبات الهندسية المتطورة ومعايير السلامة الصارمة.
وقد تم الإعلان عن خدمة برايم آير التي تقدمها شركة آمازون[5] في عام 2016، ولكن لم يتم بعد القيام بالتوصيل خارج منطقة تجريبية صغيرة في كامبريدج بإنجلترا. ومع ذلك، فإن سكان بانبريغان، وهي بلدة صغيرة في أيرلندا تقع على بعد أميال قليلة شمال دبلن، معتادون الآن على وصول القهوة والمعجنات والخضروات والوجبات السريعة مصحوبة بأزيز المروحيات الخافت بدلاً من صخب الدراجات البخارية.
من ناحية أخرى، ظلت شركة “ماننا” الأيرلندية تعمل لسنوات على تطوير خدمة التوصيل باستخدام طائرات بدون طيار هناك وفي جالواي الواقعة في الجنوب، وهي تستعد للتوسع في جميع أنحاء أوروبا، حيث تمتلك بالفعل تراخيص طيران. يذكر أن تلك الطائرات تقوم بالتوصيل خلال ثلاث دقائق طيران أو أقل، ويمكن أن تقوم بتنفيذ عشر عمليات توصيل في الساعة، مقابل عمليتين أو ثلاث تقوم بها الدراجة البخارية.
في الوقت نفسه تستخدم “زيبلاين“، ويقع مقرها أيضا في سان فرانسيسكو، طائرات صغيرة ذاتية القيادة تسميها “زيبيس” (ذات الأزيز) بدلاً من طائرات الهليكوبتر للقيام بعمليات التوصيل. وتقوم طائراتها – التي تحلق بدون طيار – بتوصيل الدم والإمدادات الطبية إلى 350 مركزاً طبياً في المناطق الريفية برواندا[6]، وهي أماكن غالبًا ما كان يتعذر على السيارات الوصول إليها في معظم الأوقات.
وفي الوقت الحالي، يتم تنفيذ 75 في المائة من عمليات إمدادات الدم في رواندا التي يتم توصيلها خارج العاصمة كيجالي عن طريق الجو على متن إحدى الطائرات بدون طيار التابعة لشركة “زيبلاين”، ويمكن اتمام عمليات التسليم في غضون 30 دقيقة، والتي كان من الممكن أن تستغرق عدة أيام عن طريق البر – ذلك إن أمكن القيام بها في الأصل. وتقوم الشركة بالتوسع في جميع أنحاء إفريقيا، وذلك بفضل العقد الذي تم إبرامه مع شركة وول مارت بالولايات المتحدة الأمريكية.
طفرة البطاريات
وحتى الآن، تعد تقنية البطاريات العامل المقيد لتحديد حمولة طائرة التوصيل بدون طيار، وكذا المسافة. ولا تزال الحمولات التي تزيد عن كيلوجرامين تتجاوز قدرة معظم الطرازات. على الرغم من ذلك، تقوم شركة “فلاينج باسكيت” في إيطاليا بتجربة حمولات 100
كجم ولمسافات تصل إلى 10 كم، إلا أن حمولة الـ 2 كجم تمثل الغالبية العظمى من الطرود وعمليات توصيل الطعام الجاهز التي تتم اليوم.
ووفقا لتقديرات إيلون ماسك المدير التنفيذي لشركة تسلا، يجب أن تتجاوز طاقة البطارية 400 وات/ ساعة لكل كيلوجرام حتى تصبح طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية مجدية اقتصاديًا[7]. وتصل القدرة الحالية لبطاريات تسلا موديل 3 إلى 260 وات/ ساعة لكل كيلوجرام[8]. وقد قام باحثون في المعهد الوطني لعلوم المواد في اليابان بصناعة بطاريات ليثيوم-هواء تسع إلى ما يصل إلى 500 وات/ساعة لكل كيلوجرام[9]، وهم يعملون في الوقت الحالي على تحسين قابلية إعادة الشحن واعتمادية تقنيتهم.
ويمكن لشاحنات التوصيل الكبيرة المجهزة بأساطيل من طائرات التوصيل ذاتية القيادة الصغيرة والمتوسطة الحجم أن تقوم بتوصيل عدد كبير من الطرود بكفاءة أكبر مقارنة بالنموذج الحالي الذي يقوم على إيقاف الشاحنة عند كل عملية تسليم. ويمكن أن تساعد البطاريات ذات السعة الكبيرة الموجودة في الشاحنة في عملية الشحن السريع للطائرات ذاتية القيادة لإطالة مدة طيرانها المحتملة دون الحاجة إلى العودة إلى مركز الشحن. وبينما لا تزال عمليات الشحن الثقيل على بعد عقود من الآن، تمثل العمليات اللوجيستية سوقاً ضخما محتملا ويمكن أن تكون السبيل للمزيد من الاعتماد للرحلات القصيرة.
وقد تبين أن المستهلكين أيضأً متقبلون للتغيير. فعندما تم سؤالهم عن مخاوفهم فيما يتعلق بعمليات التوصيل باستخدام طائرات بدون طيار، وضع أقل من 12٪ من الذين شملهم الاستطلاع قيام شخص بتوصيل الطرد الخاص بهم ضمن أهم ثلاثة عوامل، بينما قال 74٪ من المشاركين في الصين أنهم سيدفعون مبلغاً إضافياً حتى يتم التوصيل بشكل أسرع بواسطة الطائرات ذاتية القيادة[10].
تحديات البنية التحتية
وتمامًا كما هو الحال مع السيارات الكهربائية، من المنتظر أن يضع النقل الجوي المتقدم ضغوطاً على البنية التحتية الكهربائية، والتي لم يتم تصميمها في الأساس من أجل هذا الغرض، ولكن ذلك ليس بالتحدي الذي لا يمكن التغلب عليه. من ناحية أخرى، يجب أن تكون أماكن الهبوط في منطقة مرتفعة قدر الإمكان حتى يتم خفض التكاليف بحيث يمكن أن يكون النقل الجوي المتقدم نقلاً جماعياً حقيقاً.
وتقترح مؤسسة ماكينزي ثلاثة أنواع من أماكن الهبوط:
- Vertihubs، وهي هياكل جديدة يتم بناؤها لهذا الغرض ويكون بها عدد كبير من منصات الهبوط فضلا عن محال للبيع بالتجزئة للركاب.
- Vertibases، والتي يمكن أن تكون مبانٍ جديدة أو يمكن أن تكون ملحقات بأسطح المنازل الكبيرة أو مواقف السيارات الموجودة بالفعل ولديها مساحة لثلاث منصات هبوط وبعض مساحات التخزين.
- Vertipods، ذات منصة هبوط واحدة فقط، وهي وفقا للتصور عبارة عن مرفق شخصي يقع على أرض خاصة، أو يخدم موقعاً ريفياً بعيداً أو ضاحية صغيرة.
وسنحتاج هنا إلى مراكز شحن لأجهزة طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية التي تعمل بالبطاريات. ومن الممكن أن تستخدم الرحلة طاقة أكبر من النقل البري، ويجري الآن بالفعل تطوير مرافق شحن سريعة جداً للشاحنات الكبيرة والحافلات التي يمكنها شحن الطائرات ذاتية القيادة على الطريق، وهو ما يسمى ب”الشحن السريع”. ولا يمكن لأي شبكة كهرباء حالية أن تستوعب شحن 1 ميجاوات أو 2 ميجاوات موصولة مباشرة بالتيار الكهربائي، ولكن يمكن شحن مرافق التخزين الموزعة في كل محور هبوط ببطء عبر خطوط الكهرباء العادية، ثم تفريغها بسرعة كبيرة في بطاريات طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية. وسيؤدي ذلك إلى تقليل تكلفة رفع قدرة الشبكات وجعل منصات الهبوط المنعزلة ممكنة، مما يوسع نطاق النقل الجوي بشكل جيد خارج حدود المدينة.
ووفقاً للحسابات التي قامت بها مؤسسة ماكينزي، فإن المدينة التي يوجد بها من 85 – 100 منصة هبوط موزعة حول مراكز النقل الرئيسة والمناطق السكنية البعيدة ستتطلب أن يقوم الناس بما يقرب من 2200 رحلة يوميًا – أي ما يعادل رحلة واحدة في الساعة من كل منصة – كي تصبح الرسوم المطلوبة من كل مسافر متماثلة تقريبا مع الرحلة التي تتم بواسطة الليموزين بسعر 50 دولاراً أمريكياً إلى 75 دولاراً أمريكياً للفرد.
ومن أجل خفض التكلفة كي تصبح أقرب إلى تكلفة استخدام وسائل النقل الجماعي الحالية مثل سيارات الأجرة، يجب أن تستوعب الشبكة ما يقرب من 10،000 رحلة يومياً – أي بمعدل رحلة واحدة كل خمس دقائق من كل منصة في أوقات الذروة – وهو ما سيكون من الصعب تحقيقه بالنظر إلى اجراءات الأمان والسلامة التي تتطلبها الرحلات. وتسلط مؤسسة ماكنزي الضوء أيضاً على عدد من العوامل الأخرى التي يمكن أن تكون جد مهمة فيما يتعلق بجدوى حلول النقل الجوي المتقدم، والتي تشمل: الحاجة إلى تحقيق التحول السريع، بما في ذلك الشحن السريع للمركبات؛ ومصادر الدخل الإضافية للمشغلين – مثل منافذ البيع بالتجزئة في منصات الـ vertihubs -؛ودعم القطاع العام؛ وحلول البنية التحتية التي من شأنها خفض تكلفة بناء المنصات وحلول الطاقة الابتكارية.
وكما هو الحال في مراكز شحن السيارات، التي تشمل على سبيل المثال مركز “جريدسيرف” في أسيكس – المملكة المتحدة[11]، يمكن لمجموعات الألواح الشمسية المخصصة والمتصلة بمراكز طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية eVTOL بواسطة شبكات أسلاك خاصة أن تقلل الضغط على الشبكة ومحطات الطاقة التي تعمل بالغاز والنفط عالي الكربون بشكل أكبر، وهو ما يجعل النقل الجوي الخالي من الكربون أمراً حقيقياً، ويدعم جدواه الاقتصادية.
رخصة للطيران
تتطلب جميع طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية المخصصة للركاب (eVTOL)، والتي تكاد تقترب من مرحلة الطرح في الأسواق، طيارين بشريين[12]. وما من دولة تسمح لوائحها بانطلاق رحلات جوية للركاب بطائرات ذاتية القيادة. كما أنه ليس من المنتظر أن تجد هذه الخدمة في الوقت الحالي اقبالا من الجمهور حيث أن الرحلات الجوية الكهربائية – بالنسبة للكثيرين – تعكس تقنية لا تزال قيد التجارب.
ومن المنتظر أن يفتح ذلك مجالا كبيرا في سوق العمل لطياري الطائرات الهليكوبتر في المستقبل القريب. ويعتبر استخدام طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية eVTOLs أيسر مقارنة باستخدام طائرات الهليكوبتر التقليدية، وهو ما يسمح بتدريب الكثيرين. وبسبب طبيعة هذه التقنية، والتي تخدم رحلات قصيرة، من المنتظر أن تعتبر قيادة التاكسي الطائر وظيفة مناسبة للأسر؛ إذ ستسمح للطيارين بالعودة إلى ديارهم بعد نوبة عملهم، ناهيك عن خفض التكلفة وتوفير الفرص.
إدارة مرور المركبات الجوية العمودية بدون طيار لتسهيل التواصل بين أصحاب المصلحة الرئيسين
على الرغم من ذلك، ليس من المرجح أن تكون السماء المزدحمة في المدن مكاناً مناسباً للطيارين الهواة، لذلك يتطلع بعض المحللين إلى مستقبل يمتلك فيه المرء طائرته الخاصة ويكون مسئولا عن تسييرها. بل أنه من المنتظر أن تتحكم أنظمة السلامة والملاحة الآلية في الهواء، دون الحاجة إلى الطيارين البشريين على الإطلاق، وهو ما يؤدي إلى خفض التكاليف بشكل أكبر وزيادة معدلات الأمان والسلامة عما نراه حاليا في حركة المرور على الطرق[13]. وحالياً، تعد أنظمة إدارة حركة المرور آلياً (UTM) قيد التطوير وهي تعكس أحد صور التعاون بين تطبيق جدولة رحلة الطيران و”ناسا” في الولايات المتحدة الأمريكية [14]، الذي يهدف إلى التحكم في الطائرات التي تحلق على ارتفاع 400 قدم بدون طيار.
ليست دربا من الخيال
مع وجود منصات الهبوط التي تناولناها آنفاً، vertihubs و vertibases و vertipods، و أنظمة إدارة حركة المرور آليا (UTM)، ومرافق شحن الميل الأخير الخاصة بالحمولات الأصغر مثل “ماننا” و”زيبواير”، و طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية قصيرة المدى الخاصة لنقل الركاب مثل جوبي، يبدو أن تكنولوجيا النقل الجوي في طريقها إلينا. وتبدو الأمور الاقتصادية قابلة للتحقيق، فبالتخطيط الجيد، وحماس رواد الأعمال، والرقابة الصارمة على التكاليف والتعاون فيما يتعلق بالضوابط، يمكن أن يصبح النقل الجوي منتشراً مثل السيارات الكهربائية. ومع اعتياد الناس على فكرة الطيران، بدلاً من استخدام وسائل النقل البري التقليدية، ستتراجع المخاوف المتعلقة بالأمان، خاصة وأن شوارعنا ستصبح أكثر هدوءاً وأكثر ملاءمة للمشاة.
وبتوافر الموارد والتزام المستثمرين ذوي الرؤى المستقبلية مثل شركة عبد اللطيف جميل للإدرة JIMCO، ستظل التحديات التكنولوجية التي تشمل طاقة البطاريات ومصادر الطاقة المتجددة في مسارها التصاعدي إلى النقطة التي يمكن عندها الوصول إلى شحن الحمولات الثقيلة وشحن الحاويات عن طريق الجو لتكتمل ثورة النقل الجوي.
وخلال الثلاثين عامًا القادمة، ستصبح شوارعنا هادئة ونظيفة كما نحلم جميعاً، وسيكون النقل أسرع أينما نختار أن نعيش …
لا يمكننا الانتظار!
[1] https://www.un.org/development/desa/en/news/social/urbanization-expanding-opportunities-but-deeper-divides.html
[2] https://assets.verticalmag.com/wp-content/uploads/2021/05/Morgan-Stanley-URBAN_20210506_0000.pdf
[3] https://www.mckinsey.com/industries/travel-logistics-and-infrastructure/our-insights/taxiing-for-takeoff-the-flying-cab-in-your-future
[5] https://www.amazon.com/Amazon-Prime-Air/b?ie=UTF8&node=8037720011
[6] https://flyzipline.com/global-healthcare
[7] https://electrek.co/2020/08/25/tesla-elon-musk-batteries-enabling-electric-aircraft-coming/
[8] https://www.forbes.com/sites/jamesmorris/2021/09/04/this-company-has-the-battery-technology-to-beat-tesla/?sh=2582807e48f3
[9] https://www.sciencedaily.com/releases/2022/01/220120140724.htm
[10] https://www.sciencedaily.com/releases/2022/01/220120140724.htm
[11] https://www.gridserve.com/braintree-overview
[12] https://www.mckinsey.com/industries/travel-logistics-and-infrastructure/our-insights/commercial-drones-are-here-the-future-of-unmanned-aerial-systems
[13] https://www.mckinsey.com/industries/travel-logistics-and-infrastructure/our-insights/taxiing-for-takeoff-the-flying-cab-in-your-future
[14] https://www.faa.gov/uas/research_development/traffic_management/media/FAA_NASA_UAS_Traffic_Management_Research_Plan.pdf