قام بإعداده أندي ستون، مختبر عبد اللطيف جميل للأمن المائي والغذائي العالمي (J-WAFS)

شهد شهر يناير اجتماع 2500 مندوب و70 من قادة العالم من 100 دولة مختلفة وقد تخطوا أصعب العقبات والعواصف الثلجية للاجتماع في دافوس في سويسرا في المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF). ولعل هذا المناخ القاسي مثل بمفارقة غريبة خلفية مشهد الجلسات المزمع عقدها، والتي كانت تركز على مزيج من التحديات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي يُمكن الوقوف عليها في أنحاء العالم، والتي تشمل بالتبعية الأحداث المناخية الشديدة التي يُسببها تغير المناخ.

كان تقرير المخاطر العالمية، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي مؤخرًا بوصلة نقاشات الأسبوع، ولقد جمع هذا التقرير نتائج رصد رأي 1,000 من الخبراء وصناع القرار الذين تولوا تقييم 30 من المخاطر العالمية في ضوء الظروف الجيو-سياسية الحالية لتصنيف احتمالية وإمكانية تأثيرها في نطاق 10 سنوات مقبلة.

ولقد حلت المخاطر البيئية محل الصدارة في المشاكل الخطيرة هذا العام، مع كوارث المياه كخامس أشد المخاطر العالمية، بعد أسلحة الدمار الشامل، والحوادث المناخية بالغة الشدة والكوارث الطبيعية والإخفاق في الحد من آثار التغير المناخي والتكيف معها.

لكن كوارث المياه لا توجد من فراغ. فالمياه، في حقيقة الأمر، عنصر جوهري مؤثر في الكثير من المخاطر العالمية التي ركز عليها المنتدى الاقتصادي العالمي في التقرير بما في ذلك الإخفاق في تخفيف آثار تغيير المناخ، وأزمات الطعام وفقدان التنوع البيولوجي والهجرة القسرية وانتشار الأمراض المعدية وغير ذلك الكثير. بل إن موجز التقرير التنفيذي يُقر بقصور قائمة مرتبة على استيعاب هذا التعقيد: “ويعلق كلاوس شواب، الرئيس التنفيذي لمجلس إدارة المنتدى الاقتصادي العالمي، والرئيس بورجي بريندي عن الأمر “لا يسع الإنسانية التعامل مع تعددية التحديات التي تُجابهنا سواء بالتتابع أو منفصلة عن بعضها البعض”. ثم يُعقبان بنداء للعمل: بقدر ما تزداد المخاطر العالمية تركيبًا وتداخلاً وتصاعدًا، فإن استجابتنا يتعين أن تكون متصلة وممتدة عبر الأنظمة العالمية الكثيرة التي تُشكل العالم.”

وثمة برنامج في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) يقوم بالمتابعة على هذه الدعوة، وهو برنامج قائم على منهج يتخطى الحدود لتحديات الأنظمة العالمية للمياه والغذاء. ويقصد بذلك مختبر عبد اللطيف جميل للأمن المائي والغذائي العالمي (J-WAFS) التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الذي يمثل جهد مؤسسي كامل موسع للتعامل مع الضغوط الجماعية التي تهدد أنظمة المياه والغذاء حول العالم. فمنذ تدشين مختبر عبد اللطيف جميل للأمن المائي والغذائي العالمي (J-WAFS) في 2014 والمعهد معني ومنشغل بأبحاث الماء والغذاء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في عدة طرق، بما في ذلك البحث والمنح التجارية وزمالات الطلاب الخريجين وورش عمل الخبراء الدوليين. ومنهجنا للتعامل مع التحديات العالمية يتمحور حول التركيز على الحلول: ويشمل ذلك مثلاً نشر التقنيات الفعالة والبرامج الناجحة والسياسات المؤثرة التي سيكون لها تأثير دولي ملموس في إطار استجابة البشرية وتكيفها مع تعداد سكاني مطرد النمو والزيادة على ظهر كوكب أخذ في التغير.

لدينا في معمل عبد اللطيف جميل للأمن المائي والغذائي العالمي (J-WAFS) وعي عميق حقيقي بتدفقات المياه أو بالأحرى تأثيرها وتقاطعها في عدة تحديات عالمية المستوى. وهذا هو أحد الدوافع لمنهاجنا متعدد الاختصاصات، والسبب في أن يكون معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) حيث التعاون بين التخصصات أمر شائع، هو التربة الخصبة المميزة للأبحاث المعنية بحلول أنظمة الماء والغذاء.

ولنأخذ مثلاً علاقة الماء بالبند رقم أربعة على القائمة؛ ألا وهو الإخفاق في تخفيف آثار تغيير المناخ والتكيف معها. فواحد من المشاريع التي يمولها معمل عبد اللطيف جميل للأمن المائي والغذائي العالمي (J-WAFS) قد يكون مؤثرًا وبالغ الفعالية. ويستحضر هذا ذكر اثنين من أبرز العاملين في المجال وهما سوزان سولومون، بروفسور بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) وأحد رواد علم الغلاف الجوي وعضوة الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ (IPCC) وكينيث سترزيبيك، عالمة باحث في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) والذي كان لعمله في الهندسة والتخطيط لمصادر المياه وإدارتها تأثيرًا عالميًا. فلقد وضعا معا نموذجًا زراعيًا يقدر إنتاج المحاصيل في أفريقيا بناء على معطيات المياه وجودة التربة ومُجهدات درجات الحرارة ذات الصلة بتغير المناخ. أما البيانات المُستخدمة في هذا النموذج فتمثل 122 تصور مناخي مستقبلي، والملاحظات الناتجة توفر توقعات دقيقة لتأثيرات التغير المناخي على أفريقيا. وباستخدام هذا النموذج، فإن الفريق بمقدوره تقييم توقعات إنتاجية جملة من المحاصيل وكذلك تأثير التغير المناخي على العجز في مصادر المياه بشكل أوسع. كمثال، في أحد التطبيقات دمج فريق البحث نموذج المحاصيل به مع نموذج لإدارة المياه لتصور وتوقع توافر المياه والطلب في أكبر أحواض الأنهار في أفريقيا ألا وهو نهر الكونجو، ونهر النيجر، ونهر النيل، ونهر السنغال، ونهر أوبر أورانج وفولتا وزامبيا. وتشير النتائج إلى التوجهات الإقليمية والقومية في شأن إتاحة المياه في معرض الاستجابة للضغوط الآنية لتغير المناخ، وزيادة عدد السكان والتوسع في الطاقة الكهرومائية والري الموسع. فالمعرفة المكتسبة من هذه النتائج قد تُساعد صناع السياسة الإقليميين في التخطيط لممارسات زراعية أكثر تأقلمًا وأنظمة بنية تحتية للمياه أكثر فاعلية من حيث التكيف مع تغير المناخ.

كما يوضح المثال السابق، فإن ثمة علاقة واضحة بين الماء وأزمات الغذاء التي تحل في المركز السابع من التقرير. فالماء عنصر جوهري لأنظمتنا الغذائية بداية من المزرعة وحتى المنضدة. والحقيقة أن أعضاء المنتدى الاقتصادي العالمي عرفوا المزيد عن هذه الصلة من خبراء معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) بما في ذلك البروفيسر جون لينارد، مدير معمل عبد اللطيف جميل للأمن المائي والغذائي العالمي (J-WAFS)، في جلسة عقدت في الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس عام 2015.  فلقد ناقش بروفسير لينارد الضغوط المتزايدة على موارد المياه العالمية بما في ذلك الغذاء. ويُعلق البروفسير قائلاً” إن الضغوط على المياه لها صلة مباشرة بإنتاج الغذاء. فأكثر من 70% من مسحوب المياه العذبة يوجه لإنتاج الغذاء فيما كان أثر مسحوب المياه مدمرًا.”

ومنذ ذلك الوقت، قام معمل عبد اللطيف جميل للأمن المائي والغذائي العالمي (J-WAFS) بتمويل عددًا من مشاريع الأبحاث التي تركز على محور المياه – الغذاء. فمثلاً يعمل عدة محققين رئيسين في معمل عبد اللطيف جميل للأمن المائي والغذائي العالمي (J-WAFS) على تطوير أدوات تزيد من تكيف المياه لأغراض الزراعة. وكريستوفر نيتل، البروفيسر بمدرسة سلون للإدارة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، يعمل في كاليفورنيا ويتخذها مقرًا للاختبارات لفحص كيف يمكن لإنشاء أسواق المياه تحسين إدارة موارد المياه، وزيادة الكفاءة والحد من الصراعات المحلية والإقليمية حول استخدام هذا المورد المشترك. كذلك تجدر الإشارة إلى كريبا فاراناسي، البروفيسور المساعد بالهندسة الميكانيكية الذي يعمل على تطوير رذاذ زراعي جديد يستخدم جزيئات مشحونة لتحسين ممارسات استخدام المبيدات ومنع تلوث التربة وسطح الماء والمياه الجوفية. أما ستيفن جرافيس، البروفيسور بكلية سلون للإدارة، وبيش سانيال، البروفيسور في قسم الدراسات الحضرية والتخطيط، فيعملون معًا لتقييم كيفية تأثير توسعة الخدمات الزراعية على تبني – أو غياب النفاذ إلى – تكنولوجيا الري من قبل المزارع الصغيرة. وتركيزهم الحالي على دولة السنغال، إذ يعملون على تقييم مدى قدرة المزارع الصغيرة ذات المعرفة بتكنولوجيا الري على دعم الجهود العامة لتوسعة الري إلى المزارع الصغيرة لحمايتها من الجفاف وزيادة الإنتاجية.

يمثل انتشار الأمراض المعدية الخطر العاشر على قائمة المنتدى الاقتصادي العالمي في حين أن المياه أحد النواقل الممكنة. وأحد المشاريع التي يمولها معمل عبد اللطيف جميل للأمن المائي والغذائي العالمي (J-WAFS) تهدف إلى مجابهة هذا التحدي من خلال حلول صغيرة معقولة التكاليف لصالح المجتمعات الريفية النائية. كانت هذه التكنولوجيا قد طورت خلال التعاون بين روهيت كرانيك، البروفيسور المساعد للهندسة الميكانيكية، وإيمي سميث، مؤسس MIT D-Lab. ولقد توصل الفريق إلى ابتكار مرشح مياه من أوعية الزيلم بالشجر، أحد الموارد المتجددة المستدامة. بتطبيق استراتيجية التصميم المعتمدة على متطلبات المجتمع التي يشتهر بها D-Lab، طور الفريق نموذج أولي يستخدم شرائح صغيرة من أوعية زيلم الخشب مثبتة في جهاز يُمكنه تنقيه مياه الشرب من البكتريا بفعالية.

لتشجيع التصنيع المحلي وانتشار استخدام هذا المرشح غير المكلف فإنه سيكون مفتوح المصدر للحصول عليه ما أن تكتمل عمليات التصميم. وبهذا سيتمكن القاطنون بأي منطقة تحتاج مياه شرب آمنة يسيرة معقولة التكاليف من استخدام هذه التصاميم لبناء أعمالهم وتنميتها حول مرشح الزيلم بحيث تظل الفائدة الصحية والاقتصادية لهذه التكنولوجيا محلية بالأساس.

يوضح تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي في خريطة الترابط الداخلي لاتجاهات المخاطر شبكة العلاقات بين 30 أزمة سُلطت عليها الأضواء في دافوس. فهي ترسم صورة ساحقة. فإذا ما تخيلت الماسات الملونة كخرز المسبحة، فإن جذب أحدها سيسبب لاريب الضغط على الأخريات من خلفها، مع نتائج كارثية. ولنتخيل الآن شبكة أخرى على ذات القدر من التوسع والأهمية ألا وهي شبكة الحلول. إن النجاح في تنفيذ عدد كبير من نقاط الحل متعددة الصلات من شأنه التقليل بشدة أو إزالة هذه المخاطر العالمية.

 

وها نحن أولاء إزاء جهود العديد والعديد من الأطراف في العالم في مسيرة نسج شبكة الحلول المأمولة. القائم بتمويل معمل عبد اللطيف جميل للأمن المائي والغذائي العالمي (J-WAFS)، محمد عبد اللطيف جميل خريج معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، قدم الدعم لعدد كبير من الأنشطة الخيرية في مجالات توفير الوظائف، والتنمية العالمية، والفنون والثقافة، والتعليم خلال منظمته الاجتماعية مجتمع جميل. كذلك توجه هذه الطموحات الاجتماعية لهذه المبادرات الأنشطة التجارية لأعمال عبد اللطيف جميل، وبخاصة خلال الاستثمارات الموجهة للتحديات العالمية مثل الطاقة المتجددة ودعم التنمية في إقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتركيا. فتوفير حلول المياه على سبيل المثال هي أحد أعمال عبد اللطيف جميل. وتعمل “ألمار لحلول المياه”، على تحديات ندرة المياه وجودتها خلال تطوير بنية تحتية متكاملة تشمل مشاريع تحلية المياه وإعادة استخدامها وتحليتها للقطاعات الصناعية والبلدية.

يعمل معمل عبد اللطيف جميل للأمن المائي والغذائي العالمي (J-WAFS)، وبالتعاون مع أفراد ومؤسسات كهذه، على توفير حلول متكاملة بينية المجالات إلى شبكة التحديات المعقدة التي نواجهها.

لمعرفة المزيد عن معمل عبد اللطيف جميل للأمن المائي والغذائي العالمي، يُرجى زيارة موقعنا الإلكتروني.

 

أندي سوتون هي مدير البرنامج والتواصل لمعمل عبد اللطيف جميل للأمن المائي والغذائي العالمي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT). وتتولى أندي اتصالات وتواصل معمل عبد اللطيف جميل للأمن المائي والغذائي العالمي (J-WAFS)، وتشرف على استراتيجيات اتصالات المعمل الشاملة وتنسيق الاتصال بالجهات المعنية المختلفة. كذلك تدعم أندي أنشطة معمل عبد اللطيف جميل للأمن المائي والغذائي العالمي (J-WAFS) المتنوعة بما في ذلك ورش العمل والفعاليات والمقترحات الخارجية ومنح المعمل وبرامج الزمالة.