بإستخدام التعلم المتعمق فريق عيادة عبد اللطيف جميل في MIT يكتشفون عقار جديد يمكنه قتل أنواع عديدة من البكتيريا المقاومة للمضادات
أعلن الباحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT عن اكتشاف مضاد حيوي جديد يمكنه قتل العديد من أقوى أنواع البكتيريا المسببة للأمراض في العالم، بما فيها بعض السلالات المقاومة لجميع المضادات الحيوية المستخدمة بالفعل. وتستند الفكرة، التي تعتمد على خوارزميات التعلم الآلي، إلى نموذج حاسوبي يمكنه فحص أكثر من مائة مليون مركب كيميائي في غضون أيام معدودة، ومن ثم انتقاء المضادات الحيوية الأكثر فعالية وكفاءة في قتل البكتيريا باستخدام آليات تختلف كليًا عن تلك التي تعتمد عليها الأدوية الحالية.
وكان جوناثان ستوكس، الباحث في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومركز برود للأبحاث بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة هارفارد، أول من وضع حجر الأساس لهذه الدراسة الواعدة، التي خرجت بعد ذلك إلى النور بشكلها الحالي بفضل جهود كل من ريجينا برزيلاي وجيمس كولينز، وهما من أبرز أعضاء فريق عيادة عبد اللطيف جميل لتقنيات التعلم الآلي في مجال الرعاية الصحية (J-Clinic).
وتشارك عيادة عبد اللطيف جميل لتقنيات التعلم الآلي في مجال الرعاية الصحية في MIT، كعضو أساسي في المبادرة التي أطلقها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا تحت شعار «السعي نحو الذكاء»، وتركز جهودها على تطوير تقنيات التعلم الآلي لإحداث نقلة نوعية في الوقاية من الأمراض والكشف عنها وعلاجها، مع التركيز على إنشاء وتسويق تقنيات تعلم آلي عالية الدقة وبأسعار معقولة وقابلة للتطوير في مجالات الرعاية الصحية بدءًا من التشخيص وانتهاءً بالأدوية.
وفي سياق الدراسة الجديدة، تمكن الباحثون أيضًا من اكتشاف أنواع عديدة من المضادات الحيوية الواعدة، التي تخضع حاليًا لمزيد من الاختبارات للتأكد من فعاليتها قبل طرحها للاستخدام، لكن ما يعول عليه الباحثون فعلًا هو أن يُسهم النموذج الجديد في ابتكار عقاقير جديدة بالاعتماد على المعرفة العميقة بالتراكيب الكيميائية التي يمكن أن تتيح للأدوية مكافحة البكتيريا بفعالية أكبر.
وعن ذلك، يقول برزيلاي، أستاذ الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسب الآلي بمختبر علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: “يتميز نموذج التعلم الآلي هذا بقدرته الفائقة على استكشاف مساحات كيميائية كبيرة يمكن أن يكون استكشافها باهظ التكلفة بالنسبة للطرق التجريبية التقليدية”.
يُذكر أنه على مدى العقود القليلة الماضية، لم يتمكن العلماء من تطوير سوى عدد قليل جداً من المضادات الحيوية الجديدة، التي لا تختلف كثيراً من حيث فعاليتها عن المضادات الحيوية المعروفة سابقًا؛ فضلًا عن أن الطرق الحالية لابتكار المضادات الحيوية الجديدة غالباً ما تكون باهظة التكلفة، وتتطلب الكثير من الوقت، وعادة ما تقتصر على طيف ضيق من التنوع الكيميائي.
وقال كولينز: “إننا نواجه أزمة متنامية حول مقاومة المضادات الحيوية نتيجة زيادة عدد مسببات الأمراض المقاومة للمضادات الحيوية الحالية، وكذلك ضعف الأبحاث الدوائية التي تستهدف انتاج مضادات حيوية جديدة”.
ورغم أن فكرة استخدام النماذج الحاسوبية التنبؤية ليست بالجديدة تماماً، بيد أنها لم تفلح في تقديم ما يكفي من النتائج لإحداث ثورة في عالم الدواء. ففي السابق، كانت الجزيئات تعمل كناقلات تكشف إما وجود أو عدم وجود مجموعات كيميائية معينة. لكن الشبكات العصبية الجديدة يمكنها أن تتعلم هذه الأساليب تلقائيًا من خلال رسم خرائط للجزيئات يتم استخدامها لاحقًا للتنبؤ بخصائصها.
وعلى المستوى التطبيقي، نجح نموذج الذكاء الاصطناعي في اختيار جزيء واحد من المتوقع أن يكون له نشاط قوي مضاد للجراثيم وله هيكل كيميائي مختلف عن المضادات الحيوية المعروفة. وعند استخدام نموذج مختلف للتعلم الآلي، اكتشف الباحثون أيضاً أن هذا الجزيء من المحتمل أن يكون له سمية منخفضة للخلايا البشرية.
وقال فادي جميل، رئيس مجتمع جميل، الدولية: “نعي تماماً مدى حاجة العالم إلى مضادات حيوية جديدة لمكافحة الأمراض الخطيرة، وإنه لمن الرائع حقاً أن يكون فريق عيادة عبد اللطيف جميل لتقنيات التعلم الآلي في مجال الرعاية الصحية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أحد المشاركين في اكتشاف عقار جديد وواعد باستخدام التعلم الآلي، والذي يأتي تتويجاً لجهود مجتمع جميل على مدى عقود من الزمان في دعم الأبحاث التي يمكن أن تساعد في تحسين حياة الناس، لا سيما وأن مكافحة خطر الأمراض المقاومة للمضادات الحيوية، مثل السل، سيعود بالنفع علينا جميعًا”.
ويسعى الباحثون إلى التعاون مع شركة أدوية أو منظمة غير ربحية بهدف إجراء مزيد من الدراسات على الجزيء الجديد، على أمل تطويره في شكل دواء يمكن للبشر التداوي به. وبالإضافة إلى تصميم مضادات حيوية جديدة، يأمل الباحثون في استغلال النموذج الجديد لتحسين كفاءة المضادات الحيوية المستخدمة بالفعل، من خلال تدريبه على إضافة خصائص من شأنها أن تسهم في استحداث أنواع معينة من المضادات الحيوية تعمل على استهداف البكتيريا الضارة دون التعرض للبكتيريا المفيدة في الجهاز الهضمي للمريض.
ويرجع الفضل في تدبير التمويل اللازم للبحث وترجمته إلى واقع علمي ملموس، إلى مجموعة من الداعمين منهم عيادة عبد اللطيف جميل لتقنيات التعلم الآلي في مجال الرعاية الصحية في MIT .