منذ بدايات القرن الثامن عشر، أدرك الإنسان دور الأشجار الحيوي في حماية البيئة، فالأشجار هي الهبة الربانية التي تستطيع أن تنتج الأكسجين الذي نتنفسه اعتمادا على  ثاني أكسيد الكربون الضار. على الرغم من ذلك، لم تعلو الأصوات حول العالم مطالبة بحماية الأشجار إلا منذ حوالي نصف قرن فقط. فظهرت الكيانات العالمية التي تقاتل من أجل حماية أشجار وغابات الكوكب، ومنع فقدان الموائل، وحماية مستودعات الكربون الطبيعية هذه كي ننعم بجو أنظف. وتشمل تلك الكيانات: الصندوق العالمي للطبيعة (الذي تأسس عام 1961)، وجمعية أصدقاء الأرض الدولية (1971)، ومنظمة السلام الأخضر (1971)، وذلك بالإضافة إلى مئات المنظمات الوطنية والمحلية.

ومن المؤسف أنه على الرغم من عقود طوال شهدت عملا دؤوبا وجهودا محمودة، لا يزال أمامنا طريق طويل لابد من قطعه . فحتى هذه اللحظة تواجه الغابات والأراضي الحرجية في جميع أنحاء العالم التدمير بوتيرة ومعدلات تنذر بالخطر.

…وتستمر المعركة ضد إزالة الغابات.

لقد شهد شهر ديسمبر 2024 دفعة جديدة للقضية تمثلت في لائحة الاتحاد الأوروبي لإزالة الغابات . تهدف اللائحة، والتي تعد التشريع الدولي الأحدث فيما يخص الحفاظ على الغابات ومواجهة إزالتها، إلى:

  •  الحد من تأثير الاتحاد الأوروبي على إزالة الغابات وفقدان التنوع البيولوجي على مستوى العالم
  •  تعزيز سلاسل التوريد التي تخلو من المواد المرتبطة بإزالة الغابات
  •  الحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الاتحاد الأوروبي
  •  وحماية حقوق الإنسان وحقوق السكان الأصليين

ويلزم التشريع الجديد الشركات التي تتاجر في السلع الأساسية المرتبطة بإزالة الغابات بالتأكد من أن سلعها لن تؤدي إلى المزيد من تدهور وضع الغابات. ولا تغطي اللائحة المواد الأساسية السبع فقط – وهي: الماشية والكاكاو والقهوة ونخيل الزيت والمطاط وفول الصويا والخشب – ولكنها تستهدف أيضا كافة المنتجات المشتقة  منها مثل الأثاث ولحوم البقر والجلود والسلع الورقية والشوكولاتة والمطاط.

فلائحة الاتحاد الأوروبي لإزالة الغابات تحظر إدخال أي من العناصر المذكورة أعلاه إلى السوق الأوروبية دون:

  •  إثبات عدم تسببها في إزالة الغابات أو تدهورها
  •  الامتثال للوائح البيئية ولوائح استخدام الأراضي في بلدان المنشأ
  •  ضمان تغطية السلع ببيان العناية الواجبة

وسيكون من حق الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي فرض غرامات (قد تصل إلى 4٪ من حجم الأعمال التجارية)، أو مصادرة البضائع، أو تعليق الصفقات التجارية المستقبلية الخاصة بأي شركات لا تمتثل لهذه الشروط.

ولكن لماذا يتوجب علينا أن نعتمد مثل هذه التشريعات الصارمة لحماية الأشجار التي تمثل في الواقع رئة كوكب الأرض؟ الإجابة باختصار : لأن رغبتنا نحن البشر في استغلال الأشجار تتسارع ولا تتوقف.

الضغوط البشرية تهدد حياة الأشجار

تواجه ملايين الأشجار التدمير من أجل “أولويات” بشرية عدة: كالعمليات الزراعية، ومزارع فول الصويا، ورعي الماشية، والتعدين، بل وبناء منازل جديدة للبشر. وفي الوقت نفسه، يتعطش عمال قطع الأخشاب لمنتجات الخشب والورق. وهذه الصناعات مجتمعة تعد مسئولة عن أكثر من نصف حجم مشكلة إزالة الغابات في جميع أنحاء العالم.[1]

وفي منطقة الأمازون، حيث موطن الغابات المطيرة الأكثر شهرة في العالم، يتسبب انتشار مزارع الماشية والاراضي الصالحة للزراعة في إزالة الغابات بشكل أسرع. وفي أماكن أخرى، عبر المناطق الاستوائية، تحل بساتين زيت النخيل، والتي يفضلها السكان للغذاء والحصول على منتجات العناية الشخصية وأعلاف الحيوانات، محل الغابات القديمة.

ويمارس البشر حول العالم ضغوطا خاصة على الأشجار في خضم السعي لتحقيق السلامة والأمان. ومع توقع وصول عدد سكان العالم إلى ما يقرب من 10 مليارات شخص بحلول عام 2050[2]، تصبح مساحات هائلة من الأراضي الحرجية محكوما عليها بالدمار والهلاك بسبب التوسع الحضري، و إقامة شبكات الطرق اللازمة للاتصال.

في الوقت نفسه، يُلقى باللوم على حرائق الغابات، التي يسببها الاحتباس الحراري، والذي يحدث في الأساس بسبب الإنسان والأنشطة البشرية،[3] يٌلقى باللوم عليها لما تسببه من دمار للشتلات والأشجار الصغيرة، مما يعوق نموها.

ولا تقتصر هذه الحرب على الأشجار على المناطق الأحيائية الاستوائية العملاقة التي نعرفها جميعًا والتي تشمل: الغابات المطيرة في الأمازون، أو حوض الكونغو، أو أكثر من 200 مليون هكتار من النباتات الصغيرة التي تمتد عبر إندونيسيا وبابوا غينيا الجديدة وماليزيا.

وتتفاقم المشكلة متى التقت الضغوط البشرية بالاقتصادية. فعلى سبيل المثال، تخلت المملكة المتحدة عن حوالي 105 آلاف هكتار من الأشجار (وهو ما يمثل تراجعا بنسبة 7% تقريبا في الغطاء النباتي) بين عامي 2001 و2021.[4] وفي الوقت الحاضر، لا يزال ما يقدر بنحو 85% من الغابات القديمة في المملكة المتحدة وأكثر من 40% من غاباتها الكبرى غير محمية بموجب القانون.

وعبر المحيط الأطلنطي، يقع أكثر من 70% من 766 مليون فدان من الأراضي الحرجية في الولايات المتحدة ضمن الممتلكات الخاصة، أي أنها خارج نطاق سيطرة الدولة أو الحكومة الفيدرالية. وفي عام 2021، فقدت الولايات المتحدة فقط 4.22 مليون فدان من الغابات من أجل الصناعة والزراعة والعمران، وهو ما يعادل 775 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.[5]

فما مدى خطورة أزمة إزالة الأشجار عالميا – وكيف يمكن لمبادرات مثل لائحة الاتحاد الأوروبي للحد من إزالة الغابات أن تساعد في مواجهتها؟

إذا اختفت الأشجار، اختفى البشر

يُقدَّر عدد الأشجار الموجودة على سطح الأرض حاليًا ب 3 تريليون شجرة تقريبا. قد يبدو هذا الرقم كبيرًا، لكنه في الواقع لا يمثل سوى نصف عدد الأشجار التي كانت موجودة عندما نشأت الحضارة البشرية لأول مرة[6]. وتزداد من حولنا العلامات التحذيرية بوتيرة تدعو للقلق:

  • فعلى الصعيد العالمي، ومنذ عام 1990، راح نحو 420 مليون هكتار من الأشجار ضحية لعمليات إزالة الغابات – ويعادل ذلك مساحة قارة أوروبا بالكامل[7].
  • فقدنا نحو 4% من الغابات المطيرة الاستوائية الأولية منذ مطلع الألفية.[8]
  • تقوم الآلات بتجريف أجزاء من الغابات تعادل مساحة ملعب كرة قدم كل ثانيتين. ويعني ذلك قطع 15 مليار شجرة سنويًا في جميع أنحاء العالم – وهي خسارة مخيفة تتحدى الاستدامة.[9]
  • فقدت أفريقيا أكثر من خُمس أشجارها خلال القرن الماضي فقط[10].

إن النظر إلى الأشجار باعتبارها مورداً يسهل استغلاله يعد قصر نظر وضيق أفق من جانبنا. لأننا إذا فقدنا المزيد منها، سوف تتأثر أنماط حياتنا سلبا إلى حد كبير؛ و يصبح استمرار وجودنا آمراً متعذراً. فالأشجار تمثل أكثر من مجرد منظر ممتع للعين في نزهة نهاية الأسبوع. إنها خير داعم لمجتمعنا بأسره.

فليكن تقديرك للأمور في محله: فالأرض هي كوكب الأشجار، ونحن مجرد زوار لمملكتها. 

الأشجار تعلو فوق الأنظمة الصحية والاقتصادية والاجتماعية

تعد  الغابات من عجائب الطبيعة التي لا تستحق الاحتفاء بها وحسب، بل وتحتاج أيضاً أن نحافظ عليها وندافع عنها باستماتة.

فالأشجار توفر الغذاء للملايين حول العالم، مثلما توفر الموائل الطبيعية للعديد من أشكال الحياة التي تقع في الصميم من أنظمتنا الغذائية، مثل الحشرات والفطريات. كما تعد الغابات معينا للمكونات الخام الرئيسة التي تدخل في صناعة الأدوية التي تعالج المرضى، وللاخشاب اللازمة لإشعال النار وتدفئة الأسر. وهي أيضا تربط الأرض ببعضها البعض وتساعد في منع تآكل التربة وتسهم في الحفاظ على تدفق المياه العذبة.

من ناحية أخرى، تعد الغابات حاضنات ضخمة للحياة، فهي تؤوي نحو 80% من أنواع البرمائيات، و75% من أنواع الطيور، و68% من أنواع الثدييات.[11]

كما توفر الغابات المأوى للبشر، حيث تعد موطناً لنحو 70 مليون شخص من السكان الأصليين في مختلف أنحاء العالم. وبتحفظ، يمكن القول بأن الغابات تشكل مصدرا للدخل لنحو خمس سكان العالم تقريبا.

وتمثل الغابات عنصرا اساسيا – لا يمكن الاستغناء عنه –   في معركتنا الوجودية ضد تغير المناخ.

إذ تعمل الأشجار كمصايد ومصارف طبيعية للكربون، حيث تمتص ثاني أكسيد الكربون من الهواء وتخزنه فتمنع تراكمه في الغلاف الجوي الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري. وتشير الأبحاث إلى أن ما يصل إلى 45% من إجمالي الكربون المخزن على الأرض ربما يكون موجودا في الغابات. وتعادل تلك النسبة مليارات الأطنان من ثاني أكسيد الكربون[12]. وإذا قطعت شجرة وتم احراقها، فإن ثاني أكسيد الكربون المخزن فيها ينطلق بسرعة في الغلاف الجوي وبكميات هائلة.

و تشير التقديرات إلى أن إزالة الغابات تعد مسئولة عن 12% من ظاهرة الانحباس الحراري العالمي[13]. ومع وصول معدلات إزالة الغابات إلى هذا الحد، أصبحت بعض الغابات الاستوائية تصدر كميات من الكربون تفوق ما تحتجزه، فأصبحت للأسف مصدرا للكربون بعد أن كانت مصيدة ومصرف له.

ولعل منطقة جنوب شرق غابات الأمازون المطيرة خير مثال ينطبق عليه هذا التعريف الأخير، وذلك وفقا لبعض العلماء[14].  وقد خلصت أحدى الدراسات التي استندت إلى بيانات جمعتها الأقمار الصناعية على مدار 12 عاماً إلى أن الغابات المحلية أصبحت الآن مصدراً خالصا للكربون، حيث بلغت الخسائر الناجمة عن إزالة الغابات ضعف ما يحققه نمو أي أشجار جديدة[15].

ومع ذلك، لا يزال الأمل قائماً.

فوفقا لمعهد الموارد العالمية، نستطيع من خلال الإدارة الذكية للغابات أن نخفض الانبعاثات العالمية بمعدل الثلث كما هو مطلوب  بحلول عام 2030 للحفاظ على معدل ارتفاع درجات الحرارة في نطاق الدرجتين المئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية. [16]

الجدوى المالية للحفاظ على الغابات وإعادة التشجير

في معركة العالم لمواجهة الاحتباس الحراري، بإمكان الغابات أن تحتل الخطوط الأمامية. فإذا ركزنا جهودنا مجددا على   الحفاظ على الغابات واستعادتها وإدارتها ، سوف يسهم الغطاء النباتي الاستوائي بشكل كبير في الحد من آثار تغير المناخ بالمعدل المطلوب لتلبية الأهداف البيئية التي تم تحديدها بموجب اتفاق باريس لعام [17]2015.

ويعني ذلك أن علينا أن نعتمد استراتيجية ذات شقين تنطلق تحت عنوان “الغابات من أجل المستقبل”. الجزء الأول منها يركز على استعادة الغابات وإعادة زراعتها لزيادة معدلات احتجاز الكربون؛ أما الجزء الثاني فيتضمن الحد من الانبعاثات من خلال التخلص التدريجي من إزالة الغابات.

يبدو الأمر مكلفا للغاية؟ نعم، ولكن ذلك إذا تناولنا الأمر بتحليل سطحي فقط. ولكن النظرة الفاحصة تؤكد أنه بتوفير اقل من 100 دولار أمريكي من كل طن من ثاني أكسيد الكربون، تصبح مثل هذه الاستراتيجيات عظيمة الجدوى من الناحية الاقتصادية مقارنة بأي تكنولوجيات تداخلية ناشئة. فعلى سبيل المثال، قد تبلغ تكلفة  الطاقة الحيوية مع احتجاز الكربون وتخزينه أكثر من 1000 دولار أمريكي لكل طن من ثاني أكسيد الكربون يتم توفيره[18]. وما نحتاج إليه، على وجه السرعة، هو الزخم السياسي والعام لدفع إعادة التحريج والحفاظ على الأراضي وإدارتها إلى قمة الأجندة العالمية.

ونظراً للتكاليف الباهظة التي تترتب على تأخر إجراءات مواجهة تغير المناخ (فوفقا لإحدى الدراسات قد يصل حجم الخسائر الناجمة عن الاحتباس الحراري العالمي إلى 38 تريليون دولار أميركي سنوياً بحلول عام [19]2050)، فإن الاستثمار في الأشجار يبدو اقتراحاً وجيها. وتؤكد الأبحاث أن كل دولار أميركي يُستثمر في استعادة الغابات يمكن أن يفتح الباب أمام مكاسب اقتصادية يتراوح حجمها بين 7 و30 دولاراً أميركياً. وبالنظر إلى هذه الأرقام، يمكن القول بأن  استعادة 150 مليون هكتار من الأراضي الزراعية المتدهورة قد يدر ما يصل إلى 40 مليار دولار أميركي سنوياً من الدخل الإضافي لصغار المزارعين، ويوفر غذاء لقرابة ال 200 مليون شخص.[20]

وكل هذا يشير إلى أن تشريع الاتحاد الأوروبي الجديد ينطوي على مكاسب بيئية واقتصادية ملموسة، ويوفر في الوقت نفسه الحماية للمجتمعات والصناعات التي تعتمد على غاباتنا المشتركة.

لائحة الاتحاد الأوروبي للحد من إزالة الغابات: تغيرات سيشعر بها العالم

يهدف التشريع الجديد للاتحاد الأوروبي إلى خفض انبعاثات الكربون الناجمة عن استهلاك السلع الأساسية في الاتحاد الأوروبي بما لا يقل عن 32 مليون طن متري سنويًا.

ومن المنتظر أن تخضع الشركات التي تتعامل في السلع المرتبطة بإزالة الغابات لإعادة هيكلة سريعة لسلاسل التوريد، مع المزيد من التكلفة والمراجعة والتدقيق. وتؤكد اس اند بي لخدمة استشارات الأعمال أن  تأثير اللائحة الجديدة ستشعر به “الدول الرئيسة في انتاج زيت النخيل في آسيا مثل إندونيسيا وماليزيا، والصناعات الزراعية في بعض الدول مثل البرازيل والأرجنتين، وكذا عبر صادرات الكاكاو المتجهة إلى الاتحاد الأوروبي من دول مثل كوت ديفوار وغانا”.

ستحاول العديد من البلدان المصدرة الامتثال للمعايير الأوروبية الجديدة، وذلك من خلال الالتزام الصارم بالسياسات الخاصة بمكافحة إزالة الغابات. على الرغم من ذلك، قد يؤدي تهاون آليات التنفيذ الداخلي، وتخفيف تعهدات التمويل الدولية التي قدمت في اجتماعات مؤتمر الأطراف المتعاقبة، قد يؤدي كل ذلك إلى أن تصبح المزيد من البلدان محظورة من قِبَل الاتحاد الأوروبي.

فهل بإمكان هذا التشريع المهم أن يسهم بمفرده  في الحفاظ على الغابات؟ الأمر محل نقاش. فقد تدفع التكاليف الإضافية المشترين إلى التوجه إلى بلدان يرون أن حجم المخاطرة بها أقل. وعلى نحو مماثل، قد تنشئ البلدان المصدرة قواعد عملاء بديلة تخدم الأسواق الشاسعة التي تقع خارج حدود الاتحاد الأوروبي. فعلى سبيل المثال، قد تحول البرازيل المزيد من إمدادات الأخشاب إلى الصين، وترسل إندونيسيا زيت النخيل إلى أفريقيا.

وتبقى المخاوف من أن هذا التغيير التشريعي قد تمتد يداه  لقطاعات لم تكن مقصودة. فعلى سبيل المثال، توفر صناعة الورق الأمريكية، والتي تقدر صادراتها السنوية إلى الاتحاد الأوروبي بأكثر من 3.5 مليار دولار أميركي، أكثر من 60% من لب الورق المستخدم في صنع الحفاضات وغيرها من المنتجات الطبية الرئيسة. ولذا فعلينا أن نتوقع ارتفاعات حادة في الأسعار حال مخالفة الموردين لقواعد لائحة الاتحاد الأوروبي للحد من إزالة الغابات[21].

ولكي تحمي لائحة الاتحاد الأوروبي الجديدة  غابات العالم بشكل ملحوظ، لابد من الجمع بينها وبين الاتفاقيات الإطارية الأخرى . فبرنامج      خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها والمعروف اختصارا ب REDD  ،  وهو عبارة عن مجموعة من السياسات التي وضعها العلماء والمشرعون في جميع أنحاء العالم ، قد تم تصميمه من أجل توفير التحفيز المالي للحكومات والمزارعين والمجتمعات من أجل الحفاظ على الغطاء الحرجي العالمي[22].

وتجدر الإشارة إلى أن الحوافز المالية التي يقدمها البرنامج تُمنح للأنشطة المرتبطة بإبطاء إزالة الغابات، وتعزيز استعادة الأشجار وإدخال ممارسات الغابات المستدامة. ويعمل البرنامج من خلال عدد من الآليات التي تشمل البنك الدولي (عبر مرفق شراكة الكربون في الغابات) والأمم المتحدة (عبرمبادرة الأمم المتحدة المعززة لخفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها) . و قد أوضح التقرير الصادر عام 2020 أن متوسط ​​ التزامات التمويل السنوية للبرنامج بلغ 220 مليون دولار أمريكي، و كانت  مساهمة  صندوق الأمازون التي وصلت ل 720 مليون دولار أمريكي جد ملحوظة.

لا بد من التحرك سريعا. فالباحثون يحذرون من أنه سيكون “من المستحيل تقريبًا” ايقاف معدل ارتفاع درجات الحرارة العالمية عند حد الدرجتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية إذا استمرت خسارة الأشجار الاستوائية بالمعدلات الحالية[23]. فيجب أن نتحرك قبل فوات الأوان وأن نتصرف بعزم وقوة.

الوقت يداهم جهودنا المبذولة من أجل إنقاذ غاباتنا الغالية

إن  مشكلة إزالة الغابات لا تخص الدول النامية وحدها. فنحن في عالم اليوم أصبحنا كيانا واحدا على المستويين الإقليمي والعالمي. فالأدخنة المتصاعدة من حرائق الغابات في إندونيسيا تؤثر على جودة الهواء وأنماط الطقس في مختلف أنحاء جنوب شرق آسيا. وبالمثل، فإن الطلب المستمر على المنتجات المصنوعة من الخشب في الولايات المتحدة وأوروبا يعجل بتدهور البيئة في مناطق حوض الكونغو والأمازون. فنحن جميعًا ضحايا للعبة الشد والجذب بين المشكلات والحلول.

وقد كشفت جائحة كوفيد-19 خلال الفترة الممتدة بين عامي 2021 و 2022 أننا لا نقدر الطبيعة، بل ونعرضها للخطر.

وتجدر الإشارة إلى أن إزالة الغابات تؤدي إلى إصابة البشر بالأمراض. فحوالي 60% من الأمراض المعدية الجديدة مصدرها الحيوانات ــ ويطلق عليها الأمراض حيوانية المنشأ. ويؤدي تقليص الموائل الطبيعية بسبب المصالح القصيرة الأجل التي ترتبط بعمليات قطع الأشجار إلى إقتراب الحيوانات من  البشر، فيشجع ذلك الفيروسات على الانتشار بين الأنواع المختلفة. وقد تسبب وباء الإيبولا الذي انتشر في غينيا وليبيريا وسيراليون في عام 2014 في وفاة أكثر من 11 ألف شخص بسبب لدغة من خفاش الفاكهة[24].

ولا يمثل التمويل الموجه للغابات سوى 3% من تمويل العمل المناخي. ويؤكد معهد الموارد العالمية أن العجز في التمويل العالمي في قطاع إستعادة الغابات والحفاظ عليها يقدر بنحو 300 مليار دولار أميركي[25]. ويعكس ذلك خللا في مخططات تخصيص  الموارد، بالنظر إلى الدور المحوري والحيوي الذي تلعبه الأشجار في أنظمة دعم الحياة على كوكب الأرض[26].

لقد ظهرت الأشجار لأول مرة على كوكب الأرض منذ حوالي 350 مليون سنة. أما قصة البشرية فعمرها لا يتجاوز ال 350 ألف سنة فقط. و المؤسف أن فترة تعايشنا القصيرة مع  أهل هذا الكوكب الأقدم لم تكتب نهاية سعيدة لهم .

قد تكون لائحة الاتحاد الأوروبي هي الحل المثالي لهذه المعضلة، ولكنها لن تأتي بثمارها المرجوة إلا بتقديرنا لوحدة المجتمعات وتماسكها، فعلينا جميعاً أن نصطف وراء مثل هذه المبادرات وندعمها إذا كنا حقا نريد  حماية بيئتنا واستدامة مجتمعنا.

[1]  https://www.nationalgeographic.com/environment/article/deforestation

[2]  https://www.un.org/en/global-issues/population

[3]  https://www.c2es.org/content/wildfires-and-climate-change

[4]  https://www.bluepatch.org/is-deforestation-a-problem-in-the-uk/

[5]  https://www.green.earth/blog/deforestation-in-the-united-states-causes-consequences-and-cures

[6] https://www.science.org/content/article/earth-home-3-trillion-trees-half-many-when-human-civilization-arose

[7] https://www.europarl.europa.eu/topics/en/article/20221019STO44561/deforestation-causes-and-how-the-eu-is-tackling-it

[8] https://www.wri.org/forests

[9] https://www.wwf.org.uk/learn/effects-of/deforestation

[10] https://www.chathamhouse.org/2023/05/deforestation-africa

[11]  https://www.unep-wcmc.org/en/news/earths-biodiversity-depends-on-the-worlds-forests

[12] https://www.science.org/content/article/earth-home-3-trillion-trees-half-many-when-human-civilization-arose

[13] https://www.bluepatch.org/is-deforestation-a-problem-in-the-uk/

[14] https://www.lse.ac.uk/granthaminstitute/explainers/whats-redd-and-will-it-help-tackle-climate-change/

[15] https://www.science.org/doi/10.1126/science.aam5962

[16] https://www.wri.org/forests

 

[17] https://www.nationalgeographic.com/environment/article/deforestation

[18] https://files.wri.org/d8/s3fs-public/ending-tropical-deforestation-tropical-forests-climate-change.pdf

[19] https://www.reuters.com/business/environment/climate-change-damage-could-cost-38-trillion-per-year-by-2050-study-finds-2024-04-17/

[20] https://files.wri.org/d8/s3fs-public/roots-of-prosperity_0.pdf

[21] https://www.afandpa.org/news/2024/why-eu-needs-reconsider-their-deforestation-law

[22] https://www.lse.ac.uk/granthaminstitute/explainers/whats-redd-and-will-it-help-tackle-climate-change/

[23] https://www.wri.org/insights/numbers-value-tropical-forests-climate-change-equation

[24] https://www.nationalgeographic.com/environment/article/deforestation

[25] https://files.wri.org/d8/s3fs-public/roots-of-prosperity_0.pdf

[26] https://www.wri.org/insights/numbers-value-tropical-forests-climate-change-equation