تسخير الطاقة الكهرومائية
أضحت الطاقة الكهرومائية التي يتم توليدها اعتماداً على حركة المياه أحد أكثر الحلول الواعدة لأثنين من أكبر التحديات التي تواجه مجتمعنا ألا وهما: تغير المناخ وأمن الطاقة.
في هذا السياق كتب إريك سولهيم، الدبلوماسي السابق في الأمم المتحدة ووزير البيئة والتنمية الدولية النرويجي[1]: “تسهم الطاقة الكهرومائية المستدامة في مساعدتنا نحن البشر في ترجمة حلم الوصول إلى صافي الصفر من الانبعاثات إلى واقع. كما تمكننا من بلوغ نظام طاقة متجدد يتسم بالمرونة”.
ويدعم سولهيم الحملة التي تم إطلاقها لغرض إبراز دور الطاقة الكهرومائية في تحقيق هدف صافي انبعاثات الكربون الصفرية، لذلك أكد بأن الاستغناء عن الفحم والأنواع الأخرى من الوقود الحفري وتحقيق أمن الطاقة سيعنيان بالضرورة تبني جميع مصادر الطاقة الخضراء لا الاختيار بين التقنيات المختلفة.
ويرى سولهيم وآخرون أن الطاقة الكهرومائية، والتي تعد أكبر مصدر للطاقة المتجددة في العالم، تسهم بالفعل في خفض الانبعاثات، وهو ما جعلنا نتجنب ما يصل إلى 4 مليار طن من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الإضافية مقارنة بالفحم.
على الرغم من ذلك، بإمكان الطاقة الكهرومائية أن تحقق المزيد، لا من حيث التوسع في محطاتها حول العالم وحسب، ولكن أيضا من حيث المعرفة التقنية وتكنولوجيات تطوير موارد المياه بشكل مستدام. ولذا يمكن القول بأن الطاقة الكهرومائية قد تلعب دوراً أساسياً في تحقيق حلم بلوغ صافي الصفر من الانبعاثات.
تحفيز النمو
عرف الإنسان الطاقة الكهرومائية منذ القدم. فقد استخدم الإغريق عجلات المياه (السواقي) لطحن القمح وتحويله إلى دقيق منذ أكثر من 2000 عام، بينما استخدم المصريون لولب مياه أرشميدس لأغراض الري خلال القرن الثالث قبل الميلاد. أما تطور التوربينات الكهرومائية الحديثة فقد بدأ في منتصف القرن الثامن عشر عندما أصدر المهندس الفرنسي، برنارد فورست دي بيليدور، الذي تخصص في الهندسة العسكرية وهندسة الموائع كتاب الهندسة المعمارية الهيدروليكية Architecture Hydraulique [2]، كتابه الذي يقع في أربعة مجلدات، والذي تناول مبادئ الهندسة الميكانيكية والطواحين وعجلات المياه والمضخات والموانئ والأعمال البحرية.
وبحلول نهاية القرن التاسع عشر، كانت العديد من محطات الطاقة الكهرومائية الصغيرة تستخدم التوربينات في توليد الكهرباء اعتماداً على حركة المياه، وقد تصدرت الولايات المتحدة المشهد[3]، فكانت في طليعة الدول التي تبنت الطاقة الكهرومائية في العالم وأظهرت مدى فعاليتها في تلبية الطلب المتزايد على الطاقة.
وفي ثلاثينات القرن الماضي، دعمت الصفقة الجديدة للرئيس روزفلت بناء العديد من المشروعات متعددة الأغراض، مثل سدي هوفر وجراند كولي. وبحلول عام 1940، كانت الطاقة الكهرومائية قد نجحت في توليد 40% من كهرباء البلاد.
ومنذ الأربعينيات إلى السبعينيات من القرن الماضي، قامت المؤسسات التابعة للدولة ببناء مشروعات ضخمة للطاقة الكهرومائية في جميع أنحاء أوروبا الغربية، و كذا في الاتحاد السوفيتي السابق وأمريكا الشمالية واليابان.
وعلى مدار العقود الأخيرة من القرن العشرين، أصبحت البرازيل والصين رائدتين عالميتين في مضمار الطاقة الكهرومائية. وقد ساهم ذلك في تنمية اقتصاداتهما، وكذا في تطوير الصناعات الأكثر استهلاكاً للطاقة فيهما، مثل مصاهر الألمنيوم ومصانع الصلب. وبحلول عام 2020، استطاعت الطاقة الكهرومائية أن توفر سدس الكهرباء المولدة حول العالم، أي أنها تبوءت المركز الثالث بين أكبر مصادر الطاقة بعد كل من الفحم والغاز الطبيعي بعد أن ارتفع إجمالي قدرتها عالمياً بنسبة 70٪ خلال العشرين عاماً الماضية.[4]
محطات الطاقة الكهرمائية
يشهد العالم اليوم العديد من تقنيات الطاقة الكهرومائية. وهناك ثلاثة أنواع رئيسة من محطاتها الداخلية[5]. أولى تلك الأنواع هي المحطات المتاخمة للأنهار، والتي تعتمد على تدفق المياه لتشغيل المولدات. وعادةً ما توفر تلك المحطات امدادات ثابتة للطاقة، وإن كان توفير الطاقة على نطاق واسع من خلالها يرتبط بمدى تدفق النهر لأن هذه المحطات تفتقر إلى إمكانية تخزين المياه لفترات طويلة.
ويتمتع النوعان الآخران من محطات الطاقة الكهرومائية بالمزيد من المرونة، إذ يتوافر بمحطات خزانات التلال إمكانية تخزين المياه، وهو ما يسمح بإطلاقها لتشغيل التوربينات عند الضرورة. أما محطات الضخ والتخزين، فهي عبارة عن خزانات تعمل كبطاريات مياه قابلة لإعادة الشحن: فهي تضخ المياه إلى الخزان عند توافر فائض من الطاقة حال تراجع الطلب، وتستخدمها عند ارتفاع الطلب، مما يؤدي إلى تشغيل التوربينات لغرض توليد الكهرباء.
وتعتمد قدرة هذه المحطات على تخزين الطاقة على حجم الخزانات؛ في حين ترتبط كمية الطاقة المولدة بحجم التوربينات. فالمحطة التي تضم خزانين بحجم حوضي سباحة أولمبيين تقريباً بفارق ارتفاع 500 متر، يمكنها توفير 3 ميجاوات وتخزين ما يصل إلى 3.5 ميجاوات/ ساعة من الكهرباء. ووفقاً لتقديرات وكالة الطاقة الدولية (IEA)، من المنتظر أن تمثل محطات الضخ والتخزين 30٪ أو 65 جيجاوات من الطاقة الكهرومائية حتى عام 2030، وهو ما يفوق السعة التخزينية للبطاريات التقليدية بشكل ملحوظ.[6]
أما النوع الرابع من الطاقة الكهرومائية فيعتمد على ظاهرة المد والجزر. ومرة أخرى يمكننا القول بأن هذه التقنية ليست بجديدة. فطاقة المد والجزر استُخدمت في الطواحين مثل طاحونة الينج تايد[7] التي ورد ذكرها في كتاب “دوميزدي” (يوم الحساب) الصادر عام 1068. وتقوم هذه التقنية على فكرة بسيطة: فعندما يأتي المد، يدفع بوابات ذات اتجاه واحد فتفتح وتمتلىء الطاحونة، وعندما يتراجع المد، تتحرك وتنطلق الطاقة اللازمة لتحريك عجلة المياه.
وتعمل أنظمة قناطر المد والجزر[8] وبحيرات المد والجزر بالطريقة نفسها، حيث يتم حبس المياه عند ارتفاع المد وإطلاقها عبر قنوات محددة تنقلها عبر التوربينات. وتعمل مولدات تيار المد والجزر مثل توربينات الرياح، إذ يقوم المد بدفع دوارات التوربين أثناء تدفقه إلى الداخل والخارج. وتعتمد أنظمة طاقة المد والجزر الديناميكية على الجدران الطويلة التي تبرز بزاوية قائمة على الشاطئ. وعندما يمر المد والجزر بالجدار، يتم محاصرته من جانب واحد فتتكون الرأس. ولا يُسمح لهذه المياه العالية بالتدفق عبر الجدار إلا عن طريق التدفق عبر مسارات محددة تحملها عبر المولدات.
الاسهام في بلوغ صافي الانبعاثات الصفري
وتكمن ميزة الطاقة الكهرومائية في اعتمادها على مصدر لا ينضب للطاقة ألا وهو الجاذبية. فالمياه ما هي إلا الوسيط الذي يتم من خلاله تسخير قوة الجاذبية. وهذا يجعل الطاقة الكهرومائية مكملاً مثالياً للطاقة الشمسية الكهروضوئية وطاقة الرياح في شبكة الكهرباء التي تحاول تجنب الاعتماد على الوقود الحفري وتحقيق هدف صافي الانبعاث الكربوني الصفري.
والجدير بالذكر أن معظم محطات الطاقة الكهرومائية يمكنها الاستجابة سريعاً لتغير الطلب، فهي تزيد أو تخفض من إنتاجها بسرعة مقارنة بمحطات الطاقة الأخرى مثل الطاقة النووية والفحم والغاز الطبيعي. وبالتالي، يمكن للطاقة الكهرومائية أن تتدخل لتعويض أي نقص في انتاج مصادر الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح حال غياب الشمس أو توقف الرياح.
ولعل هذه القدرة على توليد كميات كبيرة من الكهرباء منخفضة الكربون عند الطلب تجعل الطاقة الكهرومائية أحد العناصرالرئيسة لإطلاق نظم كهرباء آمنة ونظيفة. فوفقا لتقرير وكالة الطاقة الدولية الذي يحمل عنوان” بلوغ صافي الانبعاثات الصفري بحلول عام 2050: خارطة طريق لقطاع الطاقة العالمي[9]“، تعتبر الطاقة الكهرومائية واحدة من “أكبر مصادر الكهرباء منخفضة الكربون اليوم” و “حجر زاوية أساسي” لبلوغ صافي الصفر.
وبحسب أرقام وكالة الطاقة الدولية[10]، تمثل محطات الطاقة الكهرومائية ما يقرب من 30٪ من قدرة العالم على توفير إمدادات كهربائية تتمتع بالمرونة، ولا يزال أمام تلك المحطات الكثير كي تقدمه للبشرية.
ولعل تقرير وكالة الطاقة الدولية يعطي أنباءاً متباينة.
فعلى الجانب الإيجابي، يعد ما يقرب من نصف إمكانات الطاقة الكهرومائية ذات الجدوى الاقتصادية غير مستغل[11]. وتبرز تلك الامكانات بشكل خاص في الاقتصادات الناشئة والاقتصادات النامية، حيث تصل إلى ما يقرب من 60٪. لكن المحطات في كل من أمريكا الشمالية وأوروبا، في المتوسط، يزيد عمرها عن 45 عاماً. ويبلغ العمر التشغيلي المتوقع لهذه المحطات 55 عاماً، ولذا فإن هناك حاجة في الوقت الحالي إلى إقامة استثمارات ضخمة من أجل الحفاظ على إنتاج هذه المحطات للطاقة المتجددة. وواقع الأمر أن أعمال التحديث في المحطات القائمة قد يمثل ما يقرب من 90٪ من إجمالي الاستثمارات في مضمار الطاقة الكهرومائية خلال هذا العقد – ولكن حتى ذلك قد لا يكون كافياً.
الجانب الآخر للطاقة الكهرومائية
تتمثل إحدى الصعوبات الرئيسة المرتبطة بمشروعات الطاقة الكهرومائية على المستويين المحلي والدولي في إيجاد حل منصف يعود بالنفع على الجميع. ولكن غالباً ما يكون هناك رابحون وخاسرون. فقد مثل سد إيتايبو، الذي يمتد بين البرازيل وباراجواي، الثمن الذي دفعته باراجواي لإنهاء الغزو البرازيلي عام 1965.[12] وقد أدى هذا السد إلى وجود بحيرة كبيرة غمرت شلالات جوايرا ، التي كانت من قبل تمثل أعلى شلالات العالم. وبموجب شروط معاهدة إيتايبو، يصبح لزاماً على باراجواي أن تبيع للبرازيل كل ميجاواط من نصف حصتها من الطاقة المنتجة التي لا تستهلكها بنفسها – ويحظر عليها البيع لأي دول ثالثة.
ونتيجة لبناء السد ومحطة الطاقة الكهرومائية التي تبلغ قدرتها14000 ميجاواط، كان على حكومة باراجواي أن تحصل على قرض بقيمة 2 مليار دولار أمريكي – وهو أمر الذي لا يمكنها تحمله – ويتعين عليها سداده في عام 2023.
وقد تحمست الصين للطاقة الكهرومائية، فراحت تبني العديد من السدود الضخمة، ليس فقط على الأنهار التي يقتصر تدفقها على اراضيها مثل النهر الأصفر ونهر اليانجتسي، ولكن في مناطق أخرى أيضا، مثل سدود نهري ميكونج وبراهمابوترا، وهي أنهار تمر عبر العديد من البلدان وهي في طريقها إلى البحر[13]. ويوجد بالفعل 11 سداً صينياً على نهر ميكونج – وهناك خطط لإنشاء ثمانية سدود أخرى. وخلال فترة الجفاف التي ضربت البلاد في عام 2021، انخفض منسوب النهر للغاية حتى أن كمبوديا اضطرت إلى إيقاف تشغيل محطة كبيرة للطاقة الكهرومائية، في حين تسبب تراجع تدفق المياه في تلويث المياه المالحة لدلتا ميكونج، والتي تعد سلة الغلال في فيتنام، وتدمير مخزون الأسماك الكمبودي.
من ناحية أخرى، دفعت الاعتبارات البيئية بعض البلدان إلى التساؤل عما إذا كانت ستطلق من الأساس مشروعات جديدة للطاقة الكهرومائية. فعلى سبيل المثال، واجهت محطة ايردنبيرن في منغوليا، والذي تتولى الصين تمويلها وتبلغ قدرتها 90 ميجاوات، واجهت معارضة من الأطراف المعنية بشأن إمكانية تدمير المشروع الضخم لأراضي رامسار الرطبة والتأثير بالسلب على مجتمعات السكان الأصليين.
في الوقت نفسه، وفي نوفمبر 2022، أصدرت اللجنة الفيدرالية الأمريكية لتنظيم الطاقة أوامر بإيقاف تشغيل أربعة سدود تمتد على حدود كاليفورنيا – أوريجون – وهي أكبر عملية إزالة للسدود في تاريخ الولايات المتحدة – لغرض استعادة موائل الأسماك المهددة بالانقراض[14]. وقد تمثل الهدف من ذلك في تحسين حالة نهر كلاماث، وهو الطريق الذي يسلكه سلمون شينوك وسلمون كوهو المعرض للخطر عندما يتحرك من المحيط الهادئ إلى مناطق التفريخ، والتي منها تعود الأسماك الصغيرة إلى البحر. ويساهم مرفق الطاقة “باسيفك كورب” PacifiCorp بمبلغ 200 مليون دولار أمريكي لغرض إزالة السدود، بينما وافق الناخبون في كاليفورنيا على إجراء سندات للولاية لتوفير 250 مليون دولار أمريكي إضافية.[15]
وقد أدت المخاوف المتعلقة بمثل هذه الأمور، فضلاً عن الآثار البيئية والاجتماعية المرتبطة ببناء السدود، إلى قيام الرابطة الدولية للطاقة الكهرومائية (IHA) بوضع بروتوكول لتقييم استدامة الطاقة الكهرومائية.
ويحدد هذا البروتوكول الممارسات الجيدة وأفضل الممارسات في كل مرحلة من مراحل دورة حياة مشروع الطاقة الكهرومائية عبر 24 موضوعاً بيئياً واجتماعياً وتقنياً واقتصادياً [16]، فيوفر صورة أوضح لاستدامة المشروع كليةً.
كما يتضمن موضوعات متداخلة تبرز في قضايا متعددة، مثل قضايا النوع الاجتماعي وحقوق الإنسان.
ومن المفارقات المتعلقة بالطاقة الكهرومائية أنه على الرغم من إمكاناتها الهائلة، فإنها قد تكون مصدر الطاقة المتجددة الأكثر تأثراً بتغير المناخ، لا سيما فيما يتعلق بأنماط الطقس. فعلى سبيل المثال، عندما ضرب الجفاف أجزاء متعددة من أوروبا في عام 2022 ، اصبحت محطات الطاقة الكهرومائية القائمة على الانهار متعطشة للمياه ولم تمتلئ الخزانات بمستوياتها المعتادة. ونتيجة لذلك، تراجعت كمية الطاقة المولدة من محطات الطاقة المائية في أوروبا في عام 2022 مقارنة بالعام الأسبق.[17]
والأمر لا يختلف كثيرا في الولايات المتحدة، لا سيما في الجنوب الغربي، الذي يواجه أقسى موجات الجفاف منذ أكثر من 1000 عام، وفقًا لورقة بحثية صدرت في نيتشر كلايمت تشينج[18]. وفي أغسطس 2022، أعلنت الحكومة الفيدرالية عن جولة أخرى من قطع المياه في ولايتي نيفادا وأريزونا.
وفي عام 2021، تم توليد حوالي 32٪ من الطاقة المتجددة في أمريكا اعتماداً على الطاقة الكهرومائية، 44٪ منها تم توليدها في كاليفورنيا وأوريجون وواشنطن. لكن تأثير الجفاف قد بدأ بالفعل. ففي عام 2021، أغلقت كاليفورنيا محطة للطاقة تقع على بحيرة أوروفيل، والتي تعتبر أحد أكبر خزانات الولاية، عندما تراجع منسوب المياه إلى ما دون المستوى المطلوب لتوليد الكهرباء. وبشكل عام، تراجع توليد الطاقة الكهرومائية في كاليفورنيا بنسبة 62٪ منذ عام 2019، مع تحول الولاية إلى الغاز الطبيعي لتعويض النقص.
الأعين تتجه نحو الابتكار
ومما يدعو إلى التفاؤل أن ثمة تطورات كثيرة شهدها مضمار تكنولوجيا الطاقة الكهرومائية، والتي من الممكن أن تخفف من آثار تغير المناخ وتستفيد من البنية التحتية القائمة بالفعل. ففي الولايات المتحدة الأمريكية، يقوم مكتب كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة[19] بتمويل الأبحاث في مجال الطاقة الكهرومائية منخفضة الارتفاع والتي من شأنها جعل السدود والقنوات والمجاري المائية القائمة، والتي لا تعمل بالطاقة، قادرة على توليد الكهرباء. وكلمة “منخفضة الارتفاع” تعني ببساطة محطات الطاقة الكهرومائية التي تعمل مع تغير في الارتفاع يتراوح من 2 إلى 20 متراً.
فعلى سبيل المثال، قامت شركة بيرشيرون باور Percheron Power[20] بتطوير واختبار الجيل التالي من توربينات أرشميدس اللولبية الهيدروديناميكية والتي تم تصنيعها من مواد مركبة باستخدام طريقة تصنيع متقدمة تسمى قولبة نقل الراتينج الخفيف. وهي طريقة تؤدي إلى خفض كل من تكاليف الإنتاج والمخلفات والانبعاثات مقارنة بالفولاذ. وعلى الرغم من أن لها نفس الخصائص الهيكلية مثل الفولاذ، إلا أن التوربينات المركبة أخف وزناً بنسبة 25٪ إلى 30٪.
و يتم طلاء الشفرات المركبة بمادة هلامية أثناء وجودها في القالب بحيث لا تحتاج إلى طلاء أساس أو دهانات مقاومة للتآكل. كما يمكن استبدالها بشكل منفصل، وذلك على العكس من شفرات التوربينات الفولاذية.
وهناك مثال آخر، حيث قامت شركة ناتل إنيرجي Natel Energy بتصميم وبناء وتشغيل مجموعة نقل قدرة يمكن الاعتماد عليها لمحرك شنايدر الهيدروليكي الخطي. وتتيح مجموعة نقل القدرة هذه تطوير قدرة طاقة مائية جديدة منخفضة الارتفاع وذلك عن طريق خفض رأس المال وتكاليف الصيانة، وهو الأمر الذي من شأنه أن يحقق وفورات في تكلفة الطاقة بحوالي 2 دولار أمريكي لكل ميجاوات / ساعة. [21]
تمويل المستقبل
بإمكان الابتكارات التكنولوجية أن تذهب إلى أبعد حد. ولكن على الرغم من أن التقدم التكنولوجي جعل توليد الطاقة الكهرومائية أكثر كفاءة ومرونة، إلا أن متوسط قيمة الاستثمارات في هذا المجال ظل ثابتاً دون تغيير يذكر. ولذا تأمل وكالة الطاقة الدولية أن يكون هناك المزيد من الابتكارات المالية. وهي تؤمن بأن الدور الذي يمكن أن تلعبه الطاقة الكهرومائية في تعزيز أمن إمدادات الكهرباء لا يتم إدراكه أو تقديره بشكل كاف في الاقتصادات المتقدمة. ومن ناحية أخرى، تحتاج الاقتصادات النامية إلى الحصول على تمويل ميسور التكلفة من أجل تطوير الطاقة الكهرومائية المستدامة.
وحتى تتمكن الاقتصادات المتقدمة من تحقيق الاستفادة القصوى من الطاقة الكهرومائية، تحتاج الحكومات إلى تقليص المخاطر المرتبطة بالاستثمار من خلال اتخاذ تدابير تشمل تقديم الضمانات من الدولة والعقود طويلة الأجل وغيرها من التدابير التي تعزز الثقة فيما يتعلق بالحصول على التعويضات[22]. وفي أوروبا وأمريكا الشمالية، يتم بالفعل تطوير غالبية المواقع الأقل تكلفة من أجل المشروعات الكبيرة، ومع ذلك يمكن لمحطات توليد الطاقة الكهرومائية الصغيرة الجديدة توفير مصدراً مهماً لتوليد الطاقة منخفضة الكربون، مع إتاحة دمج قدرة إضافية من الطاقة الكهروضوئية وطاقة الرياح[23]. أما في حالة الاقتصادات الناشئة والنامية، فإن وكالة الطاقة الدولية تدفع بأن الطاقة الكهرومائية تحتاج إلى نماذج أعمال مبتكرة مثل الشراكات بين القطاعين العام والخاص والتي من شأنها توزيع المخاطر على الأطراف المعنية[24].
ولدى مؤيدو الطاقة الكهرومائية اعتقاداً راسخاً بأن هذا النوع من الطاقة لديه القدرة على دعم أمن الطاقة، وخفض انبعاثات الكربون وتعزيز الرخاء، لكن التحديات الجيوسياسية والافتقار إلى الحوافز المالية تعرقل تحقيق التطور في هذا السياق.
ويقول مالكولم تورنبول، رئيس الوزراء الأسترالي السابق وعضو مجلس إدارة الاتحاد الدولي للطاقة الكهرومائية، عن الطاقة الكهرومائية: “يتمثل العائق الرئيس أمام انتشار هذا النوع من الطاقة على مستوى العالم في الافتقار إلى آليات السوق المناسبة التي أتاحت الفرصة أمام إنشاء محطات طاقة الرياح والطاقة الشمسية على نطاق واسع. فنحن بالفعل نمتلك كافة التقنيات التي نحتاج إليها كي يكون لدينا شبكات خالية من الكربون بنسبة 100٪. وما نحتاجه هو الإرادة السياسية [25]“. ومع تسارع وتيرة التوجه العالمي نحو تحقيق صافي الصفر من الانبعاثات الكربونية، فإننا نأمل ألا تكون تلك الإرادة السياسية غائبة.
ونحن في عبد اللطيف جميل نعي تماما أننا جميعاً يجب أن نعطي الأولوية لهذه القضية. فسواءً كان ذلك من خلال تسخير طاقة المياه أو إطلاق العنان لإمكانات الشمس، فإن المستقبل سيعتمد على الطاقة المتجددة بلا شك. ولهذا السبب، فإننا من خلال شركة فوتواتيو لمشاريع الطاقة المتجددةFRV ، الرائدة في مجال الطاقة المتجددة والتابعة لشركة عبد اللطيف جميل وشركة فوتواتيو إكس FRV-X الذراع المختص بالابتكار في مجال الطاقة، أصبحنا في الوقت الحالي نعمل في 18 دولة. كما تخطط شركة فوتواتيو لمشاريع الطاقة المتجددةFRV لاستثمار أكثر من 1.5 مليار دولار أمريكي في الأصول على مدى السنوات الأربع المقبلة لغرض مضاعفة إجمالي قدرتها المركبة من المشروعات في جميع أنحاء العالم، من 2 جيجاوات في بداية عام 2021 إلى 5 جيجاوات بحلول عام 2025.
وبينما سيظل اهتمام الشركة الرئيس منصباً على مشروعات الطاقة الشمسية الكهروضوئية وتخزين البطاريات وطاقة الرياح، ستعمل فوتواتيو لمشاريع الطاقة الشمسية أيضاً على توسيع نطاق أنشطتها لتشمل جميع حلول الطاقة النظيفة وتوسيع أنشطتها رأسياً من خلال زيادة التركيز على العملاء النهائيين.
ويقول فادي جميل ، نائب الرئيس ونائب رئيس مجلس إدارة شركة عبد اللطيف جميل: “لا يوجد مصدر واحد للطاقة المتجددة بإمكانه أن يقدم جميع الحلول لمعضلة صافي الصفر. لكن تكنولوجيا الطاقة الكهرومائية قادرة على أن تكون في الصميم من منحى التحول في مصادر الطاقة، وذلك من خلال استخدام مصدر غير محدود للطاقة – وهو الماء – من أجل توفير الطاقة لمستقبل أكثر استدامة لمجتمعنا وكوكبنا”.
[1] https://www.hydropower.org/blog/with-hydropower-we-can-create-a-renewable-and-resilient-energy-system
[2] https://www.energy.gov/eere/water/history-hydropower
[3] https://www.hydropower.org/blog/blog-hydropower-growth-and-development-through-the-decades
[4] https://iea.blob.core.windows.net/assets/83ff8935-62dd-4150-80a8-c5001b740e21/HydropowerSpecialMarketReport.pdf
[5] https://www.economist.com/the-economist-explains/2022/12/05/can-hydropower-help-ease-europes-energy-crisis
[6] https://oxfordbusinessgroup.com/news/storage-technology-could-elevate-hydropower-role-global-energy-transition?utm_source=Oxford%20Business%20Group&utm_medium=email&utm_campaign=13441313_ESG_Hydropower_September%201&utm_content=eu-september-2022&dm_i=1P7V,803DT,QZEKVW,WQ8U8,1
[7] https://www.elingexperience.co.uk/a-brief-history
[8] http://tidalpower.co.uk/tidal-power-schemes
[9] https://iea.blob.core.windows.net/assets/7ebafc81-74ed-412b-9c60-5cc32c8396e4/NetZeroby2050-ARoadmapfortheGlobalEnergySector-SummaryforPolicyMakers_CORR.pdf
[10] https://www.iea.org/reports/hydropower-special-market-report/executive-summary
[11] https://iea.blob.core.windows.net/assets/83ff8935-62dd-4150-80a8-c5001b740e21/HydropowerSpecialMarketReport.pdf
[12] https://www.economist.com/the-americas/2019/08/22/a-secret-hydropower-deal-with-brazil-causes-a-political-crisis-in-paraguay
[13] https://www.economist.com/leaders/2020/05/14/if-china-wont-build-fewer-dams-it-could-at-least-share-information
[14] https://www.theguardian.com/environment/2022/nov/17/us-dam-removal-endangered-salmon-klamath-river
[15] https://www.theguardian.com/environment/2022/nov/17/us-dam-removal-endangered-salmon-klamath-river
[16] https://www.hydropower.org/publications/hydropower-sustainability-assessment-protocol
[17] https://www.economist.com/the-economist-explains/2022/12/05/can-hydropower-help-ease-europes-energy-crisis
[18] https://www.economist.com/the-world-ahead/2022/11/18/americas-reservoirs-are-drying-up
[19] https://www.energy.gov/eere/water/hydropower-technology-development#LowHeadHydropower
[20] https://www.energy.gov/eere/water/articles/21st-century-archimedes-screw-new-materials-and-manufacturing-techniques-enable
[21] https://www.energy.gov/eere/water/hydropower-technology-development
[22] https://iea.blob.core.windows.net/assets/83ff8935-62dd-4150-80a8-c5001b740e21/HydropowerSpecialMarketReport.pdf Page 26
[23] https://iea.blob.core.windows.net/assets/83ff8935-62dd-4150-80a8-c5001b740e21/HydropowerSpecialMarketReport.pdf Page 30
[24] https://iea.blob.core.windows.net/assets/83ff8935-62dd-4150-80a8-c5001b740e21/HydropowerSpecialMarketReport.pdf Page 13
[25] https://www.economist.com/letters/2022/07/14/letters-to-the-editor