هل فتحت صنبور المياه من قبل، فلم تجد ماء؟ هل سبق لك وأن قطعت أميالاً كي تحصل على دلو من الماء؟ هل أصابك مرض طفيلي من قبل بسبب نظام المياه المحلي غير الصحي؟ ما من قارئ لهذا المقال لم يتعرض لأي من هذه المواقف من قبل …  مواقف تحمل في طياتها غفلة تتناقض مع واقع مرير يعيشه أكثر من مليار إنسان حول العالم.

فعلى مدار سنوات طوال، طال الإجهاد المائي وما يرتبط به من مخاطر صحية شتى العديد من مناطق العالم الأكثر عرضة لمواجهة موجات الجفاف في أفريقيا الاستوائية والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية. فعلى سبيل المثال، عانت شبه الجزيرة الصومالية في العام الماضي من أطول موجة جفاف شهدتها البلاد منذ أربعة عقود من الزمان، وهو ما نتج عنه تراجع  المحاصيل وجعل عشرات الملايين من البشر في حاجة إلى المساعدات الغذائية.[1]

ولا تمثل مشكلة ندرة المياه تحدياً لجنوب العالم وحسب. بل باتت تلقي بظلالها على أكثر المناطق نضجاً من منظور الاقتصاد ــ أوروبا. فقد أثار تراجع معدلات هطول الأمطار في جميع أنحاء أوروبا خلال عام 2023 لغطاً بين خبراء الأرصاد الجوية والعلماء على حد سواء. وشهدت جبال الألب تراجعاً في المعدلات المعتادة لما يتساقط عليها من الثلوج بنسبة 63٪. كما انخفض منسوب المياه في نهر الراين إلى حد جعل المراكب لم يعد بإمكانها سوى حمل نصف حمولتها المعتادة. وفي فرنسا، تراجعت معدلات هطول الأمطار خلال تسعة أشهر من أصل 12 شهراً بنحو  85% مقارنة بالمعدلات الطبيعية.[2]

وقد تفاقمت الأزمة بعد فصل الصيف الأكثر جفافاً والذي لم تشهد له أوروبا مثيلاً منذ 500 عام[3]، وبعد أن أدرك الجميع (بعد تحليل احتياطيات المياه الجوفية) أن القارة كانت فعلياً في حالة جفاف مستمر منذ عام 2018، وباتت على أعتاب حقبة “محفوفة بالمخاطر” من الأمن المائي[4].

ناقوس خطر جعل العالم يدرك أن أوروبا ليست في منأى عن أزمة ندرة المياه التي يعيشها بقية العالم، وليست محصنة ضد الآثار الجانبية الفتاكة التي ترتبط بظاهرة الاحتباس الحراري العالمية.

فما هو حجم الكارثة في أوروبا وما هو نطاقها، وهل ما يحدث الآن ما هو إلا نذير لتحديات المياه الأكثر خطورة التي من المنتظر أن تواجه المجتمعات  الأوروبية في السنوات القادمة؟

أوروبا تحسب تكلفة المناخ الجاف والجفاف

خلال العقود الأخيرة، تزايدت موجات الجفاف من حيث تواترها وشدتها في جميع أنحاء أوروبا، كما ارتفع عدد المتضررين منها بنسبة الخمس تقريباً بين السبعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين.[5]

ووفقًا لمعهد الموارد العالمية، تقع أربع دول أوروبية على الأقل ضمن الـ 25 دولة في العالم الأكثر تضرراً من الإجهاد المائي.  وهذه الدول هي: قبرص، وسان مارينو، وبلجيكا، واليونان[6]. وتماثل الدول الأربع، ببنيتها التحتية الحديثة وناتجها المحلي الإجمالي الذي تُحسد عليه، بلدان مثل سوريا وبوتسوانا وناميبيا والهند في استهلاك ما يزيد عن 80% من إمدادات المياه السطحية والجوفية لديها كل عام.

أمثلة صعبة … لكنها  ليست الوحيدة. [7]

فبعض الدول المجاورة مثل إسبانيا وإيطاليا والبرتغال وألبانيا ومقدونيا وأندورا تصنف على أنها تواجه “إجهاداً مائياً مرتفعاً”، حيث أنها تستهلك من 40٪ إلى 80٪ من إمدادات المياه لديها. وتواجه ألمانيا ولوكسمبورج المشكلة ذاتها، إذ تستهلكان 20% إلى 40% من إمداداتهما لمواجهة “الإجهاد المائي الذي يعتبر بين المتوسط والمرتفع”.

وفي جميع أنحاء القارة، بات الجميع يستشعر تأثيرات تغير المناخ والجفاف كل يوم.

ففي عام 2023، فرضت السلطات قيوداً على المياه في جميع أحواض الأنهار السبعة الرئيسة في فرنسا. وقد حذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أن “زمن وفرة المياه” قد انتهى، ومن المنتظر أن تواجه البلاد أزمة تتعلق بتراجع إمدادات المياه بما يقدر بنحو 40٪ في المستقبل[8].

وتعاني فرنسا من الحر الشديد، بينما تتحمل إسبانيا نواتج توقعاتها. ففي كاتالونيا، وضعت السلطات حداً أقصى قدره 230 لتراً لمتوسط ​​إمدادات المياه اليومية لكل فرد. ومنذ عام 1980، تراجع متوسط ​​كمية المياه المتاحة في إسبانيا بنسبة 12%، ومن المتوقع أن تشهد البلاد المزيد من التراجع في امدادات المياه بحلول عام 2050.

في نهر بو، والذي يعد أطول أنهار إيطاليا، انخفضت مستويات المياه  بنسبة 61% عن المعدل الطبيعي بشكل متقطع خلال العام الماضي. وفي شمال البلاد، تراجع معدل هطول الأمطار بنسبة 40% مقارنة بالأشهر الـ 12 الماضية. ومن أجل مواجهة هذه الأزمات الجلية، قامت إيطاليا بتعيين “مفوض مخضرم” خصيصاً لمعالجة قضية الجفاف الخطير.

وفي النمسا وألمانيا، تسبب تراجع معدل هطول الأمطار في الشتاء في ما هو  أكثر من تكوين منحدرات التزلج للسياح – إذ تسبب هذا التراجع  أيضاً في انخفاض منسوب المياه الذائبة التي تغذي مياه المصب في وسط أوروبا خلال فصلي الربيع والصيف.

ولعل أزمات المياه التي تمتد عبر أوروبا من الأمور التي كان من الممكن  التنبؤ بها بشكل أو بآخر. فوفقاً لمبادرة إسناد الطقس العالمية، تزيد ظاهرة الاحتباس الحراري بالفعل من فرصة حدوث موجات الجفاف في النصف الشمالي من الكرة الأرضية بمقدار 20 مرة.

ومما يدعو للقلق، أنها ترى أن حالات النقص الحاد في المياه ستصبح أكثر تواتراً في السنوات القادمة[9].

لا شك أن أزمة المناخ يتمخض عنها  تحولات سريعة لا يمكن تداركها في إيقاعات الطبيعة، التي نعتمد على دوراتها في حياتنا، والتي كان من الممكن التنبؤ بها لفترات طويلة. وأحد العوامل التي تهدد بتقويض الأمن المائي طويل الأمد في أوروبا هو تغير نمط هطول الأمطار. ففي حين تمر بعض المناطق بفترات مطولة من الجفاف، تعاني مناطق أخرى من المزيد من الموجات الحارة، وهو ما يترتب عليه تبخر الرطوبة وانخفاض مستويات المياه. وتتزايد العواصف المطيرة أيضاً (فقد عانت إيطاليا وسلوفينيا والمجر وألمانيا وهولندا من فيضانات مدمرة في عام 2023). وتجدر الإشارة إلى أنه عندما تضرب الأمطار الغزيرة المفاجئة المناطق الجافة، فإن المياه تُفقد بسبب الفيضانات، ولا تدخل إلى سلسلة إمدادات المياه العذبة.

وبطبيعة الحال، لا يقتصر خطر ندرة المياه على مياه الشرب والصحة العامة فحسب. فتأثير ندرة المياه يطول كل جانب من جوانب حياتنا اليومية تقريباً.

قطاعات الغذاء والطاقة والصناعة تواجه تحديات المياه

لم يعتاد المواطن الأوروبي التفكير أوالقلق بشأن إمدادات الغذاء، فهي دوماً متوافرة وبأسعار معقولة تناسب الغالبية العظمى من الناس. لكن تلك الطمأنينة يشوبها جهل بالمدخلات المائية الضخمة التي لا غنى عنها في مجالي الزراعة والتغذية. فعلى سبيل المثال، بينما لا يحتاج الشخص العادي سوى لترين فقط من مياه الشرب ليحيا بهما طوال 24 ساعة، يتطلب إنتاج الطعام الذي نتناوله 3000 لتر من المياه[10].

وبالنظر إلى المستقبل، يمكن القول بأن أوروبا قد تتجه إلى استيراد المزيد من أغذيتها من مناطق أخرى، بعد أن تفقد قدرتها على تزويد أرفف المتاجر الكبرى بالمنتجات المحلية. فعلى سبيل المثال، أدى الجفاف الذي ضرب فرنسا عام 2022 إلى تلف نصف محصول الذرة في البلاد بحلول أوائل أغسطس[11]. وتتعرض المحاصيل في جنوب أوروبا، لا سيما الحبوب والفواكه، تتعرض للتلف من وقت إلى آخر بسبب درجات الحرارة المرتفعة التي تأتي مصحوبة بتراجع معدلات هطول الأمطار.

ولا تقتصر التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية على الأنظمة الغذائية وحسب، بل أنه من المنتظر أن تطول تلك التأثيرات أنظمة الطاقة أيضاً. فبينما تعد وفرة المياه ضرورية للزراعة، تعتمد محطات الطاقة الكهرومائية ومحطات الطاقة النووية أيضاً على احتياطيات كبيرة لتشغيل التوربينات أو مفاعلات التبريد. وبسبب انخفاض منسوب المياه، تراجع معدل توليد الطاقة الكهرومائية بحوالي ​​20% في جميع أنحاء أوروبا خلال عام 2022، وبنسبة 44% في إسبانيا.

من ناحية أخرى، أجبر انخفاض مستوى الأنهار بعض محطات الطاقة النووية في فرنسا على خفض إنتاجها[12]. وإذا كنا نسعى لبلوغ مستقبل أكثر استدامة، فيجب علينا ألا نتغاضى عن متطلبات الموارد في الاقتصاد الذي يهتم بالبيئة.

وقد تتأثر الصناعات أيضاً، حيث تتطلب العديد من المنتجات، بدءاً من المواد الكيميائية وصولا إلى الورق، كميات كبيرة من الماء أثناء عملية التصنيع.

والمواد الأكثر استهلاكاً قد تواجه هي الأخرى ظروفاً صعبة مماثلة. فانتاج نصف لتر من البيرة، على سبيل المثال، يحتاج 300 باينت من الماء لقطع رحلته من الحقل إلى المتجر[13].

ويلعب النمو السكاني دوره الحتمي في تفاقم الأزمة. فقد قُدر عدد سكان أوروبا بحوالي 742.2 مليون نسمة  في عام 2023، وهو ما يعكس زيادة تقدر بـ 2.2 مليون نسمة تقريباً مقارنة بالعقد الأسبق[14]. وكلما زاد عدد السكان، تفاقمت أزمة المياه – وأصبح من الصعب رسم مسار آمن للأجيال القادمة.

التسريب وغياب التنسيق داخل الأسواق يعيقان الجهود

لا يمثل النمو السكاني وتغير المناخ  المحركين الوحيدين لمشكلة الإجهاد المائي المتفاقمة التي تعيشها أوروبا في الوقت الحالي.

فعلى مر العصور، لم تكن أوروبا كقارة تصنف ضمن المناطق المحرومة من المياه، وهو ما خلق حالة من الرضا والطمأنينة جعلت فكرة الحفاظ على المياه لا تتبادر للأذهان.

فإذا نظرنا إلى البنية التحتية لتوزيع المياه في جميع أنحاء القارة، نجدها قديمة ومتهالكة وتفتقر إلى الكفاءة. و تؤكد الدراسات أن حوالي ربع المياه الصالحة للشرب في الاتحاد الأوروبي تُهدر سنوياً بسبب الأنابيب المتهالكة التي تسمح بتسريب المياه منها.

وتصل هذه النسبة إلى أكثر من 40% في بعض المناطق في إيطاليا[15].

وفي المملكة المتحدة، أدى استمرار ضعف الاستثمارات من قبل شركات المرافق المملوكة للقطاع الخاص، والارتفاع الكبير في موجات الحر إلى تكرار حالات انفجار الأنابيب الرئيسة، وما يتبع ذلك من إهدار للمزيد من إمدادات المياه الحيوية.

ويأتي كل ذلك مصحوباً بالتوسع العمراني المتسارع والتلوث الكيميائي وسوء الإدارة، وهو ما يعني المزيد من الضغوط على أنظمة توزيع المياه.

وينطبق الأمر نفسه على سوق المياه الذي يتسم باللامركزية والتباين الشديدين، مما يعيق الجهود المبذولة من أجل حماية إمدادات المياه بشكل أفضل. ففي مختلف أنحاء أوروبا، تتم إدارة خدمات المياه من قبل مجموعة متنوعة من الشركات الإقليمية والسلطات المحلية ــ ويشمل ذلك حوالي 78 ألف شركة منفصلة، ​​حسب آخر إحصاء. وقد حاول المشرعون جاهدين تصميم سياسة قابلة للتطبيق يمكنها أن تتخطى الحدود، وتستوعب أنظمة قانونية مختلفة، وتغطي المجالين العام والخاص.

ولا تزال الجهود مستمرة على المستوى الإقليمي ومستوى الدولة لتحييد بعض المخاطر المرتبطة بمستقبل ستعاني فيه أوروبا من ندرة المياه.

الدول تنتفض لمواجهة أزمة المياه

منذ عام 2000، سعى الاتحاد الأوروبي جاهداً إلى تحسين مستوى إمداداته من المياه العذبة من خلال التوجيه الإطاري للمياه. على الرغم من ذلك، فإن الجهود المبذولة لم تؤت بكامل ثمارها بعد، ويعتقد الباحثون أن حوالي 90% من أحواض الأنهار الأوروبية ستظل تصنف على أنها “غير صحية” بحلول عام [16]2027.

ومن الأهمية بمكان بالنسبة لأزمة المياه المقبلة أن تغطي أغلب تشريعات الاتحاد الأوروبي نوعية المياه لا  كمية المياه. وفي كثير من الأحيان، تنطوي هذه التشريعات على قصور في نطاقها. ففي يوليو 2023، خفف البرلمان الأوروبي أحكامه الخاصة بكفاءة استخدام المياه في توجيه الانبعاثات الصناعية. وعلى نحو مماثل، تركز قوانينه بشأن إعادة استخدام المياه بشكل كامل على الزراعة، على الرغم من أن الصناعة تستهلك نصف إجمالي المياه العذبة في المنطقة[17].

وعلى الرغم من هذا القصور وكل هذه القيود، تستمر الجهود لتعزيز الأمن المائي على مستوى القارة الأوروبية.

وتهدف لائحة إعادة استخدام المياه الصادرة عن المفوضية الأوروبية، والتي تم اعتمادها في يونيو 2023، إلى جعل استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة لري المحاصيل آمناً وسهل الحصول عليه[18]. ويمكن تطهير مياه الصرف الصحي في المناطق الحضرية بنجاح باستخدام التقنيات الحالية، وهو ما يسمح للمزارعين بزراعة محاصيل صحية صالحة للأكل من خلال الاعتماد على المياه المعاد استخدامها. وفي الوقت الحالي، يتم إعادة استخدام 2.4% فقط من مياه الصرف الصحي في المناطق الحضرية داخل الاتحاد الأوروبي. وقد اغتنمت فرنسا، على سبيل المثال، فرصة هذه المبادرة، وحددت هدفاً يتمثل في إعادة استخدام 10% من مياه الصرف الصحي بحلول عام 2030.[19]

وفي مناطق أخرى من أوروبا، تعمل الدول الأعضاء الأخرى تدريجياً على وضع استراتيجيات خاصة بها لمواجهة مشكلة ندرة المياه.

وقد وافقت ألمانيا العام الماضي على استراتيجية وطنية رائدة للمياه لحماية البلاد من المشكلات المستقبلية التي تتعلق بإمدادات المياه. وتشمل التدابير التي يتعين اتخاذها من الآن وحتى عام 2030 ما يلي:

  • حماية نظام المياه الطبيعية وتطويره
  • ضمان أن استخدام الأراضي الريفية والحضرية يتكامل مع إدارة المياه
  • معالجة المخاطر الناجمة عن الملوثات
  • تطوير البنية التحتية للمياه بما يتلائم مع تغيرات المناخ
  • تحسين عمليات جمع وتحليل بيانات المياه والأطر القانونية ورفع الوعي العام بالمياه باعتبارها من الموارد المهمة[20]

وفي إسبانيا، وافقت الحكومة في عام 2023 على خطة استثمار بقيمة 23 مليار يورو لتنقية المياه وتحديث نظم الري والتصدي لمخاطر الفيضانات – أي ان الهدف الأساسي للخطة تمثل في تحسين وحماية إمدادات المياه في البلاد بشكل عاجل.[21]

وفي الوقت نفسه، تدرس المملكة المتحدة إمكانية تطبيق فكرة وضع ملصقات إلزامية لكفاءة استخدام المياه على الأجهزة المنزلية الجديدة، مثل الغسالات والمراحيض[22].

ويَعِد قطاع التكنولوجيا في أوروبا بتحقيق طفرات مثيرة في مجال استدامة المياه خلال السنوات المقبلة. إذ يعمل برنامج  iWays الممول من قبل الاتحاد الأوروبي على دراسة طرائق أفضل لاستعادة المياه والمواد والحرارة من العمليات الصناعية، وهو ما قد يقلل استهلاك الصناعة  للمياه العذبة بنسبة تتراوح بين 30٪ إلى 60٪.[23]

وفي ألمانيا، تجري شركة الطاقة BayWa r.e. التجارب على إقامة منشآت الطاقة الشمسية العائمة على البحيرات، والتي يمكن أن تولد طاقة نظيفة مع الحد من تبخر المياه بنسبة الثلث على الأقل.[24]

ومن المنتظر أن تزداد أهمية مبادرات القطاع الخاص المماثلة لهذه المبادرة مع استعداد العالم لكسر الدائرة المفرغة المتمثلة في قلة المياه وزيادة عدد السكان.

فيلانوفا دي ساو، إسبانيا، يظهر برج جرس سانت روما دي ساو عند خزان ساو حيث يتسبب الجفاف الناجم عن تغير المناخ في نقص المياه في إسبانيا وأوروبا.

القطاع الخاص يسهم في استمرار تدفق استثمارات المياه

يجب على العالم أجمع أن ينتفض الآن لمواجهة مشكلة نقص إمدادات المياه، قبل أن تتحول المشكلة إلى أزمة وجودية.

فحتى إذا استطعنا الحفاظ على معدلات ارتفاع درجات الحرارة بين 1.3 درجة مئوية و2.4 درجة مئوية، فمن المتوقع أن يواجه مليار شخص آخرين ظروف صعبة بسبب الإجهاد المائي الشديد بحلول عام 2050[25].

ومن المنتظر أن تتفاقم مثل هذه المشكلات بسبب تغير المناخ. ففي السيناريو المحتمل لارتفاع درجات الحرارة بمقدار 3 درجات مئوية، من المنتظر أن يتراجع معدل  تصريف الأنهار في جنوب وجنوب غرب أوروبا ​​بنسبة 40٪ خلال أشهر الصيف[26].

من ناحية أخرى، من المنتظر أن تأتي استراتيجيات الحد من آثار تغير المناخ نفسها مصحوبة بعبء مائي كبير. فمن المتوقع أن يبلغ استهلاك الصناعات التي تشمل توليد الطاقة الخضراء، وتحليل الهيدروجين، واحتجاز الكربون، 58 مليار متر مكعب من المياه سنوياً بحلول عام 2050 – وهو ضعف الكمية التي يشربها الأوروبيون حالياً كل عام.[27]

على هذه الخلفية، ليس من المستغرب أن تصف المنظمة العالمية للأرصاد الجوية منظومة إمدادات المياه في العالم بأنها “تتأرجح[28]“. وقد جاء ذلك في تقريرها عن موارد المياه العالمية لعام 2022.

وفي القطاع الخاص، توظف بعض الشركات مثل عبد اللطيف جميل قوة رأس مالها المستقل لمواجهة تحديات المياه، والاسهام في التصدي للعطش والمجاعات على الصعيد العالمي.

وتدعم شركة ألمار لحلول المياه، وهي جزء من شركة عبد اللطيف جميل للطاقة، بشكل طموح الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة – والمعني بضمان توافر المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي للجميع.

تأسست شركة ألمار لحلول المياه في عام 2016، وهي تتولى إدارة وتشغيل مجموعة من مشروعات البنية التحتية المستدامة للمياه في جميع أنحاء أوروبا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية وأفريقيا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ. تركز ألمار على الحلول غير التقليدية مثل تحلية المياه وإعادة استخدامها، مما يضمن حصول القطاعين البلدي والصناعي على المياه. وعلى مستوى العالم، يعمل حوالي 1000 موظف في شركة ألمار من خلال أكثر من 150 عقد مياه منفصل. ومن ضمن المشروعات محطة تحلية المياه الشقيق3 التي تقع على ساحل البحر الأحمر في المملكة العربية السعودية، وهي واحدة من أكبر محطات تحلية المياه التي تعمل بتقنية التناضح العكسي في العالم.

وتعمل أنابيب الضغط التي يبلغ عددها سبعة آلاف أنبوبة في الشقيق 3 في وقت واحد لإنتاج أكثر من 18 مليون لتر من المياه النقية في الساعة، وهو ما يكفي لدعم الأنشطة المنزلية والزراعية والصناعية في محافظتي عسير وجازان، حيث يعيش ما يقرب من 4 ملايين شخص[29].

وفي البحرين المجاورة، تدير شركة ألمار لحلول المياه محطة معالجة مياه الصرف الصحي الحديثة في المحرق بسعة 100 ألف متر مكعب يومياً. وتعيد المحطة تدوير المياه المستخدمة المعالجة للحصول على مياه فائقة الجودة. وتشمل البنية التحتية في المحرق أول خط أنابيب صرف صحي يعمل بالجاذبية بعمق 16.5 كيلومتر في منطقة الخليج، بالإضافة إلى شبكة لتجميع مياه الصرف الصحي.

Muharraq Wastewater Plant Bahrain

وفي أوروبا، تعد شركة التكنولوجيا الإسبانية Datakorum شريكاً رئيساً لشركة عبد اللطيف جميل، حيث تعمل على تطوير الأجهزة الإلكترونية وحلول إنترنت الأشياء الشاملة في قطاعات متعددة، بما في ذلك المياه. وتساعد شركة Datakorum في تحويل المياه إلى بيانات ذكية، وهو ما يسهم في نهاية المطاف في زيادة الكفاءة والحفاظ على الموارد الطبيعية الحيوية. وفي عام 2022، اتجهت انظار العالم إلى شركة Datakorum عندما أٌعلن أنها بصدد تطوير مشروعاً بارزاً لإدارة المياه الذكية في أبو ظبي. وبموجب عقدها الممتد لخمس سنوات، من المنتظر أن توفر Datakorum بوابات الجيل الخامس5G  لضمان تحقيق التواصل  بين المستخدمين النهائيين وعدادات التوزيع والبنية التحتية المتقدمة للقياس.

Fady Jameel
فادي جميل – نائب  الرئيس ونائب رئيس مجلس الإدارة عبد اللطيف جميل

ويقول فادي جميل، نائب الرئيس ونائب رئيس مجلس إدارة شركة عبد اللطيف جميل: “تسهم شركة عبد اللطيف جميل، من خلال ألمار لحلول المياه، في التصدي لخطر ندرة المياه الذي يواجه العالم من زوايا متعددة تشمل: محطات المعالجة وتحلية المياه، وعقود الخدمات، ومبادرات المياه الذكية، وخطط تحويل النفايات إلى طاقة، والاستثمارات التكنولوجية”.

“يجب علينا جميعاً أن نتكاتف ونعمل سوياً، داخل أوروبا وخارجها، وأن نقر بأن الاجهاد المائي يعد جزءاً لا يتجزأ من أزمة المناخ الشاملة، بينما يفرض في الوقت نفسه تحدياته الخاصة. إن التعاون وسن التشريعات وتشجيع الابتكار من شأنه أن يجنب أحفادنا الخوف بشأن ندرة المياه، ومواجهة خطر اندلاع الصراعات بسبب المياه”.

 

 

 

[1] https://lordslibrary.parliament.uk/horn-of-africa-projections-of-a-famine-in-2023/

[2] https://www.theguardian.com/weather/2023/mar/04/very-precarious-europe-faces-growing-water-crisis-as-winter-drought-worsens

[3]  https://www.theguardian.com/environment/2022/aug/13/europes-rivers-run-dry-as-scientists-warn-drought-could-be-worst-in-500-years

[4] https://www.tugraz.at/en/tu-graz/services/news-stories/media-service/singleview/article/satellitendaten-belegen-anhaltend-schwere-duerre-in-europa

[5] https://www.ft.com/content/80122ded-4158-45f9-915c-a52b5fb2d088

[6]  https://www.wri.org/insights/highest-water-stressed-countries

[7] https://www.waternewseurope.com/four-european-countries-are-subject-to-extreme-water-stress/

[8] https://www.theguardian.com/weather/2023/mar/04/very-precarious-europe-faces-growing-water-crisis-as-winter-drought-worsens

[9] https://www.theguardian.com/weather/2023/mar/04/very-precarious-europe-faces-growing-water-crisis-as-winter-drought-worsens

[10] https://www.euronews.com/2023/10/16/europes-water-crisis-how-bad-is-it-and-what-can-be-done

[11] https://www.weforum.org/agenda/2022/08/drought-impacts-europe-unexpected/

[12] https://www.weforum.org/agenda/2022/08/drought-impacts-europe-unexpected/

[13]  https://www.euronews.com/green/2023/05/09/water-gaps-where-in-europe-is-most-at-risk-of-water-shortages-and-what-can-be-done-about-i

[14] https://www.statista.com/statistics/1106711/population-of-europe/

[15] https://www.ft.com/content/80122ded-4158-45f9-915c-a52b5fb2d088

[16] https://www.euronews.com/2023/10/16/europes-water-crisis-how-bad-is-it-and-what-can-be-done

[17] https://smartwatermagazine.com/blogs/kira-taylor/eu-needs-address-growing-issue-water-scarcity

[18] https://environment.ec.europa.eu/news/water-reuse-new-eu-rules-improve-access-safe-irrigation-2023-06-26_en

[19] https://www.ft.com/content/80122ded-4158-45f9-915c-a52b5fb2d088

[20] https://environment.ec.europa.eu/news/water-reuse-new-eu-rules-improve-access-safe-irrigation-2023-06-26_en

[21] https://www.theguardian.com/weather/2023/mar/04/very-precarious-europe-faces-growing-water-crisis-as-winter-drought-worsens

[22] https://www.ft.com/content/80122ded-4158-45f9-915c-a52b5fb2d088

[23] https://www.iways.eu/

[24] https://smartwatermagazine.com/blogs/kira-taylor/eu-needs-address-growing-issue-water-scarcity

[25] https://www.wri.org/insights/highest-water-stressed-countries

[26] https://www.eea.europa.eu/highlights/water-stress-is-a-major

[27]  https://www.ft.com/content/80122ded-4158-45f9-915c-a52b5fb2d088

[28] https://www.euronews.com/2023/10/16/europes-water-crisis-how-bad-is-it-and-what-can-be-done

[29] https://almarwater.com/pf/shuqaiq-3/