تخيل معى للحظة أن كل ما نحتاج إليه من الطاقة (بل وأكثر من ذلك) أصبح متاحًا وفي متناول أيدينا، وأن كل تلك الطاقة مخزنة في أكثر العناصر وفرة وانتشارًا في كوكبنا … وتخيل أيضا أنه من الممكن استغلال هذه الطاقة، واستخدامها لدفع عجلة العديد من القطاعات الاقتصادية والجوانب المختلفة للأنشطة البشرية. لا شك أن ذلك قد يحررنا إلى الأبد من قيود الوقود الأحفوري الذي يلحق ضررًا بالغًا بكوكبنا.

قد يبدو الأمر بالنسبة لغير المتخصصين ضربًا من الخيال، فيعتبرونه أشبه بأحلام اليقظة التي نراها في افلام الخيال العلمي … أو لنقل أشبه بالعلاج الشافي والحل القاطع لجميع مشكلاتنا البيئية. لكن مهلاً … فهذا السيناريو المثالي ليس بعيد المنال.

لنقل مرحبًا لطاقة الهيدروجين.

لقد أثبتت الفكرة نجاحها بالفعل: حيث يتم إنتاج طاقة الهيدروجين واستخدامها تجاريًا في جميع أنحاء العالم.

وتستمد طاقة الهيدروجين، كما يوحي اسمها، من أبسط العناصر وأكثرها وفرة في هذا الكون – الهيدروجين. فعندما تحترق شعلة غاز الهيدروجين في الهواء، يتم إطلاق الطاقة من خلال تفاعل الأكسجين (O2) مع الهيدروجين (H2) ويمكن استخدام هذه الطاقة كوقود. وماذا عن المنتج الثانوي؟ الماء H2O .

ولكن  كما هو الحال في كثير من الأحيان ثمة عقبة بسيطة. ففي الوقت الحالى، يعتمد حوالي 95٪ من الهيدروجين المستهلك عالميًا على الوقود الأحفوري في إحدى مراحل عملية الإنتاج[1]. فعملية اصلاح الميثان بالبخار أو اصلاح الميثان البخاري – وهى  الطريقة الأكثر شيوعا لانتاج الهيدروجين – تحتاج إلى بخار عالى الضغط ودرجة حرارة مرتفعة،  ولا يمكن توفير هذا النوع من الطاقة في الوقت الحالى إلا من خلال الوقود الأحفوري . وتعتبر تلك النقطة بلا شك من السلبيات الخطيرة للاعتماد على الهيدروجين من المنظور البيئي.

ولكن ما من أحد يستطيع أن يردع المبدعين في مجال “اقتصاد الهيدروجين” المستقبلي أو أن يثبطهم. فالخبراء لديهم تصور عن سيناريو – ليس ببعيد – يتم فيه الاعتماد على الهيدروجين بتكلفة معقولة وبشكل نظيف لتوفير الطاقة في حياتنا اليومية،  بل وللاستخدامات التي لا تتلائم مع الكهرباء. ويمكن استخدام الهيدروجين في تخزين الطاقة على المدى الطويل. وهناك أيضا المركبات التي تعمل بالهيدروجين، ويمكن الرجوع إلى مقالنا – الذي يقع ضمن مجموعة مقالات وجهة نظر – والذي تناول هذا الأمر بإسهاب. ناهيك عن استخدام الهيدروجين في التدفئة، وخلطه مع ثاني أكسيد الكربون الذي يتم التقاطه /استخلاصه وإنتاج وقود نظيف للطائرات. وكل ذلك ليس له بصمة كربونية تزيد عن بعض بخار الماء الذي يتصاعد في الغلاف الجوي بشكل غير ضار على الإطلاق[2].

وكل ما نحتاج إليه من أجل إطلاق  ثورة الطاقة هذه هو الكثير من البراعة مع القليل من العزيمة و تشجيع الالتقاء بين الافكار والعقول  الأكثر جرأة في مجال التكنولوجيا.

عنوان الرسم التوضيحي: يمكن للهيدروجين أن يحدث ثورة في عالم التنقل باستخدام المركبات التي لا يصدر عنها أية انبعاثات

ALJ Hydrogen Energy Infographics Fuel Cell

نحو مستقبل خالٍ من الكربون

يعتمد ما يسمى بالهيدروجين “الأخضر” على الطاقة المتجددة – وليس على الوقود الأحفوري –  في التحليل الكهربائي للمياه وإنتاج غاز الهيدروجين.

ومن المنتظر أن يسهم  تحويل الطاقة المتجددة إلى غاز قابل للتخزين في معالجة اثنتين من أبرزالمشكلات المتعلقة بمصادر الطاقة المتجددة في الوقت الحالي والتصدي لها. فمصادر الطاقة المتجددة غير متسقة (إذ تعتمد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على سطوع الشمس وقوة  الرياح على التوالي) وقد لا يتزامن توليدها دائمًا مع الطلب.

وبغض النظر عن مدى توافر الكهرباء، فإن كل ما نحتاجه لإنتاج الهيدروجين الأخضر هو الماء وجهاز يعرف  باسم “المحلل الكهربائي”. وبمجرد حصولك على هذا المنتج النهائي المهم للغاية، فإنك ستلاحظ استخداماته المتعددة التي لا يضاهيها شيئ آخر.

يمكن استخدام الهيدروجين الأخضر في تزويد خلايا الوقود الموجودة في السيارات أو السفن بالوقود بشكل مباشر، أو في عمليات الحرق التى تتم في محطات الطاقة الحرارية أو محطات التدفئة. كما يمكن استخدامه ببساطة كي يحل محل حوالى 10 ملايين طن من الهيدروجين الصناعي المنتج من الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة سنويًا.[3]

ALJ Hydrogen Energy Infographics Electrolyzer

فلا عجب أن البعض يصف الهيدروجين بأنه الطفرة الكبرى القادمة، ويستثمر كل من القطاعين العام والخاص الوقت الثمين والمال في تحسين وتطوير العمليات المرتبطة به.

ومن المنتظر أن يسهم تطوير عمليات الحصول على الهيدروجين النظيف في التغلب على بعض التحديات التي واجهتنا حتى الآن فيما يتعلق بانتاج الهيدروجين والتقدم الذي يتم إحرازه في هذا الإطار. فالعملية التقليدية لإنتاج الهيدروجين ليست بالعملية النظيفة أو الصديقة للبيئة. إذ يعتبر الغاز الطبيعي المصدر الأساسي لإنتاج الهيدروجين في الوقت الحالى. وتمثل تكلفة الوقود من 45٪ إلى 75٪ من إجمالي تكلفة إنتاج الهيدروجين[4]. إن إنتاج الهيدروجين من الوقود الأحفوري يعني أيضًا أنه مع ارتفاع الطلب على الهيدروجين – وقد تضاعف معدل الطلب بالفعل ثلاث مرات منذ عام 1975 – تزداد الانبعاثات الناتجة عن إنتاج الهيدروجين بالشكل التقليدي. وتصل نسبة تلك الانبعاثات في الوقت الحالي 830 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، أى نفس معدل إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون تقريبًا في المملكة المتحدة وإندونيسيا مجتمعين[5].

الهواء الساخن ليس كل شيء

وتواجه الشركات العاملة في مجال الوقود الأحفوري قيودًا أكثر صرامة فرضت على أنشطتها بهدف المساعدة في الحد من الانبعاثات كما جاء في اتفاقية باريس. وتهدف الاتفاقية إلى الحد من ارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية إلى ما دون الدرجتين المئويتين خلال هذا القرن مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية. ومن المنتظر أن يتطلب تحقيق ذلك إجراء خفض كبير في معدلات الانبعاثات في جميع القطاعات. وبذلك، يمكننا أن نتوقع لهذه الجهات أن تتبنى أبحاث الهيدروجين الأخضر.

انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المتعلقة بالطاقة و السياسات الحالية (حالة مرجعية) مقارنة بالتحول السريع إلى الطاقة المتجددة (REmap) ، 2010-2050

ALJ Hydrogen Energy Infographics Emissions

وعلى سبيل المثال ، تمضي شركة لايت سورس بي بي Lightsource BP  الرائدة في مجال الطاقة الشمسية والتابعة  لشركة BP قدمًا  في إنشاء محطة هيدروجين خضراء تعمل بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح بقوة 1.5 جيجاوات في غرب أستراليا.[6]

في الوقت نفسه، دخلت “شل” هولندا في شراكة مع اينيكو Eneco  فيما يتعلق بعرض لشراء حصة من مناقصة رياح بحرية هولندية لتشغيل مركز هيدروجين يعمل بقدرة 200 ميجاوات في ميناء روتردام[7].

وتسعى الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى اللحاق بركب ثورة الهيدروجين الخضراء والانضمام إلى هذا المجال الآخذ في الإزدهار. وقد كشفت المملكة المتحدة وألمانيا واليابان وأستراليا – وتضخ الأخيرة أكثر من 200 مليون دولار أمريكي لبدء جهود العمل – عن مجموعة الاستراتيجيات المتعلقة بالهيدروجين. وتعتزم هولندا تشغيل 500 ميجاوات من المحللات الكهربائية الخضراء بحلول عام 2025 ، كما تخطط البرتغال لإنشاء محطة جديدة تعمل بالطاقة الشمسية لإنتاج الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2023[8].

ومعظم الصخب المتعلق بهذا الأمر يأتي من أوروبا، فقد جعلت المفوضية الأوروبية الهيدروجين الأخضر العامل الأهم لتحقيق هدفها المتمثل في الوصول بانبعثات الكربون إلى الصفر بحلول عام 2050. وتتضمن إستراتيجية المفوضية الأوروبية المرحلية ما يلي:

  • تركيب ما لا يقل عن 6 جيجاوات من المحللات الكهربائية للهيدروجين المتجدد في الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2024 ، والقادرة على إنتاج ما يصل إلى مليون طن من الهيدروجين المتجدد
  • تركيب ما لا يقل عن 40 جيجاوات من المحللات الكهربائية، لإنتاج ما يصل إلى عشرة ملايين طن من الهيدروجين المتجدد بين عامي 2025 و 2030
  • نشر التقنيات المتعلقة بالهيدروجين على نطاق واسع عبر جميع القطاعات “التي يصعب إزالة الكربون منها” بين عامي 2030 و 2050[9]

European Clean Hydrogen Allianceليست هذه مجرد وعود واهية. فلضمان تحقيق هذه الأهداف الطموحة، أطلقت المفوضية الأوروبية شراكة جديدة تحت مسمى الاتحاد الأوروبي للهيدروجين النظيف.

يجمع التحالف بين القادة الوطنيين والإقليميين والبنوك وأبرز عناصر الصناعة ويتمثل الغرض منه تأمين خط استثماري لتوسيع نطاق إنتاج الهيدروجين الأخضر، مع تقديم معايير ومصطلحات واعتمادات مشتركة.

Kadri Simson
كادري سيمسون
مفوضة الطاقة بالاتحاد الاوروبي

يسعى  الاتحاد الأوروبي من خلال هذا التحالف إلى التأسيس لدوره القيادى على النطاق العالمى  في هذا المجال. ويتمثل الهدف من ذلك فى دعم التزام الاتحاد الأوروبي بالوصول إلى حياد الكربون بحلول عام 2050. لا شك أن كل ذلك  من شأنه تعزيز ثقة المستثمرين، وبالتالي ضمان البنية التحتية والشبكات اللوجستية اللازمة للهيدروجين الأخضر من أجل الاستفادة من كامل إمكاناته.

وتقول مفوضة الطاقة بالاتحاد الاوروبي، كادري سيمسون: “يجب أن يصبح نظام الطاقة في الاتحاد الأوروبي أكثر تكاملاً وأكثر مرونة و أكثر قدرة على استيعاب أنظف الحلول وأكثرها فعالية من حيث التكلفة، وسوف يلعب الهيدروجين دورًا رئيسيًا في هذا الأمر، فتراجع اسعار الطاقة المتجددة والابتكار المستمر يجعلانه حلاً قابلاً للتطبيق وجد مجديًا لاقتصاد يولى اهتمامًا بقضايا المناخ”.[10]

هل سيقضي السعر على حلم الهيدروجين؟

كما هو الحال في معظم مناحي الحياة، يعلو صوت المال. فالهيدروجين ليس رخيصًا. فوفقًا للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD) ، تبلغ تكلفة الهيدروجين الأخضر في الوقت الحالي حوالي 3-6 دولارات أمريكية للكيلوجرام الواحد وذلك مقارنةً بـ1-1.8 دولارًا أمريكيًا للكيلوجرام الواحد من الهيدروجين المصنوع من الوقود الأحفوري[11].

ويعد ذلك من السلبيات بلا شك. وهناك شيء آخر.

وتتوقع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA) أن تبلغ حصة الهيدروجين الناتج عن الكهرباء المتجددة في مزيج الطاقة العالمي حوالي 19 إكساجول بحلول عام 2050. ومع ذلك، فإن إنتاج هذه الكمية من الهيدروجين المتجدد (أو المنتجات القائمة على الهيدروجين) سيتطلب ما بين 4-16 تيراواط من الطاقة الشمسية و قوة الرياح.[12]

Hydrogen Energy

ووفقا للتقديرات فإن إنتاج 19 إكساجول من الهيدروجين سوف يستلزم ما لا يقل عن 6,690  تيراواط ساعة من الكهرباء سنويًا – وهو ما يعادل 1,775 جيجاواط من مزارع الرياح البحرية، و 2,243 جيجاواط من الرياح البرية، و 4,240 جيجاواط من الطاقة الشمسية الكهروضوئية أو 957 جيجاواط من الطاقة النووية[13]. ويعتبر ذلك تطورًا فيما يتعلق بقدرتنا الحالية: 23.4 جيجاواط من الرياح البحرية ، 540.4 جيجاواط من الرياح البرية ، 480.4 جيجاواط من الطاقة الشمسية الكهروضوئية و 397 جيجاواط من الطاقة النووية.

وتوضح هذه الأرقام المخيفة سبب قيام بعض خبراء الصناعة بالدعوة إلى إجراء مؤقت لما يسمى بـ”الهيدروجين الأزرق” – وهو الهيدروجين المنتج باستخدام الغاز الطبيعي وتقنية التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه CCUS. لسوء الحظ، لا يمكن “التقاط” سوى 80٪ من الكربون المنبعث خلال هذه العملية، لذا فإن نظام الطاقة الذي يعتمد على الهيدروجين الأزرق سيظل مسؤولاً عن ملايين الأطنان من الانبعاثات كل عام.[14]

وبينما تبدو مقارنات التكلفة البحتة غير محبذة للهيدروجين الأخضر، يجدر بنا أن نتذكر المبدأ القديم للعرض والطلب. إذ أنه من المنتظر أن تنخفض الأسعار حتمًا مع زيادة حجم الاستهلاك.

فعلى سبيل المثال، وفقا لتوقعات البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD) قد يسهم انخفاض التكلفة المرتبطة بالتحليل الكهربائي و تراجع اسعار الطاقة المتجددة في خفض سعر الهيدروجين الأخضر إلى ما لا يزيد عن 1.50 دولارًا أمريكيًا للكيلوجرام بحلول عام 2050، مما يجعله مماثلا للغاز الطبيعي بل أنه قد يتفوق عليه بكثير إذا ما شددت العقوبات المرتبطة بانبعاثات الكربون الخناق على الوقود الأحفوري.

ويقول كريستيان كاراريتو – مسئول بالبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية: “قد نكون في سيناريو متكرر … فقبل عقد أو عقدين من الزمن تعرضنا للموقف نفسه مع الطاقة المتجددة حيث كانت تكلفة الحلول تفوق البدائل. فإذا استمرت الأمور على نفس المنوال وكانت هناك دفعة تحفيزية للسياسات، فإننا نتوقع بلوغ تنافسية التكلفة قريبًا”.[15]

وبالمثل، في تقريرها المعنون “مستقبل الهيدروجين”[16]، ترى وكالة الطاقة الدولية أن تكلفة إنتاج الهيدروجين من الطاقة المتجددة يمكن أن تنخفض بنسبة 30٪ بحلول عام 2030 نتيجة لانخفاض تكاليف مصادر الطاقة المتجددة وزيادة إنتاج الهيدروجين.

ووفقا لوكالة الطاقة الدولية: “مع انخفاض تكلفة الكهرباء المتجددة، لا سيما التي يتم توليدها من  الطاقة الشمسية الكهروضوئية وطاقة الرياح، يتزايد الاهتمام بالهيدروجين المحلل. وقد انطلقت العديد من المشروعات في الإطار نفسه في السنوات الأخيرة … ومع تراجع تكلفة الطاقة الشمسية الكهروضوئية وطاقة الرياح، يصبح بناء المحللات الكهربائية في المواقع التي تتوافر بها ظروف وإمكانات ممتازة فيما يتعلق بالموارد المتجددة خيارًا منخفض التكلفة بالنسبة للهيدروجين “.

منظور السياسة العامة

على الرغم من العقبات، فإن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة لا تتردد في تعريف الهيدروجين المشتق من الطاقة المتجددة باعتباره “الحلقة المفقودة” في قطاعات تحول الطاقة، فهو يوفر الوقود للقطاعات التي يصعب فيها التخلص من الكربون عن طريق استخدام الكهرباء. وتدرك الوكالة أن وجود سياسات مشجعة وأطر تنظيمية يعد أمرًا بالغ الأهمية من أجل جذب الاستثمارات اللازمة من القطاع الخاص.

وبناءاً على ذلك، فإن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة توصي بـ:

  • تصميم أدوات الدعم المالي، مثل دعم النفقات الرأسمالية والخصومات الضريبية، من أجل تعويض التكلفة الأولية للتكنولوجيا الجديدة
  • فرض قيود فيما يتعلق بالانبعاثات المرتبطة بالطاقة المتجددة في الصناعة لغرض تشجيع زيادة الطلب على الهيدروجين
  • فرض تعريفات طويلة الأجل لحقن شبكة الغاز
  • تمكين مشغلي المحللات الكهربائية من المشاركة في أسواق الخدمات الثانوية
  • تقليل مخاطر الاستثمارات بهدف تحفيز استيعاب السوق ودعم البنية التحتية وانتاج الهيدروجين[17]

بالإضافة إلى ذلك، تشير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة إلى أن هناك ما يدعو إلى توقع زيادة الاقبال على الهيدروجين الأخضر مع تطور التقنيات الرئيسية.

وتقترب أجهزة المحللات الكهربائية التي تعمل بغشاء التبادل البروتوني (PEM) وخلايا الوقود من مرحلة خفض تكلفة الإنتاج، وذلك مع الانتشار التجاري الذي بدأ بالفعل في الأسواق الرئيسية مثل اليابان وكاليفورنيا وأوروبا[18]. وعلاوة على ذلك، يمكن للوقود الكهربائي الجديد في كثير من الأحيان أن يحل محل الوقود الأحفوري بسلاسة ودون الحاجة إلى تهيئة المعدات في موقع الاستخدام – ويعد ذلك امرًا بالغ الأهمية لقطاعات مثل الطيران.

وقد تم بالفعل تحديد العديد من الصناعات حيث يمكن للهيدروجين الأخضر أن يحرز تقدمًا فوريًا وكبيرًا فيما يتعلق بتحقيق الأهداف المناخية. ويشمل ذلك العمليات واسعة النطاق التي تشمل صناعة البتروكيماويات والصلب، ومركبات النقل المتوسطة والثقيلة مثل الحافلات والشاحنات والقطارات والسفن.

قد يكون التنقل بالفعل هو أحد أبرز القطاعات على الطريق الصحيح فيما يتعلق بالاستفادة من فوائد الهيدروجين، وأيضاً المساعدة في تغيير المفاهيم.

وتعد اليابان دولة رائدة على مستوى العالم في مجال المركبات التي تعمل باستخدام خلايا الوقود الهيدروجينية. وهي تهدف إلى تسيير200 ألف مركبة تعمل بالهيدروجين على الطريق بحلول عام 2025، على أن تزيد إلى 800 ألف في عام 2030[19]. ومن المنتظر أن يتم دعم هذه المركبات من خلال شبكة وطنية من محطات التزود بوقود الهيدروجين تم تصميمها من أجل إتاحة وجود ملايين المركبات الهيدروجينية على طرق البلاد. وبالنظر إلى المستقبل، تستهدف اليابان تشغيل 320 محطة هيدروجين بحلول عام 2025 و 900 محطة بحلول عام 2030[20].

ولطالما أكدت شركة تويوتا موتور كوربوريشن، عملاق السيارات اليابانية و شريك مؤسسة عبد اللطيف جميل ذات التاريخ الطويل، أن تكنولوجيا خلايا الوقود الهيدروجينية يمكن لها أن تقوم بتشغيل مجموعة واسعة من أنواع المركبات. وترى الشركة أنه من المنتظر أن تحدث زيادة كبيرة في مبيعات المركبات الكهربائية التي تعمل بخلايا الوقود على مستوى العالم خلال العقد المقبل. وتماشيًا مع هذه التوقعات، تخطط الشركة لإنتاج أكثر من 30 ألف سيارة كهربائية تعمل بخلايا الوقود سنويًا بحلول نهاية عام 2021[21] – بزيادة كبيرة عن 3,000 سيارة سنويًا في عام 2018.

وفي الواقع، تم اختيار السيارة تويوتا ميراي التي تعمل بالهيدروجين، والتي قدمتها شركة عبد اللطيف جميل، من أجل إطلاق أول محطة للتزود بالوقود بخلايا الوقود الهيدروجينية في المملكة العربية السعودية في واحة العلوم بوادي الظهران للتقنية في عام 2018[22]. ويعد ذلك علامة أكيدة على أن طاقة الهيدروجين تنطلق في طريقها.

Saudi Aramco and A
في المملكة العربية السعودية، قامت شراكة بين أرامكو السعودية وشركة آير برودتكس مؤخرًا ببناء أول محطة للتزود بخلايا الوقود الهيدروجينية في البلاد في واحة العلوم بوادي الظهران للتقنية. وقد تم توفير المركبات التي تعمل بالوقود الهيدروجينى لغرض مرحلة الاختبار التجريبي من قبل شركة عبد اللطيف جميل للسيارات وشركة تويوتا موتور كوربوريشن، وهي سيارات تويوتا ميراي التي تعمل بخلايا الوقود.

الهيدروجين يبشر بطفرة في عالم البطاريات

كيف يمكننا أن نقوم بتخزين كل تلك الطاقة النظيفة التي نأمل أن ننتجها يومًا ما من الهيدروجين، وكيف نستخدمها في تزويد الصناعة والنقل بالكهرباء؟ البطاريات وخلايا الوقود.

تتمتع هذه التقنيات المتداخلة بقدرة مشتركة على تحويل الكهرباء المخزنة إلى طاقة كيميائية، تعد جاهزة للاستخدام متى وأينما دعت الحاجة إلى ذلك.

ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية (IEA)، فقد زادت قدرة العالم على تصنيع خلايا البطارية بشكل كبير في السنوات الأخيرة، حيث يتم إنتاج 320 جيجاوات/ساعة من البطاريات الخاصة بالسيارات الكهربائية (EVs) سنويًا اعتبارًا من عام 2020.[23] وهذا أكثر من كاف لتشغيل قرابة الـ 2.1 مليون سيارة كهربائية التي تم بيعها في عام 2019، ولكنها تقل عن الـ 1000 جيجاوات/ساعة وهي القدرة المطلوبة بحلول عام 2025 إذا تم تحقيق أهداف مبيعات السيارات الكهربائية. وتعد الصين الدولة الرائدة في هذا الإطار، حيث تلبي حوالي 70٪ من القدرة العالمية، تليها الولايات المتحدة بنسبة 13٪.

وفي المقابل، تقوم أوروبا بدور رائد في إنتاج المحللات الكهربائية الخاص بطاقة الهيدروجين، بقدرة تصنيع سنوية تبلغ 1.2 جيجاوات، وهو ما يكفي لـ 500,000 سيارة تعمل بخلايا الوقود. ولكن ثمة زخم آخذ في الازدياد، مع استكمال شركة آي تي إم باور ITM Power بناء أكبر مصنع في العالم لإنتاج المحللات الكهربائية (والذي من المتوقع أن يقوم بإنتاج 1 جيجاواط سنويًا) في شيفيلد، بالمملكة المتحدة، في أوائل عام 2021.[24]

متوسط حجم مشروعات المحلل الكهربائي التي تم تركيبها، 2000-2019

ووفقا لما أعلنته وكالة الطاقة الدولية: “في أفضل الأحوال، سوف تشمل  حزم تحفيز الطاقة النظيفة تصنيع البطاريات والمحللات الكهربائية في وقت واحد من أجل تحقيق الاستفادة القصوى من الفوائد غير المباشرة التي  تشتمل عليها التقنيتين”.[25]

ونحن في عبد اللطيف جميل، لدينا إيمانًا راسخًا بفكرة أن مستثمري القطاع الخاص يمكنهم تشجيع الحكومات والشركات الكبرى على تسريع الأجندة الخضراء. ومن خلال محفظتنا التقنية التي تسعى إلى تخطي كافة الحواجز والحدود الموجودة، فنحن في وضع جيد من أجل تنمية مجال طاقة الهيدروجين، ويرجع الفضل في ذلك بشكل جزئي إلى الأبحاث الرائدة التي نقوم بها في مجال بطاريات تخزين الطاقة.

وفي نوفمبر 2020، شرعنا عبر الشركة المتخصصة في مجال الطاقة المتجددة فوتواتيو لمشاريع الطاقة المتجددة (FRV)، التابعة لشركة عبد اللطيف جميل للطاقة، شرعنا في مشروعنا الثاني للبطاريات على نطاق المرافق في غرب سوسيكس، بالمملكة المتحدة. ويشتمل مشروع كونتيجو، والذي تبلغ سعة التخزين به 34 ميجاوات، الذي تم تطويره بالشراكة مع شركة هارموني انرجي، يشتمل  على نظام مكون من 28 بطارية ليثيوم أيون ميجاباك من تسلا.

 

ويعتمد مشروع كونتيجو على النجاح السابق الذي تحقق مع  إنشاء مصنع البطاريات التابع لشركة فوتواتيو لمشاريع الطاقة المتجددة (FRV)، في وقت سابق والذي تصل سعته التخزينية إلـي 7.5 ميجاوات في هولز باي، بدورست. ويعتبر هذا المصنع جزءًا من التزام المؤسسة المستمر في تخطى الحواجز وتجاوز الحدود في مجال الطاقة المتجددة – ويشمل ذلك الهيدروجين.

Fady Jameel
فادى جميل – نائب الرئيس ونائب رئيس مجلس الإدارة بشركة عبد اللطيف جميل

إنه الالتزام الذي دفع فادي جميل، نائب الرئيس ونائب رئيس مجلس إدارة شركة عبد اللطيف جميل، إلى الإشادة بتصميم عبد اللطيف جميل على “وضع نموذج للطاقة المستدامة والمتجددة كجزء من تحول المملكة المتحدة المستمر بعيدًا عن الوقود الأحفوري”.

وإذا كنا نعتزم أن نترك لأجيالنا القادمة كوكبًا صالحًا للحياة يتسم بالإزدهار ويعم فيه الرخاء، فسوف يتعين علينا التحول بعيدًا عن مصادر الطاقة غير المتجددة. وحتى الآن لم يحظ بعد دور طاقة الهيدروجين بالاهتمام الكامل في عالم الطاقة الجديد الذي يتسم بالجرأة. ولكن لا يمكن تجاهل إمكانات الهيدروجين الأخضر لتزويد قطاعات كبيرة من مجتمعنا بالطاقة بشكل نظيف ومستدام.

إن التقدم التكنولوجي الذي يتم إحرازه في مجال طاقة الهيدروجين يتزايد بإطراد. 

وإذا تطورت السياسة العامة بالوتيرة نفسها، فسوف يمكننا حقًا أن نرى هذا العنصر المتواضع يقفز من الجدول الدوري إلى مكانة أعظم تمامًا على الصعيد العالمي.

 

[1]  https://www.vox.com/energy-and-environment/2018/2/16/16926950/hydrogen-fuel-technology-economy-hytech-storage

[2]  https://webstore.iea.org/download/direct/2803?filename=the_future_of_hydrogen.pdf

[3]  https://www.greentechmedia.com/articles/read/green-hydrogen-explained

[4]  The Future of Hydrogen, IEA

[5]  The Future of Hydrogen, IEA

[6]  https://www.reuters.com/article/us-bp-hydrogen-australia-idUSKBN22K0IC

[7]  https://www.smart-energy.com/renewable-energy/shell-eneco-announce-dutch-wind-powered-green-hydrogen-hub/

[8]  https://www.ebrd.com/news/2020/is-green-hydrogen-the-sustainable-fuel-of-the-future-.html

[9]  https://ec.europa.eu/commission/presscorner/detail/en/ip_20_1259

[10]  https://ec.europa.eu/commission/presscorner/detail/en/ip_20_1259

[11]  https://www.ebrd.com/news/2020/is-green-hydrogen-the-sustainable-fuel-of-the-future-.html

[12]  https://www.irena.org/newsroom/articles/2019/Oct/Unprecedented-momentum-for-green-hydrogen

[13]  https://www.rechargenews.com/transition/a-wake-up-call-on-green-hydrogen-the-amount-of-wind-and-solar-needed-is-immense/2-1-776481

[14]  https://www.rechargenews.com/transition/a-wake-up-call-on-green-hydrogen-the-amount-of-wind-and-solar-needed-is-immense/2-1-776481

[15]  https://www.ebrd.com/news/2020/is-green-hydrogen-the-sustainable-fuel-of-the-future-.html

[16]  The Future of Hydrogen, IEA

[17]  https://www.irena.org/-/media/Files/IRENA/Agency/Publication/2018/Sep/IRENA_Hydrogen_from_renewable_power_2018.pdf

[18]  https://www.irena.org/-/media/Files/IRENA/Agency/Publication/2018/Sep/IRENA_Hydrogen_from_renewable_power_2018.pdf

[19]  Japan: Taking a Lead in Hydrogen,

[20]  Japan Sees Big Future in Hydrogen Cars

[21]  Toyota plans to expand production, shrink cost of hydrogen fuel cell vehicles

[22]  Saudi Aramco and Air Products to build Saudi Arabia’s first hydrogen fuel cell vehicle fueling station

[23]  https://www.iea.org/articles/batteries-and-hydrogen-technology-keys-for-a-clean-energy-future

[24]  https://renewablesnow.com/news/itm-power-moves-in-1-gw-per-year-electrolyser-plant-in-sheffield-726704/

[25]  https://www.iea.org/articles/batteries-and-hydrogen-technology-keys-for-a-clean-energy-future