تقديم “الحي” في معرض الفنون في جدة
أعلنت الفن جميل، الذراع الإبداعي غير الربحي لمجتمع جميل، خططها بشأن إعداد مجمع ثقافي جديد للمساعدة في رعاية ودعم القطاع الإبداعي المزدهر في جدة.
الحي: يمثل ملتقى الإبداع أحدث خطوات سلسلة استثمارات الفن جميل الفنية الرئيسية في الإقليم. ويسعى مشروع الحي، الذي أعلن في يناير من هذا العام، إلى تحقيق أهداف مماثلة للمشروع الرئيسي الأخر ألا وهو مركز جميل للفنون بدبي. لكن مع أن الأهداف الكبرى أو الرئيسية للمشروعين متماثلة، فيما يخص تشجيع ودعم الفنون والثقافة محليًا، تبقى طبيعة تطوير كل منهما مختلفة للغاية.
الحي: ملتقى الإبداع هو مشروع تطوير على مساحة 17,000 قدم مربع في شمال جدة، ومن المقرر افتتاحه في منتصف عام 2019. يستعير المشروع اسمه من الكلمة العربية “الحي” والتي تعني “الجوار” ويعكس طبيعة المركز المجتمعية. |
ويهدف المشروع للعمل مع المنظمات الشريكة، مثل المعارض الفنية، ورواد الأعمال الرقميين، ونوادي الكوميديا، والمقاهي وغير ذلك الكثير، لتقديم وعرض التنوع الثقافي الكامل للفنون في المملكة العربية السعودية.
يشرح فادي محمد جميل، رئيس الفن جميل، الأمر بقوله “إن الحي: ملتقى الإبداع مُعد ليصبح قاعدة للمواهب في المملكة العربية السعودية، ولرعاية جيل جديد من المبدعين، بالإضافة إلى توفير فرص العمل والتدريب”.
“فالعمل مع الشركاء والمجتمع المحلي إنما يعكس التزام الفن جميل ومجتمع جميل بدعم الإبداع وريادة الأعمال في المملكة العربية السعودية وخارجها”.
إلهام شرقي
كلفت الفن جميل شركة “إبدا” للتصميم العاملة في دبي لتصميم الحي: ملتقى الإبداع كوجهة رئيسية للمجتمعات الفنية في جدة، حيث يجمع نطاق واسع من الخبرات الثقافية معاً.
أما “إبدا” للتصميم فهي شركة دولية للتصميمات المعمارية والحضرية والداخلية تعمل من دبي، ولها مكاتب تعاون وتمثيل في بيروت وطوكيو. ولقد تأسست الشركة عام 2009 على يد المهندس المعماري وائل الأعور، الذي عاد للشرق الأوسط بعد قضاء عدة سنوات في طوكيو من التعاون مع الرواد من المهندسين المعماريين والمصممين اليابانيين على مشروعات متنوعة المستويات في اليابان وحول العالم.
وسيشمل مجمع الحي المكون من ثلاث طوابق ساحات داخلية مفتوحة يحيط بها شرفات وممرات مغطاة. كذلك تشمل المرافق المشتركة مسرحًا ومساحة مخصصة لنطاق متنوع من الأنشطة؛ بدءًا من عروض الأداء والمعارض وحتى المؤتمرات والأسواق العامة.
وسوف يقوم هذا المشروع بجمع ورعاية الفنانين في المملكة العربية السعودية، والمؤلفين، والمصورين والعاملين بصناعة الأفلام، وأصحاب الأعمال والمشاريع وغيرهم من المبدعين، فضلاً عن الجمهور المتحمس والمهتم الذي يُساندهم.
الاستجابة للاحتياجات المحلية
تستعرض أنطونيا كارفر، مديرة الفن جميل، التفكير المحرك لهذا المشروع الطموح:
“نعلم أن جدة عامرة بمجتمع إبداعي مزدهر، وأن غالبية هذا المجتمع دون عمر الخامسة والثلاثين (35)، وأنهم يعملون على كل الأنماط الفنية المختلفة، بدءًا من عروض الأداء مرورًا بالكوميديا وصناعة الفيلم إلى الرسم والأدب. لكن كل يعمل بمعزل عن الآخر. فليس هناك من موضع أو مكان أو ملتقى يجمع هذه الطاقات الإبداعية معًا، ومن ثم فإننا نحاول عمل ذلك جاهدين في مشروع الحي: ملتقى الإبداع”. برامج الحي: سوف يشمل ملتقى الإبداع معارض دولية ومحلية عالمية المستوى للفن الحديث والمعاصر، وملتقى رقمي للمنتجين والمخرجين السعوديين الصاعدين، ومسرح احترافي بالإضافة إلى مساحات لعروض الأداء؛ وكذلك برنامجًا مستمرًا من الفعاليات التعليمية لكل الأعمار. |
وتستدرك كارفر قائلة: “نحن لسنا إزاء فرض رؤيتنا على جدة. بل فكرنا ونظرنا إلى معطيات الأمور على أرض الواقع، وإلى أكثر ما يحتاجه الفنانون والمجتمع المبدع للازدهار، وكيف يُمكننا المساعدة لسد هذه الفجوة في ضوء خبراتنا ودورنا كمنظمة”.
الحي: يتمم ملتقى الإبداع ويكمل عددًا من مبادرات الفن جميل القائمة بالفعل في المملكة العربية السعودية. وعن ذلك تشير أنطونيا أن بعض من هذه المبادرات، بما في ذلك تصوير جميل، التي تقوم برعاية المصورين من خلال ورش العمل، ودورات التدريب وتوفير الغرف المظلمة، سوف تنتقل بدورها إلى مشروع الحي: مُلتقى الإبداع. لكن ثمة مبادرات أخرى سوف تستمر قدمًا بالتعاون مع الشركاء المحليين.
“نرى الفن بوصفه مسعى متعدد المباحث والمداخل ونستشرف التناغم الجميل بين البرامج التراثية التي تخرج من رحم بيت جميل للفنون التراثية (البلد) في جدة والتركيز على الفنون العامة في متحف جدة للنحت على الكورنيش. هذه المواقع الثلاثة الرئيسية – البلد ومتحف النحت والآن الحي: مُلتقى الإبداع – سوف تسهم في شبكة الوجهات الثقافية الناشئة في جدة”.
استجلاب الفنون الدولية والعالمية إلى دبي
الحي: ملتقى الإبداع هو ثاني مركز فنون رئيسي من إنشاء الفن جميل في الإقليم.
يجري الآن إنشاء مركز جميل للفنون في دبي، وهو أحد أوائل مؤسسات الفن المعاصر في دولة الإمارات. ولسوف يقدم هذا الصرح الكبير الممتد على مساحة 10,000 قدم مربع، ويتكون من ثلاث طوابق متعددة التخصصات من تصميم شركة Serie Architects, التي تعمل في المملكة المتحدة، عروضًا مختلفة تستمد الإلهام من مجموعة فن جميل، وكذلك عروض المجموعات والعروض المنفردة الدولية والإقليمية.
من المزمع افتتاح مركز فن جميل في 11 نوفمبر/تشرين الثاني، من هذا العام، والمركز مصمم بالأساس ليكون ملتقى للمبادرات التعليمية والأبحاث، فيما يستهدف برنامجه الأوسع تعاونًا وشراكات مع الفنانين المحليين، والإقليميين والدوليين، وأمناء المتاحف والمنظمات.
وفي حين أن مركز فن جميل يقع في القرية الثقافية بدبي ويطل على خليج دبي، فإن مركز الفنون يضم أكثر من 1,000 متر مربع مخصصة كصالات عرض بالإضافة إلى مركز بحث مفتوح على اكثر من 300 متر مربع مخصص للفنانين والحركات الثقافية من مجلس التعاون الخليجي والعالم العربي الأوسع؛ كذلك ثمة أماكن ومساحات مرنة؛ وشرفة فوق السطح (مخصصة لعرض الأفلام والفعاليات)؛ ومنطقة نحت خارجية؛ ومقهى، ومطعم ومتجر لبيع الكتب.
مسارات مختلفة إلى نفس الوجهة
مع أن الفن جميل هي القوة المحركة للتطورات والتنمية في جدة ودبي، وأن كليهما يهدفان إلى دعم تطوير الفنون والثقافة في بيئاتهما المحلية، ترى أنطونيا كارفر أن طبيعة كل مشروع مختلفة جدًا عن الآخر.
“إن مركز الفن جميل في دبي سيكون معهد للفنون المعاصرة، يستحضر معارض عالمية المستوى تكاد تكون مركزة بالكامل على مجال الفن المرئي المعاصر. وفضلاً عن ذلك فإنها تركز بشكل قوي على مكتبة وفرص التعلم”.
“وفي المقابل فإن مشروع الحي: ملتقى الإبداع، وكما يشير الاسم، يدور حول بيئة أو جوار فني صغير متنوع. فثمة استوديوهات فنية، ومسرح وسينما، واستوديو رقمي لصناع الفيلم ومركز لرواد الأعمال. وسوف تتولى الفن جميل تشغيل وإدارة نصف المركز. أما النصف الأخر فسيتولاه شركاء من ذوي عقلية مماثلة، على سبيل المثال من المعارض التجارية، ومنافذ بيع الأزياء بالتجزئة لمصممين محليين. فالأمر بالأساس هو احتفاء واحتضان للمواهب الفنية والإبداعية في المملكة العربية السعودية اليوم”.
ورغم اختلاف المنهاج الذي تتبعه الفن جميل في جدة ودبي، إلا أن الهدف الرئيسي يظل واحداً ألا وهو دعم، وتشجيع ورعاية الإبداع في هاتين المدينتين العظيمتين.
وتستدرك كارفر قائلة: “إن عملنا في المقام الأول متمحور حول احتضان المواهب ودعم الفنون بالمعنى الأوسع والأشمل. وستظل هذه الأهداف جوهر الفن جميل في كل ما نقدمه، وإن اختلفت طريقة التنفيذ على أرض الواقع. فنحن نقوم بتصميم منهاجنا ليتوافق مع السياق الخاص لكل مكان تحديدًا. وهذه هي أفضل طريقة لدينا لزيادة التأثير”.