مستقبل مشرق لطاقة أكثر نظافة وكفاءة في المكسيك
لا يختلف اثنان حول ما تتمتع به منطقة أمريكا اللاتينية قاطبة من إمكانات في قطاع الطاقة المتجددة بفضل مناخها المشمس وظروف الرياح المواتية، ما يجعلها موقعًا مثاليًا لمشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
تُعد المكسيك، على وجه الخصوص، واحدة من الدول التي تنعم بأفضل الموارد الشمسية في العالم [1]، وهي حقيقة أقرتها الوكالة الدولية للطاقة المتجددة أيضًا حيث أشارت في تقرير لها حول إمكانات المكسيك [2] قائلة: “تتمتع المكسيك بقاعدة كبيرة ومتنوعة من موارد الطاقة المتجددة. وبالنظر إلى المناخ السياسي الملائم في البلاد، فإن المكسيك لديها القدرة على جذب استثمارات واسعة النطاق إلى قطاع الطاقة المتجددة وهذا سيسهم بدوره في تنويع مصادر الطاقة لديها. ومن شأن زيادة استخدام الطاقة المتجددة أن تضع المكسيك على طريق تخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة بشكل كبير”.
ومنذ العام 2015، أجريت ثلاثة مزادات لإنشاء مشاريع طويلة الأجل في جميع أنحاء المكسيك لتوليد الطاقة الشمسية بسعة إنتاجية تصل إلى حوالي 5 جيجا واط [1]. ولم تكن شركة عبد اللطيف جميل للطاقة بعيدة عن المساهمة في هذه الجهود بتأثير كبير ، حيث قامت من خلال شركتها التابعة فوتواتيو لمشاريع الطاقة المتجددة ( FRV )، بإنشاء أول محطتيّن للطاقة الشمسية في البلاد.
بدأت محطة بوتوسي الشمسية، التي شيدتها فوتواتيو لمشاريع الطاقة المتجددة في سان لويس دي بوتوسي، عملياتها في وقت سابق من هذا العام، وستسهم في توليد 815,000 ميجاوات سنويًا لتزود أكثر من 76,000 منزل بالكهرباء، وسوف تقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في المكسيك بما يقرب من 98 مليون طن سنويا. فيما تستهدف فوتواتيو لمشاريع الطاقة المتجددة من مشروعها الثاني، محطة وبوتريرو في خاليسكو، توليد 750,000 ميجاوات في السنة عند اكتماله في عام 2020، وهو أيضًا العام الذي تأمل الشركة أن تتمكن فيه من استغلال المحطة في تزويد 128,000 منزل والحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو437,000 طن.
وقد رافق هذان المشروعان إطلاق برامج رائدة في مجال التنمية الاجتماعية من جانب فوتواتيو لمشاريع الطاقة المتجددة.
وفي هذا السياق، استضاف تطبيق عبد اللطيف جميل إنسايتس (Insights)، فيرناندو ساليناس لورينج، المدير العام لشركة فوتواتيو لمشاريع الطاقة المتجددة (المكسيك وأمريكا الوسطى)، للتحدث معه حول سوق الطاقة المكسيكية والتقدم المحرز في أحدث منشآت فوتواتيو لمشاريع الطاقة المتجددة، وخططه المستقبلية للمساعدة في قيادة عملية التحول في المكسيك والانتقال بها إلى مكانة رائدة في قطاع الطاقة النظيفة.
كيف تقيمون الوضع الحالي وإمكانات صناعة الطاقة المكسيكية؟
كان لدينا تغييرًا في الحكومة في ديسمبر 2018، والذي رافقه أيضًا تغييرًا في العديد من السياسات. وقد أكدت الحكومة الجديدة أن الهدف المتمثل في الوصول بحصة الطاقة المتجددة إلى 35٪ من مزيج الطاقة بحلول عام 2024، لا يزال قائما – وهو أمر هام للغاية، بيد أن الحكومة الجديدة ما زالت تعكف على مراجعة الطريقة التي كانت تروج بها الحكومة السابقة لمصادر الطاقة المتجددة، وإعادة تقييم المنطقة بأكملها بهدف استنباط أسلوب آخر للترويج لمصادر الطاقة المتجددة.
وبعيدًا عن كل ذلك، أود أن أشير إلى أن المكسيك تنتج اليوم 24٪ من طاقتها من مصادر الطاقة النظيفة، ونتطلع إلى الوصول بهذه النسبة إلى 35٪ في السنوات الخمس المقبلة (2024)، لكننا ما نزال بصدد دراسة الطرق التي سيتم من خلالها تحقيق ذلك، وهذا في حد ذاته يوفر فرصًا كبيرة لشركات مثل فوتواتيو لمشاريع الطاقة المتجددة.
هل ترى أن الوصول بحجم الطاقة المتجددة إلى 35٪ بحلول عام 2024 يمثل هدفًا واقعيًا؟ بمعنى هل هو هدف يمكن لهذه الصناعة تحقيقه؟
نعم بالتأكيد، لا سيما وأن الحكومة الجديدة أكدت على دعمها هذه السياسة، هذا فضلًا عن أن مشروعات بحجم محطة بوتريرو ستساعد على دفع أداء الصناعة إلى الأمام، فهي تعمل بتقنيات مبتكرة للغاية من حيث أنها مبنية على أساس غير تعاقدي، بمعنى أننا غير مرتبطين مع الحكومة بعقد لبيع الطاقة، بل سيكون لدينا خيار بيع الطاقة إلى القطاع الخاص أو الجهات الحكومية، وسيكون هذا النوع من الاستثمار والابتكار أمرًا بالغ الأهمية إذا أردنا الحصول على فرصة واقعية لتحقيق هدفنا المتمثل في الوصول بإنتاج الطاقة النظيفة إلى 35٪. صحيح أن الأمر لن يكون سهلاً، لكن القيام به يبقى ممكنًا.
ما هي نسبة طاقة الرياح إلى الطاقة الشمسية في قطاع الطاقة المتجددة في المكسيك؟
حاليًا، تستحوذ طاقة الرياح على النسبة الأكبر بواقع (12.4 جيجا واط) مقابل (2.2 جيجا واط) للطاقة الشمسية، هذا مع العلم أن الطاقة الشمسية كانت تنمو بوتيرة أسرع خلال العام الماضي. ومن الطبيعي أن تكون طاقة الرياح هي صاحبة الحصة الأكبر، ذلك أن تكنولوجيا الرياح وصلت إلى المكسيك منذ حوالي ست سنوات. لكن الطاقة الشمسية بدأت الآن في اللحاق بالركب.
هل هناك نوع من الإدراك الواسع بين الجمهور بمدى الحاجة إلى مصادر الطاقة المتجددة؟
بكل تأكيد، فالمشاعر التي نراها، ليس فقط في المكسيك ولكن في جميع أنحاء المنطقة، تنم عن وجود مخاوف جدية بشأن تغير المناخ، ولا أبالغ إن قلت أن الغالبية العظمى من السكان تعتبر تغير المناخ قضية رئيسية. أعتقد أن الناس مشغولون أيضًا برفاهية مجتمعاتنا ومدننا. ومع تصدر وسائل النقل، وخاصة السيارات الكهربائية، جدول الأعمال، فإن توزيع الطاقة الشمسية سيكون هو الآخر من العناصر الأساسية. يدرك الناس أنه من الأهمية بمكان التفكير في كيفية إنتاج الطاقة واستهلاكها على أساس يومي، والطاقة المتجددة عامل كبير في كل هذه الاعتبارات.
كيف تتقدم المشروعات في سان بوتوسي وبوتريرو؟
كلا المشروعين يسيران على المسار الصحيح ويحققان أداءً جيدًا. بدأ تشغيل محطة بوتوسي للطاقة الشمسية في 11 مايو بطاقة انتاجيه قدرها (342 ميجاوات)، وتعمل حاليًا بكامل طاقتها وتولد بالفعل الطاقة لسوق الكهرباء المكسيكية. كان هذا مشروعًا مهمًا للغاية بالنسبة لنا، كونه مشروعنا الأول الذي استثمرنا فيه مبالغ كبيرة في المكسيك.
وفيما يخص محطة بوتريرو التي تبلغ طاقتها الانتاجية (296 ميجاوات)، فقد قمنا بإتمام توقيع الاتفاقيات في 8 مارس 2019، وبدأنا أعمال البناء في أوائل مايو 2019، ونسعى حاليًا إلى تشغيل المحطة بحلول أوائل يوليو 2020، أي بعد 14 أو 15 شهرًا فقط من بدء أعمال البناء.
وبفضل هذين المشروعين، تمكنا من إضافة ما مجموعه 640 ميجاوات من الطاقة إلى السوق المكسيكية التي تصل طاقتها الانتاجية الحالية حوالي 73,000 ميجاوات. لقد بدأنا عملياتنا هنا قبل أربع سنوات ونمثل الآن 0.8٪ من القدرة المركبة في السوق، وهذا يعني أننا توسعنا في فترة زمنية قصيرة جدًا لنصبح أحد اللاعبين الأساسيين في هذا القطاع.
هل يمكن للحكومة تقديم أي مبادرات للمساعدة في دفع مصادر الطاقة المتجددة إلى الأمام؟
الشيء الأكثر أهمية، ليس فقط بالنسبة للمكسيك ولكن لكل دولة، هو أننا نحتاج إلى سياسات تُطمئن وتشجع المساهمين والمستثمرين الذين يتطلعون إلى بيئة مستقرة تكون فيها استثماراتهم ذات جدوى. على أية حال، هناك العديد من الطرق لتحفيز قطاع الطاقة المتجددة، ولكن أولاً وقبل كل شيء، نحن بحاجة إلى بيئة مستقرة وسياسات حكومية طويلة الأجل لا يمكن إعادة النظر فيها في كل مرة يحدث فيها تغيير في الحكومة. هذا من شأنه أن يخلق الثقة في أنه يمكنك أن تحقق أقصى فائدة من أصولك على المدى الطويل.
بالإضافة إلى إنتاج الطاقة في محطتي بوتوسي وبوتريرو، نشطت شركة فوتواتيو لمشاريع الطاقة المتجددة أيضًا في طرح عدد من المبادرات الاجتماعية للمجتمعات المحلية. هل لك أن تحدثنا أكثر عن هذا؟
نعم بالفعل، هذا مجال مهم للغاية بالنسبة لنا. عادة، تقع محطات الطاقة الشمسية في المناطق الريفية النائية التي تعاني فيها المجتمعات المحلية من قلة الاستثمار في المرافق والبنية التحتية، مثل المدارس ومراكز الرعاية الصحية والمرافق المجتمعية. ونحن من جانبنا نؤمن بأنه يتحتم علينا تقديم شيء ما إلى هذه المجتمعات من خلال المساعدة في معالجة هذه الأنواع من القضايا.
في بوتوسي، على سبيل المثال، قمنا ببناء سياج حول المقبرة، وقمنا أيضًا ببناء ملعب بيسبول تضم مدرجات للمتفرجين، ونقوم كذلك بطلاء وتوفير المواد للمدرسة، وإصلاح النوافذ والأبواب ومنطقة تناول الطعام المشتركة. وهذا أمر مهم للغاية، لأن المدرسة لم يكن بها نوافذ وأبواب صالحة، وهذا حال دون ذهاب الأطفال إلى المدرسة في فصل الشتاء لأن الفصول الدراسية كانت ببساطة شديد البرودة. عقدنا أيضًا بعض ورش العمل للنساء المشتغلات بالأعمال الحرة وساعدنا بعضهن في بدء مبادراتهن المحلية الخاصة.
وفي بوتريرو، بدأنا للتو برنامجنا الاجتماعي، ونقوم ببعض العمل في المدرسة هناك أيضًا، هذا إلى جانب أننا نصطحب الطلبة لرؤية المحطة واطلاعهم على طريقة عملها. كما أننا بصدد إنشاء مركز طبي يعمل 12 ساعة في اليوم، وهذا يعني أنه سيكون هناك طبيب متواجد كل يوم لفحص المرضى، ونحن نوفر أيضًا المضادات الحيوية والمستلزمات الطبية الأخرى، وهناك الكثير في المستقبل القريب.
لدينا 10-20 مبادرة من هذا النوع، وخطتنا هي تخصيص 50,000 دولار أمريكي سنويًا لمبادراتنا الاجتماعية. قد لا يبدو العدد كبيرًا، لكنه يبقى ضخمًا بالنسبة لهذه المجتمعات. باستثمار بهذا الحجم، يمكننا أن نفعل الكثير والكثير من الأشياء. صحيح أننا لسنا الحكومة وبالتالي لا يمكننا القيام بكل شيء، لكنني أعتقد أننا نستطيع تحمل بعض المسؤولية وأن نساعدهم على تطوير أنفسهم.
كيف كان رد فعل هذه المجتمعات إزاء مبادراتكم؟
كان ايجابيًا للغاية، فقد كان الدعم والاستثمار اللذان قدمناهما موضع تقدير كبير من جانب هذه المجتمعات. فمن وجهة نظرهم، سيكون أمرًا غير منصف تمامًا أن يروا منشأة شمسية على طراز عالمي يتم تطويرها على عتبة أبوابهم، فيما تفتقر مدرستهم إلى أبواب أو نوافذ صالحة. وهذا في المقابل أمر غير منطقي بالنسبة لنا، ذلك أننا نعتمد على دعم هذه المجتمعات المحلية أيضًا، ونحن فخورون بما نقدمه لهم في سبيل تحسين حياتهم وفرصهم.
ما هي آمال وطموحات فوتواتيو لمشاريع الطاقة المتجددة على مدى السنوات الخمس إلى العشر القادمة؟
لدينا خطة نمو قوية تقوم على الاستمرار في تطوير الأصول وضمان مكانتنا كأحد رواد السوق في قطاع الطاقة المتجددة في المكسيك.
ينمو الطلب على الطاقة بنسبة 3٪ كل عام في المكسيك، وبعض المناطق تواجه بالفعل صعوبة في تلبية الطلب على الطاقة. ستحتاج البلاد إلى الجمع ما بين الطاقة المتجددة والطاقة التقليدية لتفادي المشاكل المحتملة في المستقبل. لكن المكسيك بلد ضخم يصل تعداد سكانه إلى حوالي 130 مليون نسمة، وإذا ما نظرنا إلى الصورة الأشمل، فسيتضح لنا أنه سيكون هناك بالتأكيد الكثير من الفرص. ونحن من جانبنا نتطلع إلى البقاء هنا والاستفادة من هذه الفرص والمساعدة في توفير مزيج من الطاقة النظيفة لمستقبل المكسيك.
بدأت محطة بوتوسي الشمسية، التي شيدتها فوتواتيو لمشاريع الطاقة المتجددة في سان لويس دي بوتوسي، عملياتها في وقت سابق من هذا العام، وستسهم في توليد 815,000 ميجاوات سنويًا وتزويد أكثر من 76,000 منزل بالكهرباء.
[1] Sunny Mexico: An Energy Opportunity, GreenTechMedia, 7 July 2010
[2] Renewable Energy Prospects: Mexico, IRENA, May 2015
[3] Will Mexico’s new government stymie solar growth? Solar Plaza, 9 January 2019