عندما تتلاقى الأفكار…
حوار مع الرؤساء التنفيذيين لمؤسسة ميلودي إنترناشيونال وشركة عبد اللطيف جميل للرعاية الصحية حول شراكتهما النوعية الجديدة فيما يتعلق برعاية الجنين قبل الولادة
أعلنت شركة عبد اللطيف جميل للرعاية الصحية (من خلال شركة عبد اللطيف جميل للتجارة العامة باليابان) و مؤسسة ميلودي إنترناشيونال عن تعاون نوعي جديد يتعلق بتوزيع جهاز لمراقبة الجنين عن بُعد يطلق عليه اسم iCTG، ابتكرته مؤسسة ميلودي، وهو عبارة عن منصة سحابية لاسلكية محمولة لمراقبة الجنين.
تهدف الشراكة إلى معالجة مشكلة صعوبة الحصول على المتابعة والمراقبة المناسبة للجنين في بعض الأسواق، بسبب خدمات الرعاية الطبية المحدودة وعدم توافر الأطباء المتخصصين، أو صعوبة الوصول إلى مرافق الرعاية الصحية الأولية بالنسبة للبعض لاعتبارات تتعلق بالجغرافيا وانتشار السكان على نطاق واسع. ومن المنتظر أن تركز شراكة المؤسستين على أسواق تم تحديدها في آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا.
الحوار الأول مع أكرم بوشناقي – الرئيس التنفيذي لشركة عبد اللطيف جميل للرعاية الصحية
التقينا مع يوكو اوجاتا (尾形 優 子) Yhuko Ogata، الرئيس التنفيذي لمؤسسة ميلودي إنترناشيونال، وأكرم بوشناقي، الرئيس التنفيذي لشركة عبد اللطيف جميل للرعاية الصحية، لمناقشة التقنية الجديدة، والطموحات الكامنة وراء هذا التعاون والفرص التي يأملون في استكشافها معًا.
هل يمكنك تقديم خلفية موجزة عن ميلودي انترناشونال ورسالتها؟
يوكو اوجاتا: أنشأت مؤسسة ميلودي إنترناشيونال عام 2015. يقع مقر المؤسسة الرئيس في مدينة تاكاماتسو، محافظة كاجاوا باليابان. هذا هو مشروعي الثاني. وقد نجحت في مشروعي الأول في تسويق أول نظام سجلات طبية إلكتروني في اليابان لأطباء أمراض النساء والتوليد، وهو ما جعلني أحصل على جائزة أفضل مدير لشركة صغيرة ضمن جوائز Japan Venture (مشروعات اليابان) لعام 2009.
ومنذ ذلك الحين، كنت دوما أعمل في مجال أمراض النساء والتوليد. فهذا المضمار يمثل أحد المجالات الصعبة للغاية، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالحمل والولادة. وينشغل أطباء أمراض النساء والتوليد دائمًا بالاستجابة لحالات الطوارئ. وهناك نقص في عدد الأطباء كما أن هناك مخاطر تتعلق بالتقاضي. في الوقت نفسه، يتزايد عدد حالات الحمل المعرضة للخطر.
واعتمادا على خبرتي في العمل مع الشبكات الرقمية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات الطبية منذ بدايتها، شرعت من خلال ميلودي إنترناشونال في إنشاء وتسويق منصة للتطبيب عن بعد لفترة ما قبل الولادة، بهدف تحقيق ولادات آمنة حول العالم للأمهات الحوامل.
يعتمد الأمر على أحدى التقنيات اليابانية التي تم تطويرها في منتصف السبعينيات من قبل البروفيسور كازوهيرو هارا والبروفيسور ياسوهيتو تاكيوتشي. فقد توصل الأثنان آنذاك إلى ابتكار مدوي فيما يتعلق بمراقبة الجنين بالاعتماد على أشعة الدوبلر ومن خلال طريقة “الارتباط التلقائي التكيفي في الوقت الفعلي”. ومنذ ذلك الحين، أصبح ابتكارهما هذا يمثل الأسلوب القياسي المعياري المتبع عالميا في هذا المجال، والمستخدم في جميع عمليات المراقبة الإكلينيكية للأجنة تقريبًا حتى الآن. ويعتمد جهاز مراقبة الأجنة المحمول iCTG – – وهو أصغر جهاز معتمد في الأسواق لمراقبة الأجنة – على القاعدة نفسها. ويعمل كلا الأستاذين الآن كمستشارين لمؤسسة ميلودي إنترناشيونال.
وهذا الابتكار ميسور التكلفة، ويمكن حمله. كما أنه مريح، ولا يحتاج إلى أوراق فهو يرسل البيانات مباشرة إلى شاشة الكمبيوتر اللوحي أو الأجهزة الذكية. ويماثل في وزنه الهاتف الذكي، ويوفر شحنه لمدة ساعة واحدة إمكانية مراقبة للجنين لمدة تصل إلى 6 ساعات.
هل تمت الموافقة على استخدام iCTG على المرضى؟
يوكو اوجاتا : نعم، تمت الموافقة بالفعل على استخدام جهاز ال iCTG من قبل وكالة الأدوية والأجهزة الطبية (PMDA) في اليابان، كما حصل على شهادة الأيزو ISO13485. وقد تمت الموافقة عليه أيضًا في كل من تايلاند وميانمار وبوتا. ونحن حاليًا
نستعد للتقدم للحصول على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية. ومن المنتظر أن نتمكن من خلال الحصول على مثل هذه الموافقات الدولية من نقل تقنية مراقبة الجنين عن بُعد إلى الأسواق العالمية والمستهلكين الذين يحتاجون إليه.
وما الذي دفعك إلى التعاون مع شركة عبد اللطيف جميل للرعاية الصحية؟
يوكو اوجاتا : إننا نحترم العمل الذي ظلت عائلة جميل تقوم به على مدى عقود فيما يتعلق بالاستثمار في البنية التحتية للحياة، وذلك من خلال مؤسسة عبد اللطيف جميل ومجتمع جميل. ويوافق هذا العام عيد ميلاد مؤسسة عبد اللطيف جميل الـ 75، على ما أعتقد. لقد انطلقت المؤسسة من جذورها التي نمت في مجال السيارات، ثم تنوعت أعمال عبد اللطيف جميل وتوسعت عالميًا، وأصبح لها اهتمامات في قطاعات شتى مثل الطاقة والمياه والتمويل والعقارات. وها هي الآن تنطلق إلى مضمار الصحة.
تأسست شركة عبد اللطيف جميل للرعاية الصحية للمساعدة في مجابهة التفاوت الذي طالما نلاحظه فيما يتعلق بالحصول على خدمات الرعاية الصحية العالمية، لا سيما في العالم النامي. وهي تقوم على تعاون عائلة جميل مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة، ولا سيما عيادة جميل، ومع معهد جميل في إمبريال كوليدج في لندن.
وتتفق رسالة شركة عبد اللطيف جميل للرعاية الصحية، التي تتضح في هذه الاستراتيجيات والشراكات، إلى حد كبير مع رسالتنا. ومن خلال تعاوننا الجديد، يمكننا الوصول بما لدينا من تقنيات متقدمة إلى قاعدة أكبر من السكان، كما يمكننا الحد من المخاطر وإنقاذ الأرواح في جميع أرجاء العالم.
كيف تتلاءم ميلودي إنترناشونال مع رؤية شركة عبد اللطيف جميل للرعاية الصحية ورسالتها؟
أكرم بوشناقي: إننا على ثقة من أن هذا النظام المبتكر والبسيط لمراقبة الأجنة سيكون ذا قيمة هائلة فيما يتعلق بخدمة الحصول على مراقبة مناسبة للأجنة خلال مرحلة ما قبل الولادة وتحسين النتائج بالنسبة للملايين من الأمهات الحوامل.
وبشكل خاص، ثمة ثلاثة جوانب لشراكتنا وللمنهج الذي تعمل بها كل من مؤسسة ميلودي إنترناشونال و شركة عبد اللطيف جميل للرعاية الصحية من أجل تحقيق رؤيتهما مشترك:
- تتمثل رسالة شركة عبد اللطيف جميل للرعاية الصحية في العمل كجسر يتمثل الغرض منه في تسريع وتيرة الحصول على ابتكارات الرعاية الصحية في شتى أرجاء العالم التي ظلت محرومة من الاستفادة من هذه الابتكارات. أو على الأقل، الأسواق التي قد تستغرق الابتكارات وقتًا أطول للوصول إليها. وتعاوننا مع مؤسسة ميلودي يتناسب تمامًا مع هذا الطموح.
- تتمثل رؤيتنا في التعامل مع الاحتياجات الطبية التي لم تتم تلبيتها. ونحن نؤمن أن جهاز مراقبة الجنين iCTG يلبي الاحتياجات الأساسية غير الملباة فيما يتعلق بزيادة سلامة الحمل لملايين النساء. والأسواق التي تركز عليها شركة عبد اللطيف جميل للرعاية الصحية تعتبر من أعلى معدلات المواليد في العالم. فعلى سبيل المثال، يفوق معدل المواليد السنوي في نيجيريا وحدها معدل المواليد السنوي في جميع أنحاء أوروبا مجمعا. لذلك، فهناك ضرورة قوية لتلبية هذه الاحتياجات غير الملباة، ومن خلال القيام بذلك، يمكننا بالفعل إحداث تأثير وتحقيق تغيير كبير.
- ويكمن عنصر آخر من رسالتنا في استخدام التقنيات المبتكرة لغرض المساعدة في تحسين إمكانات قدرات أنظمة الرعاية الصحية في البلدان التي نعمل فيها. ويوفر جهاز iCTG فرصة لتحقيق ذلك ولتبادل الموارد والتأكد من أنه حتى المواقع البعيدة يمكن أن تستفيد من الرعاية الجيدة ومتابعة الجودة.
تلك هي الأسباب التي جعلتنا نعتبر هذه الشراكة تتناسب تمامًا مع رسالتنا ورؤيتنا.
هل يمكن إعطائنا المزيد من المعلومات عن طبيعة تعاونكما؟
يوكو اوجاتا: يهدف تعاوننا إلى توسيع نطاق توزيع جهاز مراقبة الأجنة النموذجي iCTG في الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا.
والشرق الأوسط وأفريقيا، على وجه الخصوص، بعيدان للغاية عن اليابان، ومؤسسة ميلودي لا تملك شبكات قوية هناك. أما مؤسسة عبد اللطيف جميل فتعمل على تطوير الأعمال التجارية في هذه الأقاليم منذ أكثر من 75 عامًا، ولديها فلسفة مؤسسية لمواجهة القضايا الاجتماعية العالمية، وهو ما يتوافق مع فلسفة شركة ميلودي. إنني واثقة تماما من أن شراكتنا ستكون ناجحة.
أكرم بوشناقي: أعتقد أن هذه الشراكة تمثل علاقة مهمة للغاية، فهي تتعلق بحاجة طبية حيوية غير ملباة، وستقدم مثل هذه الخدمة القيمة للناس.
يتفوق جهاز ميلودي على أي جهاز آخر متوفر في الوقت الحالي. فبإمكانه أن يوفر رعاية عالية الدقة لمرحلة ما قبل الولادة في أي وقت وفي أي مكان، بغض النظر عن البنية التحتية الطبية. وثمة بعض المناطق في الشرق الأوسط وأفريقيا محرومة بالفعل من الرعاية الطبية وتسجل معدلات وفيات مرتفعة بين الأجنة والأمهات. ونحن نرى أن نشر منتجاتنا في هذه المناطق سيتيح للجميع فرصة للحصول على الرعاية الصحية ويقلل بشكل كبير من معدلات الوفيات.
نحن سعداء بالتعاون مع مؤسسة متخصصة مثل ميلودي، التي تملك سجلا حافلا من الابتكارات الهائلة. ونأمل أن نوظف معرفتنا وخبراتنا ومواردنا المشتركة من أجل خدمة الملايين.
كيف سيسهم التعاون بين المؤسستين في تحقيق أهدافك؟
يوكو اوجاتا: خلال جائحة فيروس كورونا المستجد، رأينا أن خطر الإصابة بالعدوى يتراجع متى تجنبنا الاتصال الوثيق مع الآخرين، خاصة في أماكن الرعاية الصحية، حيث يكون الخطر أعلى. ومن خلال نظام المراقبة عن بعد، تتيح أجهزة iCTG توفير خدمات طبية عالية الجودة دون اتصال مباشر بين أخصائي الرعاية الصحية والأم الحامل. وتقوم منصة مراقبة الجنين عن بعد، التي تقدمها مؤسسة ميلودي، على تقنية تم أثباتها وبيانات قوية، وهي معترف بها كمنتج موثوق للغاية. ونظرًا لأن هذا الوباء لم ينته بعد، وسيظل الفيروس معنا لسنوات قادمة، فنحن نريد إيصال هذه الرسالة في أقرب وقت ممكن للمساعدة في إنقاذ الأرواح وتحسين الرعاية.
وتستطيع شركة عبد اللطيف جميل للرعاية الصحية أن تساعدنا على تحقيق ذلك في الأسواق الرئيسة.
أكرم بوشناقي: إننا نعمل في دول ترتفع فيها معدلات المواليد. ففي النيجر – على سبيل المثال – يمكن أن يصل معدل المواليد إلى سبعة أطفال لكل امرأة. وتعتبر هذه المعدلات جد مرتفعة مقارنة بأي دولة غربية، كما تعد مؤشرا ذا مغزى عن حجم الحاجة لمثل هذا المنتج و حجم التأثير الذي يمكن أن يحدثه. والأمر لا يتعلق بالجهاز وحسب، ولكن أيضًا بتدريب المتخصصين المحليين العاملين في مجال الرعاية الصحية، والمساعدة في تحسين نظم الرعاية الصحية المحلية.
من ناحية أخرى، يتوافق المنتج تماما مع مجموعة منتجات وخدمات الرعاية الصحية الموجودة لدينا بالفعل، كتلك التي تقدمها Cellspect ، وهي شركة يابانية أخرى تعتمد على الابتكار قامت بتطوير جهاز محمول لاختبار نقطة الرعاية (POCT) . ومثل هذه الابتكارات ستمكننا من إحداث تأثير حقيقي وطويل الأمد في الأسواق المتعطشة لها.
ما هي أكبر التحديات التي تتوقع مواجهتها؟
أكرم بوشناقي: لا توجد مجموعة “واحدة” من التحديات العالمية واضحة المعالم سنحتاج إلى معالجتها. فلدى كل بلد وكل إقليم وكل شعب وكل بيئة بنية تحتية تطرح تحديات فريدة خاصة بها، ويشمل ذلك الأطر التنظيمية أو قدرة نظم الرعاية الصحية على الاستفادة من التقنيات الحديثة. لكننا نتوقع ذلك، ونحن جاهزون وقادرون على تكييف منهجنا مع احتياجات الأسواق المختلفة من أجل تحقيق الحد الأقصى من الاستفادة.
وما هو التالي بالنسبة لشركة عبد اللطيف جميل للرعاية الصحية؟
أكرم بوشناقي: رسالتنا مستمرة: بناء شراكات قوية، مثل تلك التي أقمناها مع مؤسسة ميلودي، والتوصل إلى مجموعة من الأدوات والتقنيات التي تعمل معًا بشكل جيد، وبمرور الوقت، تسهم في تحسين جودة خدمات الرعاية الصحية المتاحة للشعوب في الوقت الحالي، خاصة في الأسواق التي يتعذر فيها الحصول على تلك الخدمات.
لقد شاهدنا بعض التحديات الخطيرة التي واجهت أنظمة الرعاية الصحية العالمية أثناء الجائحة. ونتوقع أن تكون العديد من هذه التحديات أكثر صعوبة في العالم النامي. لكننا نعتقد أن الفرص التي نوفرها بالتعاون مع شركائنا، ستساعد بشكل كبير في معالجة هذه الأمور.
متى تتوقع أن يكون جهاز مراقبة الأجنة المحمول iCTG متاحًا في الأسواق المستهدفة؟
أكرم بوشناقي : إننا نتواصل بالفعل مع شركاء عبد اللطيف جميل في اليابان، وكذلك مع شركائنا في مؤسسة ميلودي أملا في طرح المنتج في أسواقنا خلال الأشهر القليلة المقبلة. إن المنتج جاهز، ويتم استخدامه بالفعل. وبعد ذلك، سنحتاج إلى بناء قنوات التوزيع الأكثر فاعلية لتوصيل المنتج إلى أيدي مقدمي الرعاية الصحية. ونحن في الوقت الحالي نعمل من أجل تحقيق هذا الهدف.