في الوقت الذي تمضي فيه الحكومة السعودية قدمًا في خططها المذهلة لبناء مدينة ذكية جديدة تعرف باسم نيوم، مع طموحات بأن تصبح المدينة الأكثر تطورًا في العالم، تُقيّم عبد اللطيف جميل مستقبل المدن الذكية، وتطرح بعض الأسئلة عنها: ما المقصود بها، وما طريقة عملها، وما النظريات التي تستند إليها، وما سبب أهميتها لحياة سليمة في المستقبل – على الصعيدين الاقتصادي والبدني؟

مقدمة

يشهد النمو السكاني زيادة سريعة غير مسبوقة في التاريخ، ففي عام 1960، لم يكن عدد سكان العالم يتجاوز ثلاثة مليارات نسمة إلا قليلاً. أما اليوم، فقد ارتفع هذا الرقم ارتفاعًا كبيرًا؛ حيث يقدر البنك الدولي عدد سكان العالم في عام 2016 بنحو 7.44 مليار نسمة – بزيادة تقارب 146% في 56 عامًا فقط. ولو كررنا هذه المقارنة في المملكة العربية السعودية، فستذهلنا الأرقام أكثر. ففي عام 1960، بلغ تعداد السكان في المملكة 4.09 مليون نسمة. وبحلول عام 2016، وصل عدد السكان 32.28 مليون نسمة – وهي زيادة بلغت 689% على مدار نفس الفترة الزمنية والتي لا تتجاوز 56 عامًا ذاتها[1].

ومع هذا الارتفاع في عدد السكان، يشهد الطلب على الموارد، من الغذاء والماء وحتى الطاقة ومساحات العيش والهواء النظيف ارتفاعًا مهولاً. فقد صُممت المدن حول العالم لسكان الأمس باستخدام تكنولوجيا الأمس، ولكنها بدأت اليوم في الانهيار تحت ضغط تلبية احتياجات عدد من السكان لم يكن في تصور أحد.

يزداد هذا التحدي تعقيدًا بوتيرة مخيفة. وفقًا لوكالة المعايير الدولية السويسرية تُعرف باسم اللجنة التقنية الكهربائية الدولية (IEC“يزداد عدد السكان في المناطق الحضرية بمعدل 150 ألف نسمة تقريبًا يوميًا، إما نتيجة للهجرة أو بسبب المواليد الجدد[2]“.

تحديات الزيادة السكانية في الحضر

نظرًا للزيادة السكانية التي تنمو بمعدل مذهل، تواجه المدن ثلاث تحديات تؤثر على الاستدامة:

  1. اقتصاديًا: من حيث تزويد المواطنين بالقدرة على تطوير إمكاناتهم الاقتصادية
  2. اجتماعيًا: حيث تجتمع مشكلات توفير الفرص والاستقرار والأمان لتؤثر سلبيًا على جودة الحياة
  3. بيئيًا: إما نتيجة لمشكلات من صنع الإنسان أو طبيعية ناتجة عن الطقس أو الظواهر الجيولوجية[3].

ولو ألقينا نظرة أدق على البيئة، وهي مجرد تحدٍ واحد من بين هذه التحديات، لاتضح لنا حجم المهمة التي يتعين على المدن حول العالم القيام بها. وفقًا للمرصد الصحي العالمي التابع لمنظمة الصحة العالمية (WHOGHO)، يُسهم تلوث الهواء المحيط في 5.4% من إجمالي الوفيات[4]. ويعيش حاليًا 92% من سكان العالم في مناطق يتجاوز فيها تلوث الهواء الحدود التي أقرتها منظمة الصحة العالمية في توجيهاتها[5].

وعلى الصعيد الاقتصادي، يتوقع البنك الدولي أن يشهد المستقبل وصول مساهمة المدن والبلدات في نمو الناتج المحلي الإجمالي حول العالم إلى 75%[6]. وتقول الأمم المتحدة إن هذه التوقعات تنطبق على جميع البلدان، فالتوسع الحضري يدفع عجلة النمو الاقتصادي نتيجة لارتفاع نصيب الفرد من الدخل وزيادة الإنتاجية، وهما نتاج التوسع الحضري وعملية التكتل الاقتصادي[7]. ومع ذلك، فإن الضغط لتلبية هذه التوقعات وتوفير ظروف حياة أكثر رفاهية لن تؤثر فيه الأيام إلا بالزيادة.

إن التعامل مع التحدي البيئي، مع إطلاق العنان لإمكانات المدينة الاقتصادية وتحقيق العدالة الاجتماعية في نفس الوقت، اختبار صعب للحكومات في كل مكان.

وهو اختبار فشلت فيه مدن كثيرة في عالم اليوم.

فهل حل هذه المشكلات يكمن في مفهوم المدن الذكية الجديدة وإنشائها وتطورها؟

الاستفادة من الإمكانات السعودية

أعربت الحكومة السعودية في خطة التنمية الوطنية التي أقرتها تحت مظلة رؤية 2030 عن أملها في أن تصبح ثلاث مدن سعودية من بين أفضل 100 مدينة في العالم[8]. وتنص أيضًا على:

“حتى نضمن استمرارنا في تحسين جودة الحياة للجميع وتلبية احتياجات مواطنينا ومتطلباتهم، سوف نواصل حرصنا على توفير خدمات عالية الجودة مثل خدمات المياه والكهرباء والنقل العام والطرق بالطريقة الصحيحة. كما نحرص على الاهتمام بزيادة المناطق المفتوحة والمناظر الطبيعية لتلبية الاحتياجات الترفيهية للأفراد والعائلات.”

لا شك وأن السعودية تحتل موقعًا متميزًا يؤهلها لإنشاء مدينة عالمية جديدة، وذلك بفضل موقعها على حدود ثلاث قارّات – آسيا وأوروبا وأفريقيا – وأنها لا يفصلها عن نصف سكان العالم سوى رحلة لا تتجاوز خمس ساعات بالطائرة[9]. تُعد السعودية من أهم دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا، وسوقها المالي، تداول، هو السوق المهيمن في دول مجلس التعاون الخليجي برأسمال سوقي يبلغ 466 مليار دولار أمريكي.

وإضافة إلى قوتها الاقتصادية، تستفيد المملكة العربية السعودية أيضًا من شغف سكانها شبابها بالتكنولوجيا. وتدعم تركيبتها السكانية المتغيرة – نصف عدد السكان تقريبًا تقل أعمارهم عن 25 عامًا[10] – الحملة الإصلاحية لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وتشهد البلاد حاليًا دفعة لتحقيق تنوعًا اقتصاديًا يتماشى مع أهداف رؤية 2030 وتعتمد على ارتفاع مستويات التعليم بها، إضافة إلى ارتفاع نسبة الاستثمارات التي يتم ضخها في البنية الأساسية للمملكة، وخاصة في قطاعات السكك الحديدية والنقل البحري والجوي، ارتفاعًا لم يسبق له مثيل.

ومن أهم المشروعات التي أطلقتها المملكة، مشروع توسعة مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة (KAIA) بتكلفة قدرها 7.2 مليار دولار أمريكي، وتطوير ميناء الملك عبد الله بالقرب من الوادي الصناعي بمدينة الملك عبد الله الاقتصادية بتكلفة 5 مليارات دولار أمريكي، بالإضافة إلى خطط الهيئة العامة للاستثمار بالسعودية (SAGIA) لاستثمار أكثر من 141 مليار دولار أمريكي في مشروعات السكك الحديدية وخطوط القطار والحافلات بحلول عام 2024. وتشمل هذه المشروعات مشروع قطار الحرمين السريع الذي يربط بين المدينة ومكة عبر مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، ومطار الملك عبد العزيز الدولي وجدة ومشروع قطار الرياض.

واستنادًا إلى الرؤية وما أحرزته البلاد من تقدم، فقد تكون المدن الذكية الخطوة المبتكرة المنطقية التالية من منظور تهيئة أجواء تساعد على مواجهة تحديات مجتمعاتنا الحضرية المتنامية، بدلاً من زيادتها تعقيدًا.

ما المقصود بالمدن الذكية؟

المدن الذكية هي مدن جديدة مصممّة خصيصًا للاستفادة من جميع إمكانات التكنولوجيا بهدف التعامل مع المشكلات الصعبة المرتبطة بالتطور الحضري الضخم، ومن أهمها مشكلات الاستدامة والازدحام والنقل واستخدام الطاقة. كما تسعى في نفس الوقت إلى تحسين جودة الحياة من خلال توفير بعض المزايا مثل فرص الحصول على رعاية صحية أسرع، والتمتع بخدمة نقل أكثر تكاملاً، وخفض التلوث[11].

وتعريف المدن الذكية تعريفًا دقيقًا أمر ليس سهلاً. فوفقًا لمجلس المدن الذكية، وهي شبكة من الشركات الرائدة يدعمها عدد من أهم الجامعات والمختبرات والهيئات المعنية بوضع المعايير : “لا يزال قطاع المدن الذكية في مرحلة تتسم بعدم الوضوح وما زلنا نفتقد تعريفًا متفق عليه عالميًا.”[12]

ومع ذلك، فهناك معايير مشتركة تنطبق على جميع المدن الذكية حول العالم. فوفقًا لتقرير المدن الذكية الصادر عن الحكومة البريطانية، تشترك المدن الذكية في “عملية، أو مجموعة من الخطوات، تجعل المدن صالحة للسكن وأكثر مرونة وبالتالي أسرع في الاستجابة للتحديات الجديدة.”[13]

ويشير نفس التقرير إلى أن المدن الذكية تجمع بين البنية الأساسية القوية ورأس المال الاجتماعي، ويشمل توفر المهارات المحلية والمؤسسات المجتمعية، والتقنيات (الرقمية) لدعم التنمية الاقتصادية المستدامة وتوفير بيئة جذابة للجميع.

وبالمثل، يقول تقرير المدن الذكية لشركة IBM:

“تسهم الحوسبة الإدراكية وقدرتها على تشجيع المواطنين على المشاركة في توفير فرص جديدة للمؤسسات الحكومية من أجل تحسين حياة المواطنين وبيئة العمل، وخلق تجارب مصممة خصيصًا لكل فرد وتحقيق اقصى استفادة من البرامج والخدمات.” [14]

وبصرف النظر عن تعريف المدينة الذكية، فإن التكنولوجيا عنصر رئيسي فيها. ووفقًا لمجلس المدن الذكية فهي “المدينة التي تكون فيها التكنولوجيا الرقمية جزءًا لا يتجزأ من جميع وظائفها.”[15]

في الوقت الذي تزداد فيه قوة المعالجة بمعدل متزايد، ويُعيد فيه الذكاء الصناعي والبيانات الضخمة والحوسبة السحابية وإنترنت الأشياء تشكيل حياتنا، تهدف المدن الذكية إلى الاستفادة من هذه الأدوات لتحقيق تحول هائل في قدراتها يلبي احتياجات الحياة في القرن 21.

المدينة الذكية بين الفكرة والتطبيق

وهناك عناصر من هذه النظريات مستخدمة حاليًا في العديد من المدن. ففي لندن، مثلاً، نجح استخدام النظام المروري SCOOT في تقليل زمن الانتظار في العاصمة البريطانية بنسبة 12%، وذلك باستخدام كمبيوتر متصل بالإنترنت لمراقبة تدفق حركة المرور من 15 ألف جهاز استشعار لتنسيق توقيت الإشارات بين جميع إشارات المرور[16]. ويُستخدم هذا النظام حاليًا في أكثر من 250 بلدة ومدينة في أنحاء البلاد.

وفي سياق متواصل، احتلت سنغافورة المرتبة الأولى في جميع الفئات الأربع – النقل والصحة والسلامة والإنتاجية – المستخدمة في المؤشر العالمي للأداء لعام 2017 والصادر عن مؤسسة Juniper Research وضم أفضل 20 مدينة[17]. ويعود جزء كبير من نجاح سنغافورة إلى المفهوم الشامل في التحول إلى مدينة ذكية رائدة عالميًا.

استعانت سنغافورة بالتكنولوجيا الذكية لتحسين انسياب حركة المرور على طرقها واستخدمت سياسة الحكومة في نفس الوقت لتقليل عدد المركبات[18]. كما قامت بتجربة المراقبة بالفيديو الذكي لاكتشاف الأنشطة الإجرامية واستخدمت منصات الخدمات الرقمية وأجهزة المراقبة عن بعد لزيادة إمكانية فرص الحصول على الرعاية الصحية وتحسينها وخاصة بين كبار السن.

يحظى مفهوم المدن الذكية مؤخرًا بالكثير من الاهتمام حول العالم؛ وأصبح مسؤولو التخطيط الحضري الذين نادوا طويلاً بفوائد المدن الذكية يجدون اليوم المزيد من الحلفاء لهم في الحكومات المحلية والوطنية. ومع الكشف عن التطورات التكنولوجية، ترسخت أطر المدن الذكية، وتم تأمين الاستثمارات لإنشائها، ومن المتوقع أن تصبح المدن الذكية الطابع الجديد للحياة في الحضر في جميع أنحاء العالم.

ومن المرجح تشغيل هذه المدن الجديدة باستخدام سبع أنواع من التقنية يرى البنك الدولي أنها ستحقق تحولاً في طريقة توفير الخدمات للمواطنين[19]. وهذه التقنيات هي:

  1. شبكات الجيل الخامس، التي من المتوقع أن تصبح أسرع من شبكات الجيل الرابع للمحمول بنحو 60 ضعفًا ومن المتوقع توفرها بحلول 2020.
  2. بلوكتشين، وهي تقنية مالية تسمح بالتخلص من الوسطاء، مثل أسواق الأوراق المالية التي تؤدي حاليًا دور الضامن، عند إجراء المعاملات[20].
  3. الذكاء الصناعي، ويستخدم حاليًا في هونغ كونغ وشنغهاي وسيدني ونيويورك لتوفير مواقف ذكية للسيارات وزيادة فعالية الطاقة في البنايات.
  4. المركبات ذاتية القيادة، والتي من المتوقع أن يكون لها أثر هائل في العقود القادمة. وتشير الأبحاث إلى إمكانية الجمع بين سيارات الأجرة ذاتية القيادة وأنظمة السكك الحديدية السريعة داخل المناطق الحضرية لتقليل عدد السيارات في المدينة بنحو 90%.[21]
  5. أقمار صناعية فائقة الصغر لاستكشاف الفضاء بتكلفة منخفضة، التي ستكون العنصر الأساسي في تشغيل 20 مليار غرض متصل، وتتوقع شركة غارتنر استخدامها بحلول عام 2020.[22]
  6. الاستدلال بالسمات البيولوجية، مما قد يحقق زيادة سريعة في عدد الأشخاص الذين يمكنهم إثبات هويتهم حول العالم وبالتالي الحد من الاحتيال والفقد والفساد.
  7. طائرات بدون طيار، وعند دمجها بالذكاء الصناعي يمكن استخدامها لأداء كل شيء تقريبًا من توصيل الطرود وحتى المهمات الخطيرة مثل فحوص الصيانة على الأسطح أو الأبراج

إن التحديات المستمرة للحياة في الحضر تحظى بكثير من الاهتمام في الشرق الأوسط، وخاصة المملكة العربية السعودية التي تؤدي فيها دورًا محوريًا.

وفي آيار/مايو 2018، استضافت المملكة أول مؤتمر دولي لأنسنة المدن في جامعة طيبة في المدينة، وعُقد المؤتمر للبحث في “الطرق الحديثة لتشييد المساحات العامة ومراكز المدن والأحياء لتحسين المناطق الحضرية وجودة الحياة بها، كي تصبح المدن أماكن مريحة وملائمة للعيش[23].”

حرص كبار الخبراء والأكاديميين من جميع أنحاء العالم على التوجه إلى المملكة العربية السعودية للمشاركة في المؤتمر. وفي ضوء الإعلان عن إنشاء مدينة نيوم قبل سبعة أشهر فقط من المؤتمر، فإن حرصهم ليس غريبًا.

نيوم – مدينة سعودية ذكية لريادة عالمية

تسعى المملكة العربية السعودية إلى دفع عجلة برنامج التنوع الاقتصادي والتحديث، ولكن مشروع مدينة نيوم حظي باهتمام كبير لم يتكرر إلا مع أقل القليل من المشروعات الأخرى.

كشف سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان النقاب في تشرين الأول/ أكتوبر 2017 عن خطط البلاد لبناء مدينة ذكية عالمية تُعرف باسم نيوم.

ستمتد المدينة على مساحة قدرها 10,230 ميل مربع وتمتد بين المملكة العربية السعودية والأردن ومصر (وهو موقع كبير بما يكفي لبناء 37 مدينة في حجم سنغافورة[24])، ومن المقرر أن تكون نيوم مركزًا للتكنولوجيا المتطورة لأسرع الصناعات نموًا في العالم. وقع الاختيار على هذا الموقع الإستراتيجي للاستفادة من طرق التجارة في البحر الأحمر وخليج العقبة وقناة السويس، كما أن هناك جسر جديد – جسر الملك سلمان – للربط المباشر بين المملكة العربية السعودية ومصر.

وبالنسبة لاسم المدينة، حرصت المملكة على اختيار اسم يعكس طموحاتها: فقد اشتُق اسمها من الكلمة اليونانية neoوالتي تعني جديد، وكلمة مستقبل العربية.

في حزيران/يونيو 2017، تم تعيين السيد/ كلاوس كلينفيلد، الرئيس التنفيذي السابق لشركة سيمنز، في منصب الرئيس التنفيذي لمشروع نيوم. ويعود له الفضل في حصول المشروع على هذا الزخم الكبير قبل تسليمه إلى السيد نظمي النصر في تموز/يوليو 2018.

ويقول سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان “سوف نبني المدينة من الصفر“. “سنوفر فيها طائرات بدون طيار ونجعل منها مركزًا لتطوير علم الروبوت. نريد ابتكار شيء مختلف. نيوم مكان للحالمين الذين يريدون صنع عالم جديد، وشيء استثنائي[25].”

 يتم تمويل المشروع بالشراكة بين صندوق الاستثمارات العامة السعودي ومجموعة من المستثمرين العالميين بتكلفة تبلغ 500 مليار دولار أمريكي، وبهذا تُعد المدينة واحدة من أهم الدعائم الإستراتيجية للتنوع الاقتصادي في البلاد. تركز المدينة على تسع قطاعات اقتصادية:

  1. الطاقة والمياه
  2. التنقل
  3. التقنيات الحيوية
  4. الغذاء
  5. التصنيع المتطور
  6. الإعلام
  7. الترفيه
  8. الخدمات التقنية والرقمية
  9. المعيشة (الإسكان والتربية والرعاية الصحية وغيرها)

وعن طريق زيادة قوة المملكة العربية السعودية في هذه القطاعات التسع، تشير التقديرات الرسمية إلى أنه بإمكان مدينة نيوم المساهمة بما يصل إلى 100 مليار دولار أمريكي في الناتج المحلي الإجمالي للسعودية بحلول 2030، ويُصبح نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي هو الأعلى في العالم[26] – ويرجع الفضل في ذلك جزئيًا إلى استخدام الروبوتات والأتمتة لاستبعاد الوظائف الروتينية التي يشغلها حاليًا العاملون ذوو المهارات المنخفضة[27].

وفي بيانه أثناء مؤتمر الإعلان عن مدينة نيوم، كشف ولي العهد محمد بن سلمان عن مزيد من التفاصيل حول الطريقة التي ستعمل بها هذه المدينة الذكية المستقبلية – والتي يمكن لحوالي 70% من سكان العالم الوصول إليها خلال ثماني ساعات. وقد ذكر قائلاً[28]:

تشمل التقنيات المستقبلية لتطوير مدينة نيوم مزايا فريدة، يتمثل بعضها في حلول التنقل الذكية بدءًا من القيادة الذاتية وحتى الطائرات ذاتية القيادة، الأساليب الحديثة للزراعة وإنتاج الغذاء، الرعاية الصحية التي تركز على الإنسان وتحيط به من أجل رفاهيته، الشبكات المجانية للإنترنت الفائق السرعة أو ما يُسمى بـ”الهواء الرقمي”، التعليم المجاني المستمر على الإنترنت بأعلى المعايير العالمية، الخدمات الحكومية الرقمية المتكاملة التي تتيح كافة الخدمات للجميع بمجرد اللمس، معايير جديدة لكود البناء من أجل منازل خالية من الكربون، وتصميم إبداعي ومبتكر للمدينة يحفز على المشي واستخدام الدراجة الهوائية تعززها مصادر الطاقة المتجددة.

 كل ذلك سيخلق طريقة جديدة للحياة يأخذ بعين الاعتبار طموحات الإنسان وتطلعاته، وتطبيق أحدث ما توصلت إليه أفضل التقنيات العالمية.”

كيف ستعمل مدينة نيوم؟

لقد كان الطموح الذي دفع للتخطيط لمدينة نيوم غير مسبوق. فسيتم إنشاء المدينة في منطقة حرة مستثناة من أنظمة وقوانين المملكة الاعتيادية، كالضرائب والجمارك وقوانين العمل.

تم تطبيق هذا النموذج بنجاح في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا، ولكن نيوم سرعان ما ستصبح المدينة الأكبر فيها. وهو ما سوف يمنحها القوة والحرية لضمان “النمو وتحقيق ثروات للمنطقة والمستثمرين والمواطنين[29]“.

يبلغ متوسط سرعة الرياح في المنطقة 10.3 متر في الثانية[30] كما أنها غنية بالمصادر الشمسية ما يتيح للمدينة الاعتماد الكامل على الطاقة المتجددة. أما أنظمة النقل بها، فمن المقرر أن تكون “خضراء 100%” و“ذاتية التشغيل”[31]، بينما يمتد التزام المدينة بتحقيق مستوى عالمي من جودة الحياة ليشمل التعليم والإسكان والرعاية الصحية.

تأسس مفهوم مدينة نيوم على ستة محاور أساسية:

  1. الإنسان أولاً: تهدف المدينة إلى خلق “مجتمع مثالي” يتمتع بظروف عيش مريحة.
  2. ظروف المعيشة والمواصلات الصحية: سيتم بناء المدينة بحيث تشجع على المشي وركوب الدراجات، كما سيتم استخدام التقنيات المتطورة لتأسيس “بنية تحتية للمواصلات لا مثيل لها[32]“.
  3. خدمات التشغيل الذاتي: سوف تكون المدينة الأولى في تقديم “حكومة إلكترونية” – نظام مدار آليًا لتقديم الخدمات الحكومية.
  4. التحول الرقمي: سوف توفر المدينة شبكة للإنترنت فائقة السرعة وتعليم على الإنترنت – وكلاهما مجاني تمامًا – لجميع المواطنين من خلال مبادرة “الهواء الرقمي”.
  5. الاستدامة: سوف تستخدم المدينة الطاقة المتجددة فقط وسوف تحرص على أن تكون “المباني خالية من الكربون[33]“.
  6. التصميم الإبداعي: سوف تشجع المدينة على استخدام تقنيات ومواد جديدة لضمان قدرتها على تلبية متطلباتها المستقبلية.

وكما أكد سمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، فسوف يتم التركيز على استخدام الذكاء الصناعي والروبوت والطائرات ذاتية القيادة، بينما لن نجد محلات السوبر ماركت بشكلها المعتاد. وبدلاً من ذلك، فسوف تُستخدم الأتمتة في توصيل المشتريات مباشرة إلى المنازل عند الحاجة إليها. وقد تفسر جميع هذه الطموحات السبب الذي دفع المحللين الفنيين إلى تسمية نيوم “بمدينة المنشطات[34]“.

 ملتزمون بالتطور إلى نموذج المدن الذكية في جميع أنحاء المملكة

وفقًا للمعهد الملكي للمساحين القانونيين، “فإن قطاعات الطاقة والمياه والنقل من أهم القطاعات في المدن الذكية[35]. وتُعد جميع هذه القطاعات الحيوية جزءًا من “البنية الأساسية للحياة” والتي يمتلك فيها عبد اللطيف جميل خبرة عالمية واسعة.

يعتقد عمر الماضي، المدير العام التنفيذي في عبد اللطيف جميل للاستثمارات، أن هذه الإمكانات قد تؤدي دورًا محوريًا في خارطة المملكة نحو التقدم.

وقال المهندس عمر الماضي: “كانت عبد اللطيف جميل في قلب الحراك الاقتصادي السعودي منذ أكثر من ستة عقود. وقد شهدت أعمالنا تطورًا وتنوعًا ملحوظًا إذ أننا نعمل الآن في قطاعات العمل السبع التي تسهم في البنية الأساسية للحياة. وفي مسيرتنا لخدمة مجتمعنا، استعنا بمعرفة وخبرات عالمية وطورنا من مهارات المواطنين السعوديين وعززنا من جودة الحياة في البلاد. إننا فخورون بهذه الإنجازات، ولن نتوانى عن بذل ما في وسعنا لتوفير مستقبل أفضل للجميع.

 “تدعم عبد اللطيف جميل أهداف رؤية المملكة 2030 دعمًا غير مشروط. تتمتع نيوم بإمكانات تجعلها في مصاف المدن الأذكى في العالم – ونحن جاهزون لأداء دورنا في المساعدة في تنفيذ هذا المشروع المذهل.”

 وإضافة إلى المزايا الهائلة من موقع المدينة بالقرب من المملكة العربية السعودية ومصر والأردن، فسوف تخلق نيوم فرصًا هائلة للمستثمرين الدوليين نظرًا لأنها تستقطب الخبرة العملية والمعرفة الكيفية التكنولوجية بهدف تحويل الرؤية إلى واقع ملموس.

 ويُضيف المهندس عمر الماضي قائلاً: “إن التنوع في اقتصاد المملكة العربية السعودية هو أحد التطورات الرئيسية التي سوف تشهدها البلاد في السنوات المقبلة. فقد بدأ المستثمرون الدوليون بالفعل في ملاحظة الإمكانات الكبيرة لمشروعات مثل نيوم، وتستعد عبد اللطيف جميل للاستثمارات لمساعدة الشركات العالمية الطموح في فهم الفروق الدقيقة والفرص التي يقدمها اقتصاد المملكة المنتعش.”

 ومن بين المؤسسات العالمية التي تشجع التحول نحو المدن الذكية مؤسسة المدن الجديدة وهي مجموعة غير ربحية تعمل بهدف “إيجاد مدن أكثر شمولية وتواصلاً وذات مناخ صحي وحيوي[36]. كما تنظم أجندة متجددة من المعارض والمؤتمرات والحلقات الدراسية في جميع أنحاء العالم، وتجمع الخبراء والمبدعين من العديد من المجالات الرائدة التي تُعد أساسية لمفهوم المدينة الذكية.

وفي فعالية “مدن على الطريق” الثالثة التي عقدتها المؤسسة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 في طوكيو، قال السيد/ حسن جميل: “يمثل التنقل في الحضر عاملاً مهمًا في تمكين المدن من المساهمة في التقدم الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. تُبنى المدن حول وسائل النقل: ولهذا من الضروري دراسة طريقة عمل وسائل النقل في المدينة، وطريقة بناء الطرق، وتصميم حركة المواصلات داخلها. التنقل الحضري والسلامة عنصران محوريان في عملية التخطيط للمدن في المملكة العربية السعودية.”

واليوم، تصبح هذه الأولويات أكثر أهمية من ذي قبل، فمن المتوقع أن تقلل تكنولوجيا المرور الذكية، على سبيل المثال، من حركة المرور في نيوم بنحو 25% وتقلل من الاختناق بنحو 40%[37].

من خلال الاستثمار في فهم التخطيط الحضري والصناعات الرئيسية مثل الطاقة والنقل والمياه والتي تشكل “البنية الأساسية للحياة”، تعمل عبد اللطيف جميل على تعزيز علاقاتها وبناء الخبرات التي تمكنها من الاستعانة في المملكة بالعلوم المتطورة وتساعد في خلق مستقبل نابض بالحياة يعتمد على التكنولوجيا لمدنها.

شريك جدير بالثقة لمستقبل أكثر ذكاء

لطالما دعمت عبد اللطيف جميل جهود المملكة العربية السعودية لتحقيق التنوع الاقتصادي والاستدامة والنمو. وعملت على مدى سبعة عقود على توفير مستقبل أفضل لجميع المواطنين السعوديين، كما أن التزامها طويل الأمد بجعل المدن أكثر ملائمة للعيش أمر واضح.

ومع الخطط بانتهاء المرحلة الأولى من مشروع نيوم بحلول عام 2025، فإن عبد اللطيف جميل متحمسة للإمكانيات التي سيوفرها المشروع. وبالفعل فقد صرح سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قائلاً: “هذا المشروع ليس مكانًا لأي مستثمر أو أي شركة تقليدية. المشروع فقط للحالمين الذين يريدون خلق شيء جديد في هذا العالم.[38]

من خلال عبد اللطيف جميل للاستثمارات، ومبادرتها المتفانية لجذب تمويل القطاع الخاص الجديد إلى الاقتصاد السعودي، تسعى عبد اللطيف جميل لتحقيق طموحها لتصبح الشريك الاستثماري الأكثر ثقة في البلاد.

وقد علّقَ عمر الماضي، كبير المديرين التنفيذيّين في شركة عبد اللطيف جميل للاستثمار، قائلاً: “تلتزم عبد اللطيف جميل للاستثمارات بدفع الاستثمار الأجنبي المباشر في البنية الأساسية السعودية. ومن خلال اختيار الصناعات الرئيسية التي تسهم في المملكة العربية السعودية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا اقتصاديًا واجتماعيًا ونمائيًا والدعوة لها، فإن عبد اللطيف جميل للاستثمارات قد تساعد في دفع عجلة التقدم خلال السنوات 50 المقبلة.

 “إن تركيزنا ينصب على القطاعات الناشئة والواعدة، حيث تتمتع الفرص بإمكانية التوسع المستدامة، مما يجعلنا الشريك المفضل لأي كيان كبير يرغب في القيام بنشاط تجاري في هذا الجزء من العالم”.

ومن خلال الجمع بين التجارب العالمية والخبرة المحلية واستنادًا إلى سجل نجاحاتها في مجال النقل والأراضي والعقارات والطاقة والخدمات البيئية، تفخر عبد اللطيف جميل للاستثمارات بتقديم يد العون للمستثمرين لمساعدتهم على الاستفادة من التطورات المثيرة في البلاد وتحقيق أقصى استفادة من إمكانات طموحات المدينة الذكية في المملكة.

لمعرفة المزيد، تفضل بزيارة الموقع الإلكتروني www.alj.com.

[1] Data: Population, Total, The World Bank, accessed April 2018

[2] Orchestrating infrastructure for sustainable Smart Cities, IEC, 2014

[3] Orchestrating infrastructure for sustainable Smart Cities, IEC, 2014

[4] Mortality and burden of disease from ambient air pollution, World Health Organization, accessed April 2018

[5] Air pollution, World Health Organization, accessed April 2018

[6] Reshaping Economic Geography: World Development Report 2009, The World Bank, 2009

[7] Urban Economic Challenges and the New Urban Agenda, UN Habitat, accessed May 2018

[8] Vision 2030, Kingdom of Saudi Arabia

[9] Saudi Arabia: Transport and Logistics Opportunities, Saudi Arabia General Investment Authority, September 2016

[10] Saudi youth anxious to see progress on prince’s reform plan, Financial Times, 27 July 2017

[11] Do we really need smart cities? TechRadar, 20 March 2016

[12] Definitions and overviews, Smart Cities Council, accessed April 2018

[13] Smart Cities: Background paper, UK Department for Business Innovation and Skills, October 2013

[14] Smarter Cities: New cognitive approaches to long-standing challenges, IBM, accessed April 2018

[15] Definitions and overviews, Smart Cities Council, accessed April 2018

[16] Pedestrian SCOOT system, TRL, accessed April 2018

[17] Smart Cities – What’s In It For Citizens? Juniper Research, 12 March 2018

[18] Smart Cities – What’s In It For Citizens? Juniper Research, 12 March 2018

[19] Top 7 disruptive technologies for cities, The World Bank, 12 April 2018

[20] Top 7 disruptive technologies for cities, The World Bank, 12 April 2018

[21] Creating Future Cities with Self-Driving Vehicles, Urban Redevelopment Authority of Singapore, 26 November 2017

[22] Gartner Says 8.4 Billion Connected “Things” Will Be in Use in 2017, Up 31 Percent From 2016, Gartner, 7 February 2017

[23] KSA’s Madinah to host 4-day international conference on ‘humanizing cities’, Arab News, 26 April 2018

[24] Saudi Arabia’s Neom: Oasis or Sand Castle? Bloomberg, 24 October 2017

[25] Saudi Arabia’s new city, Neom, a mecca for robots, The Washington Times, 24 October 2017

[26] Neom fact sheet, Discover Neom, accessed April 2018

[27] Saudi Arabia’s new super city: Fast facts, Fox Business, 24 October 2017

[28] Neom – The Destination for the Future, Discover Neom, 24 October 2017

[29] Neom: New Way, New Era, Discover Neom, accessed April 2018

[30] Neom fact sheet, Discover Neom, accessed April 2018

[31] Neom: New Way, New Era, Discover Neom, accessed April 2018

[32] Neom fact sheet, Discover Neom, accessed April 2018

[33] Neom fact sheet, Discover Neom, accessed April 2018

[34] “A smart city on steroids” – what will it be like to live in Saudi Arabia’s $500bn digital oasis, Neom? Verdict, 4 November 2017

[35] Smart cities, Royal Institution of Chartered Surveyors, 2 February 2017

[36] Our Mission, New Cities Foundation, accessed April 2018

[37] Neom: New Way, New Era, Discover Neom, accessed April 2018

[38] Saudi Arabia seeks new economy with $500 billion business zone with Jordan, Egypt, Reuters, 24 October 2017