أينما هبت الرياح: بناء مستقبل أنظف من خلال طاقة الرياح
يتزايد الطلب على الكهرباء بشكل غير مسبوق في ظل النمو المطرد للسيارات الكهربائية، وصعود التقنيات الجديدة، وارتفاع معدلات التنمية الحضرية. وهنا تثار التساؤلات حول كيف سيتكيف مزيج الطاقة العالمي مع الضغوط الجديدة خلال العقود القادمة؟
تشير الدراسات إلى أن الاستهلاك العالمي للكهرباء سيتضاعف بحلول العام 2050، مع توقعات بأن تستحوذ الطاقة المتجددة على غالبية الحمولة، أي ما يمثل أكثر من 50% من طاقة توليد الكهرباء[3] بحلول عام 2035.
لطالما كان توليد الطاقة من الخلايا الشمسية محور اهتمام غالبية وسائل الإعلام لدى تناول موضوع الطاقة المتجددة، لا سيما في ظل تنامي وعي معظم المستهلكين باستخدام الألواح الشمسية على المستوى المحلي. وفي المقابل، قد يتناسى البعض أهمية طاقة الرياح التي باتت تلعب دوراً متزايد الأهمية في توليد الطاقة، فمع نهاية عام 2018، وصل انتاج طاقة الرياح في العالم إلى 591 جيجاوات، بزيادة تصل إلى 9.6 % مقارنة بنهاية العام 2017[4].
يتزايد انتاج الطاقة المتولدة من الرياح بمقدار 50 جيجاوات كل عام منذ عام 2014، وفقًا لدراسة أجراها المجلس العالمي لطاقة الرياح (GWEC))، ويأتي ذلك بالتزامن مع زيادة إقبال المناطق النامية – مثل أمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا وإفريقيا – على انتاج الطاقة من الرياح لتصل إلى 10% من إجمالي الطاقة المولدة في عام 2018[5]. وتعتزم هذه الدول خلال السنوات الأربع القادمة، وحتى عام 2023، بناء محطات جديدة تسهم في توليد ما لا يقل عن 55 جيجاوات في السنة[6].
وأدى زيادة الاعتماد على طاقة الرياح إلى تحفيز الاقتصاد، ونمو الاستثمار في طاقة الرياح العالمية بمقدار 107 مليار دولار أمريكي في عام 2017، وفقًا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة[7]. ومن المتوقع أن يصل انتاج طاقة الرياح إلى 320 جيجاوات في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي بحلول العام 2030 (254 جيجاوات من المحطات البرية، و 66 جيجاوات من المحطات البحرية)، ما يلبي حوالي 25% من إجمالي الطلب على الكهرباء في الاتحاد الأوروبي[8]. وسيؤدي توليد طاقة الرياح بالأرقام السابقة إلى ضخ استثمارات تصل إلى 239 مليار يورو في جميع أنحاء أوروبا خلال العقد المقبل، وخلق فرص عمل لحوالي 569000 شخص في جميع أنحاء القارة[9]
انخفاض التكاليف يخلق الزخم في الشرق الأوسط
وفقًا لماكينزي، “ستشهد العديد من البلدان تحولات كبرى في السنوات الخمس المقبلة، لا سيما مع انخفاض تكاليف توليد الطاقة من الرياح الجديدة مقارنة بأسعار الوقود المستخدم في محطات توليد الكهرباء التقليدية”. بدأت هذه التطورات تؤتي ثمارها بالفعل في إفريقيا والشرق الأوسط، حيث يتم حاليًا توليد ما يصل إلى 5.7 جيجاوات عن طريق الرياح، تنتج المحطات البرية منها ما يقرب من 17% (962 ميغاواط) بحسب احصاءات العام 2018، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم بحلول عام 2023[10]. وبلغ انتاج مصر من طاقة الرياح (380 ميجاوات) وكينيا (310 ميجاوات) والمغرب (120 ميجاوات).
المجلس العالمي لطاقة الرياح اهتمامًا خاصًا للتطور في الشرق الأوسط. وفي يناير 2019، أرست المملكة العربية السعودية مناقصة لبناء أول مزرعة رياح تجارية في الشرق الأوسط بطاقة انتاجية تصل إلى 400 ميجاوات، وقد أثبت حجم الإقبال على تقديم العطاءات مدى القدرة التنافسية التي تتمتع بها محطات الرياح البرية. “ ويأتي إنشاء أول مزرعة رياح في المملكة العربية السعودية في إطار البرنامج الوطني للطاقة المتجددة في البلاد، والذي يحظى بدعم كبير من جانب شركة عبداللطيف جميل للطاقة.
ويأتي إنشاء أول مزرعة رياح في المملكة العربية السعودية في إطار البرنامج الوطني للطاقة المتجددة في البلاد، والذي يحظى بدعم كبير من جانب شركة عبداللطيف جميل للطاقة.
وكان مكتب تطوير مشروع الطاقة المتجددة التابع لوازارة الطاقة قد أرسى مشروع دومة الجندل بقيمة 500 مليون دولار وبتكلفة تصل إلى 2.13 دولار أمريكي لكل كيلووات ساعة. ومن المتوقع أن يُسهم المشروع في خلق ما يقرب من 1000 وظيفة وإمداد الطاقة الكهربائية إلى نحو 70,000 منزل[11].
مستقبل طاقة الرياح في أمريكا اللاتينية
يتزايد الاعتماد على طاقة الرياح في جميع أنحاء العالم، لا سيما في أمريكا اللاتينية. ففي تشيلي، تعمل شركة فوتوواتيو رينيوبل فينتشرز (Fotowatio Renewable Ventures) على إنشاء أول مشروع هجين للرياح الشمسية، والذي يجمع ما بين تقنيات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ويهدف إلى إمداد ما يقرب من 224000 منزل بالكهرباء وخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بأكثر من 221000 طن من ثاني أكسيد الكربون. ولدى الشركة أيضًا مشاريع في كولومبيا وبيرو وأوروغواي، وتدرس حاليًا بعض الفرص الاستثمارية في الأرجنتين.
وتعكس مشاريع شركة فوتوواتيو رينيوبل فينتشرز في أمريكا الجنوبية حجم النمو في محطات الرياح في أمريكا اللاتينية بنسبة 18.7% في عام 2018، حيث تمكنت البرازيل من انتاج 2 جيجاوات من الطاقة وسط انخفاض الأسعار إلى 22 دولاراً أمريكيًا فقط لكل ميجاوات. كما أنتجت المكسيك أيضًا ما يقرب من 1 جيجاوات في عام 2018، وتتطلع إلى توليد أكثر من ثلث طاقتها من مصادر متجددة بحلول عام 2024[12].
وقال أندريا فونتانا، المدير العام لقسم طاقة الرياح بشركة فوتوواتيو رينيوبل فينتشرز: “هناك العديد من أوجه التشابه بين تقنيات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وكلاهما وصل إلى درجة عالية من التقدم، مما يتيح لنا قيادة عملية التحول إلى الطاقة النظيفة في جميع أنحاء العالم، ونحن في فوتوواتيو رينيوبل فينتشرز، ننظر إلى طاقة الرياح باعتبارها تطوراً طبيعيًا لتجربتنا الموحدة في قطاع الطاقة الشمسية، وسنستمر في الرهان عليها.”
وتشهد أمريكا اللاتنية العديد من التطورات الأخرى في مجال طاقة الرياح. ففي كولومبيا، عُقد أول مزاد لأسعار الطاقة المتجددة طويلة الأجل في أوائل عام 2019، حيث توقع المجلس العالمي لطاقة الرياح أن تسهم طاقة الرياح في توفير 20% من حاجة البلاد من الطاقة بحلول عام 2029[13]. وفي هذا الصدد، قال بن باكويل: “إن تطور سوق الرياح في أمريكا اللاتينية إيجابي للغاية ويبشر بنتائج واعدة[14].”
التقدم المحرز في آسيا والمحيط الهادئ
شهدت طاقة الرياح البرية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ قفزة نوعية أيضًا بعدما شهدت نموًا بنسبة 4.2% في عام 2018. ووصف المجلس العالمي لطاقة الرياح المنطقة بأنها “سوق النمو الرائدة لصناعة الرياح العالمية”، ومن المتوقع أن يصل الحجم الإجمالي لطاقة الرياح في منطقة آسيا والمحيط الهادئ إلى 400 جيجاوات بحلول 2023[15].
وفي يناير 2019، اتخذت شركة عبداللطيف جميل للتجارة العامة في اليابان أولى مبادراتها في سوق الطاقة في اليابان بإنشاء توربينات رياح صغيرة في كيب إريمو اليابانية، الواقعة جنوب شرق هوكايدو، والمعروفة باسم “مدينة الرياح”. وتعتزم شركة عبد اللطيف جميل للتجارة العامة في اليابان إضافة المزيد من التوربينات في السنوات المقبلة، بالشراكة مع شركة عبداللطيف جميل للطاقة. وتأمل الشركة في أن يثمر تعاونها مع شركة فوتوواتيو رينيوبل فينتشرز في إحراز تقدم سريع لتطوير وتوسيع نطاق المشروع.
وقال شيجيكي إنامي، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة عبد اللطيف جميل للتجارة العامة في اليابان: “سنبني 50 وحدة أو أكثر من توربينات الرياح المماثلة صغيرة الحجم، وسنضيف بعض الوحدات ذات السعة الأكبر بداية من العام 2019.”
وأضاف إينامي: “نفخر بأن نكون في طليعة ثورة الطاقة النظيفة المتولدة من الرياح والطاقة الشمسية الضوئية حول العالم، بفضل الجهود المستمرة والحثيثة التي بذلتها شركة عبد اللطيف جميل للطاقة، وشركتها التابعة شركة فوتوواتيو رينيوبل فينتشرز.”
وقال دانيال ساجي فيلا، الرئيس التنفيذي لشركة فوتوواتيو رينيوبل فينتشرز: “نعول بشدة على الإمكانات الواعدة لطاقة الرياح كمحرك للوظائف والاستثمار، ولكونها كذلك مصدرًا للطاقة النظيفة التي تكفل صحة ورفاهية الجيل القادم. ونتطلع من خلال مشاريعنا حول العالم ونقل مهاراتنا وخبراتنا العالمية إلى المملكة العربية السعودية، إلى المساعدة في بناء المستقبل المشرق الذي رسمته رؤية المملكة 2030.”
[1] Global Energy Perspective 2019: Reference Case, McKinsey & Co, January 2019
[2] 51.3 GW of global wind capacity installed in 2018, GWEC, 26 February 2019
[3] 51.3 GW of global wind capacity installed in 2018, GWEC, 26 February 2019
[4] 51.3 GW of global wind capacity installed in 2018, GWEC, 26 February 2019
[5] Global Trends in Renewable Energy Investment 2018, UN and Bloomberg New Energy Finance, April 2018
[6] Wind energy scenarios for 2030, The European Wind Energy Association, August 2015
[7] Wind energy in Europe: Scenarios for 2030, Wind Europe, September 2017
[8] Africa and Middle East installed 962 MW new wind capacity in 2018 – over 300 MW more than in 2017, GWEC, 11 February 2019
[9] Saudi Arabia awards contract for first wind power project, Arabian Business, 10 January 2019
[10] Americas install 11.9 GW wind capacity in 2018 – increase by 12%, GWEC, 5 February 2019
[11] Colombia set for wind power take-off with first renewables auction, GWEC, 27 November 2018
[12] Americas install 11.9 GW wind capacity in 2018 – increase by 12%, GWEC, 5 February 2019
[13] Asia-Pacific installed 24.9 GW new onshore wind capacity during 2018, GWEC, 19 February 2019