لا ريب في أن المملكة العربية السعودية تنطلق قدمًا وبإيقاع سريع نحو أن تكون أحد أهم المراكز اللوجستية العالمية في ضوء ما تتمتع به من اتصال أرضي وبحري وجوي مباشر بأوروبا وآسيا وأفريقيا وبنية تحتية متقدمة أخذة في النمو السريع المتزايد وبيئة جاذبة مرحبة للقطاع الخاص واستثمارات أجنبية مباشرة.

إن المملكة العربية السعودية نقطة التقاء طرق التجارة الدولية الرئيسية بين القارات الثلاثة: آسيا وأوروبا وأفريقيا[1]. ولما كان موقع المملكة الفريد يجعل نصف سكان العالم على مسافة 5 ساعات بالطائرات وقرابة 300 مليون مستهلك في نطاق رحلة جوية لثلاث ساعات[2] ، فإن الاستفادة من ميزة الموقع الاستراتيجي فرصة رئيسية جوهرية للبلاد. وهي حقيقة أدركتها الحكومة في خططها الطموحة الموضحة في استراتيجية التنمية الوطنية لرؤية المملكة 2030.

“وجهنا استثمارات ضخمة في إنشاء الموانئ والسكك الحديدية والطرق والمطارات. ولتحقيق الاستفادة الكاملة من هذه الاستثمارات، فإننا نخطط للعمل مع القطاع الخاص والدخول في سلسلة جديدة من الشراكات الدولية لإتمام مشاريع البنية التحتية وتحسينها وربطها على المستوى الداخلي والخارجي عبر الحدود. فمشغلي النقل الجوي والبحري وغيرهم سيجدون التشجيع والتحفيز لتحقيق الاستفادة القصوى من قدراتهم وذلك بإرساء علاقات وصلات متينة راسخة مع مراكز التجارة الحالية وكذلك فتح طرق تجارية جديدة. وسيدعم ذلك موقعنا كبوابة لوجستية مميزة إلى القارات الثلاثة.”

– رؤية 2030

يمثل التنوع الاقتصادي فائدة رئيسية لتحقيق هذا الطموح، وهو ما يُستعان عليه وييسره، جزئيًا، إنشاء مناطق اقتصادية خاصة في مواقع متميزة تنافسية. لذا تُدرج رؤية 2030 مناطق لوجستية بالإضافة إلى مناطق سياحية وصناعية ومالية مع وعود ” بتطبيق قواعد وتشريعات تجارية خاصة على هذه المناطق وذلك لتشجيع فرص الاستثمار وتنويع الإيرادات الحكومية”.

منطلقة مدفوعة بأهداف الرؤية، والالتزام والاستثمار المحرك لهذه الطموحات، ها هي المملكة العربية السعودية تشهد بالفعل نموًا كبيرًا في قدراتها اللوجستية جوًا وبحرًا وبرًا في حين تقطع خطوات كبيرة سريعة تحو تحقيق طموح البلاد من تحسين ترتيبها في المؤشر العالمي للأداء اللوجستي من المركز 49 إلى المركز 25 بحلول 2030.

 التحليق في سماوات النجاح

شهدت صناعة الطيران السعودية في السنوات القليلة الماضية نموًا كبيرًا كما توضح أرقام عدد الركاب والشحنات. ولقد حمل شهر فبراير 2018 ما يُجسد ويؤكد هذا النمو عندما وافقت الحكومة على إنشاء مطار مدني جديد، في القنفذة، على شاطئ البحر الأحمر[3]، وذلك كجزء من خطط توسعة قطاع النقل لمواكبة نمو النقل الجوي المُخطط له في رؤية 2030.

وعلى ذات الغرار، ها هي التوسعات العملاقة في مطار الملك عبد العزيز الدولي، والبالغ قيمتها 7.2 مليار دولار،[4] على وشك الإتمام بعد مضي أكثر من عقد كامل من العمل.

باكتمال هذه التوسعات، فإن سعة المطار سترتفع إلى 30 مليون راكب عبر 46 بوابة للرحلات الدولية والمحلية[5].

 ثمة عناصر توسع أخرى تشمل النقل الآلي، وفندق بطاقة 120 غرفة، ومسجد كبير، ومحطة سكك حديد على مشروع قطار الحرمين السريع الذي يربط المدينة ومكة على مسار يبلغ 281 ميل.

في الجزء الخارجي، يوجد أكبر كوبري توصيل بين المطار والطائرة (case bridge deck) في العالم بطول 15 كيلومتر – والذي يوفر الطريق الرئيسي لدخول المطار والخروج منه[6]. وكوبري التوصيل بين محطة المطار والطائرة، الذي تعدت تكلفته 666 مليون دولار أمريكي، يبرز بذاته تجسيدًا جليًا للنية والقصد من وراء مطار كهذا بطموحات عظيمة على مدار العشرون (20) عاماً القادمة.

إن التوسعة الحالية ليست سوى المرحلة الأولى من ثلاث مراحل مخطط لها في مطار الملك عبد العزيز الدولي. وتهدف الخطط إلى زيادة سعة المطار إلى 43 مليون راكب سنويًا بحلول العام 2025، ثم زيادة السعة مرة أخرى لاستيعاب 80 مليون راكب سنويًا بحلول العام 2035[7]. فالدلائل المبكرة تشير أن هذه النتائج في سبيلها للتحقق بحلول 2025 ذلك أن أعداد الركاب ارتفعت بنسبة 9.4% في عام 2017[8]، ليبلغ إجماليها 34 مليون راكب من 226,894 رحلة طيران (بزيادة تبلغ 3.46%)، وعلاوة على ذلك فإن البدء في إصدار تأشيرات السياحة يفتح الأفق لمزيد من النمو.

لقد زاد عدد ركاب الرحلات الجوية في المطار بنسبة 16.8% في حين زاد عدد الرحلات الجوية العاملة عبر مطار الملك عبد العزيز الدولي من 64 رحلة إلى 80 رحلة. وختامًا، فإن المطار سيخدم 36.5% من إجمالي الركاب الذين يستخدمون المطارات السعودية.

نمو سريع لقطاع الشحن

يشهد قطاع الشحن الجوي توسعًا مماثلاً ومن ذلك زيادة حجم الأعمال في الشرق الأوسط بنسبة 4.6% في أكتوبر 2017[9].

واستجابة لهذا النمو، واستغلالاً للفرص السانحة، فإن عبد اللطيف جميل تباشر إنشاء منشأة نقل سريع في مطار الملك خالد الدولي على مساحة 5,500 م2 تلبية لاحتياجات الطلب المتزايد[10].

وقعت الهيئة العامة للطيران المدني (GACA) اتفاقية إنشاء مع عبد اللطيف جميل في صيف 2017، ويُتوقع أن يبدأ العمل فيها في بدايات 2019. ويعلق فيصل السمنودي، نائب رئيس استثمارات عبد اللطيف جميل (على يمين الصورة) على الأمر بقوله: “إن المرافق الجديدة، على أحدث طراز في مطار الملك خالد الدولي تضع عبد اللطيف جميل في مقدمة شركات اللوجستيات في المملكة؛ وتشيد إمكاناتنا المشتركة لتلبية كافة احتياجات عملائنا من الاستيراد والتصدير.”

كذلك ثمة سلسلة من التطورات الصغيرة تعيد التأكيد على اتجاه السفر. ففي أبريل 2017، أضافت شركة دي إتش إل إكسبريس رحلة جوية جديدة بين جدة والبحرين[11]. وتبلغ قدرات شركة دي إتش إل إكسبريس نقل 154 طن من الشحنات عبر رحلاتها السبعة أسبوعيًا. وعلى صعيد أخر، فإن مؤشر Crane Worldwide Logistics قد أظهرت قناعتها في تنامي مكانة المملكة العربية السعودية كأحد المراكز اللوجستية المستقبلية وذلك بافتتاحها مكتبًا جديدًا في الخبر[12] في بداية 2018.

إن هذه الاستثمارات معتمدة بالأساس على أدلة سليمة على مكانة المملكة العربية السعودية المستقبلية كأحد المراكز اللوجستية العالمية الرئيسية. فلقد حلت المملكة العربية السعودية في المركز السادس في مؤشر “أجيليتي للخدمات اللوجستية في الأسواق الناشئة” للعام 2018 وفي المركز الخامس في المؤشر نفسه للبلدان ذات ناتج إجمالي محلي يفوق 300 مليار دولار[13]. وتشير الإحصائيات أن ما يقرب 97,000 طن من الشحنات نُقلت جوًا من الاتحاد الأوروبي إلى المملكة العربية السعودية في العام 2017، وهو بذلك سابع أكبر ممر شحن على مستوى العالم بين الاتحاد الأوروبي أو قاعدة للولايات المتحدة وأحد الأسواق الناشئة، مع نمو خاص في بضائع الحديد والصلب والسيراميك والخضروات.

تغييرات جذرية في صناعة النقل البحري

المملكة العربية السعودية يمكنها أن تبلغ آفاق بعيدة في بحثها عن القدرات اللوجستية المتنامية. ومن الواضح أن المملكة تستغل بالفعل موقعها الاستراتيجي على طريق شحن دولي رئيسي بين الشرق والغرب. فميناء جدة الإسلامي، على سبيل المثال، أكبر موانئ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأكثرها انشغالاً، فيما ستوفر الموانئ الجديدة – مثل تطوير مساحة 43 مليون متر مربع في الليث، والذي يقع على 230 كم جنوب جدة – المزيد من المرونة في المملكة العربية السعودية.

يبقى القول بوضوح أن القطاع العام لن يضطلع منفردًا بتحقيق أهداف رؤية 2030. ومثال ذلك ميناء الملك عبد الله، الممتد على أكثر من 15 كم2 بالقرب من وادي الصناعة في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، إذ ضخ القطاع الخاص بالفعل 2.7 مليار دولار من الاستثمارات فيما يتوقع أن يبلغ إجمالي الاستثمارات بالنهاية 5 مليار دولار[14]. أما الميناء فلقد صار بدوره ثاني أكبر ميناء بالبلاد وذلك في ضوء إعلانه زيادة الطاقة الاستيعابية السنوية للميناء بنسبة 21% مقارنة بالعام 2016 محققًا 1,695,322 TEU (وحدات تعادل فئة 20 قدما) بنهاية العام 2017[15].

إن إتمام المراسي 5 و6 في عام 2017 من شأنه زيادة طاقة الميناء الاستيعابية لتبلغ 4 مليون TEU (وحدة تعادل فئة 20 قدما). لذا اشاد المهندس عبدالله بن محمد حميد الدين، المدير الإداري لشركة تطوير الموانئ، مالك ومطور ميناء الملك عبد الله بهذه الخطوات. معلقًا: “سيزيد ذلك قدرة الميناء على بلوغ أهم مراكز التجارة أهمية في الإقليم والعالم، ليدعم بذلك أدوار القطاع الخاص بشكل عام، وميناء الملك عبد الله على نحو خاص، في تحقيق رؤية 2030.”

من جانبه، أخبر ريان قطب، المدير التنفيذي لميناء الملك عبد الله، الزوار في معرض ‘بريك بلك الشرق الأوسط’ (Breakbulk Middle East 2018) أنه يتوقع زيادة كبيرة في أحجام البضائع والشحنات على امتداد السنوات الثلاثة القادمة. فلقد تمكن الميناء من استيعاب نحو 19.6 مليون طن عام 2017 وهو الرقم الذي يتوقع زيادته إلى 29.5 مليون طن بحلول عام 2020[16].

إن هذا النمو المتوقع سيدعم صلات التجارة القائمة بالفعل مع الغرب عبر الموانئ السعودية. ولقد شهد عام 2017 نقل أكثر من 15 مليون طن شحن بحري من الاتحاد الأوروبي إلى المملكة العربية السعودية، لتصير خامس أكبر ممر شحن بحري بين الاتحاد الأوروبي أو قاعدة للولايات المتحدة وأحد الأسواق الناشئة[17].

رسم طريق للمستقبل

تشهد شبكة النقل والمعابر الداخلية تطوير مماثل هي الأخرى خلال استثمارات كبرى. فالهيئة العامة للاستثمار بالسعودية (SAGIA) تُخطط استثمار أكثر من 141 مليار دولار في مشاريع السكك الحديدية والمترو والحافلات فيما بين 2015 و2024.

 

يربط مشروع قطار الحرمين السريع بين المدينة ومكة عبر مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، ومطار الملك عبد العزيز الدولي وجدة.

في 31 ديسمبر 2017، أتم قطار الحرمين رحلة تجريبية قطع فيها 450 كم استغرقت ساعتين و52 دقيقة[18] ، فيما يُشار أن الرحلات والخدمات التجارية يُنتظر أن تبدأ في مارس 2018 ويتولى تشغيلها شركة RENFE الإسبانية.

علاوة على ما تقدم، تشمل مبادرات النقل العام مشروع مترو الرياض الذي يشمل 85 محطة على طول 176 كم من ستة خطوط على امتداد المدينة[19]. ولقد تم تخصيص استثمارات بمبلغ 90 مليار ريال سعودي فيما يُخطط لبدء العمليات في عام 2018[20]. جدير بالذكر أن ثمة مشاريع مماثلة في جدة والدمام ومكة والمدينة على مراحل مختلفة من التخطيط والتطوير.

إن مشروع مترو الرياض أحد أهم وأكبر التزامات السعودية لتطوير شبكة الطرق بإضافة 10,000 كم من السكك الحديدية والمترو بحلول 2030[21]. والجزء الأكبر من هذا الهدف يتحقق من خمس مشروعات كبرى رئيسية – بما في ذلك مترو الرياض – والذي يبلغ 5,500 كم.

الاستثمار في مركز لوجستي جاذب ومتنامي الأهمية

مع قرب إتمام التوسعة المبدئية لمطار جدة، وتوقيع عبد اللطيف جميل عقدًا لتشييد منشأة جديدة على مساحة 5,500 متر مربع في مطار الرياض، لترفع بذلك حجم الشحن المار خلال تطويرات موسعة في مواقع تشمل ميناء الملك عبد الله، وسلسلة من مشاريع السكك الحديد قيد التطوير، فإن المملكة العربية السعودية تبدو أنها تمضي قدمًا في خطوات جريئة كبرى لتصبح مركزًا لوجستيًا عالميًا رئيسيًا.

يُنتظر لهذه التطورات والمشاريع زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر الذي يمثل أحد العوامل المحفزة الجوهرية التي تشجعها باستمرار حكومة لديها إصرار وعزيمة على تأمين تمويلاً من القطاع الخاص لمشاريعها قيد التنفيذ.

ووفقًا للهيئة العامة للاستثمار بالمملكة العربية السعودية (SAGIA)، “فإن الضغط الديموغرافي المتنامي، وحركة العمران والتزامات المملكة العربية السعودية طويلة الأجل لتطوير البنية التحتية هي المفاتيح الرئيسية لجعل قطاع اللوجستيات والنقل جاذبًا للمستثمرين[22].”

وتؤكد الهيئة العامة للاستثمار في المملكة العربية السعودية (SAGIA) في هذا الشأن أن “بالمشاركة في تطوير البنية التحتية بالمستوى والسرعة المطلوبين فإنه يمكن للمستثمرين ذوي الخبرة الاستفادة من الكثير من الفرص المثيرة في المملكة العربية السعودية”.

ولقد دعمت عبد اللطيف جميل جهود الحكومة في معرض التطوير والتنمية المستمرة في المملكة العربية السعودية وشعبها لأكثر من 60 عام. كذلك جمعت الشركة بين التقدم التكنولوجي العالمي والخبرات المحلية لتكوين شراكات دائمة قوية ودعم الشركات ما وراء البحار التي تتطلع للاستثمار في المملكة العربية السعودية.

ولمعرفة المزيد حول الاستثمار في المملكة العربية السعودية مع عبد اللطيف جميل، يُرجى النقر هنا.

[1]Vision 2030, Kingdom of Saudi Arabia.
[2]Saudi Arabia: Transport and Logistics Opportunities, Saudi Arabia General Investment Authority, September 2016
[3]Saudi Arabia planning new airport along the Red Sea, Zawya, 14 February 2018
[4]Jeddah airport expansion project 90% complete, Construction Week Online, 17 July 2017
[5]KAIA Expansion to be Developed in 3 Phases, King Abdulaziz International Airport, accessed February 2018
[6]World’s largest bridge deck for KAIA expansion, World Highways, November 2013
[7]KAIA Expansion to be Developed in 3 Phases, King Abdulaziz International Airport, accessed February 2018
[8]Jeddah airport at new altitude with record number of flights, passengers, Arab News, 7 February 2018
[9]October gets fourth quarter off to a strong start, says IATA, AirCargoNews, 1 December 2017
[10]New facility for King Khalid International Airport, Opening Doors, summer 2017
[11]DHL Express expedites Bahrain-Jeddah operation with new flight, Air Cargo News, 12 April 2017
[12]Crane Worldwide opens new Saudi Arabia office, Air Cargo News, 15 January 2018
[13]Agility Emerging Markets Logistics Index 2018, Agility, January 2018
[14]Saudi port anticipates breakbulk ‘hypergrowth’, Breakbulk Events & Media, 6 February 2018
[15]With an annual growth of 21%, King Abdullah Port is the second largest port in the Kingdom, King Abdullah Port, 15 January 2018
[16]Saudi port anticipates breakbulk ‘hypergrowth’, Breakbulk Events & Media, 6 February 2018
[17]Agility Emerging Markets Logistics Index 2018, Agility, January 2018
[18]Inaugural run on Haramain high speed line, Railway Gazette, 31 December 2017
[19]King Abdulaziz Project for Riyadh Public Transport, High Commission for the Development of Arriyadh, accessed February 2018.
[20]Saudi Arabia: Transport and Logistics Opportunities, Saudi Arabia General Investment Authority, September 2016
[21]Saudi Arabia: Transport and Logistics Opportunities, Saudi Arabia General Investment Authority, September 2016
[22]Saudi Arabia: Transport and Logistics Opportunities, Saudi Arabia General Investment Authority, September 2016