البحث عن غذاء الغد؟
أنظمة الغذاء تشهد ثورة حقيقية بفضل التكنولوجيا
دائما ما ينظر إلى توافر إمدادات الغذاء في دول العالم المتقدم باعتبارها أمرًا مسلما به – ولكن … هل ينطبق الأمر نفسه على باقي دول العالم؟ وهل ينعم الجميع بشعور الرضا ذاته؟
في إطار التطلع إلى عام 2030، تم الإعلان عن القضاء على الجوع في العالم كهدف رئيس من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة (الهدف رقم 2) ضمن خطة التنمية المستدامة لعام 2015 . لكن من الملاحظ أن هذا الإعلان قد تخطى عدة سنوات عكست واقعا مختلفا تمامًا.
ففي عام 2020، ووفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) FAO[1]، واجه ما يزيد عن 720 مليون شخص الجوع، حيث استمر الطلب العالمي على الغذاء في الارتفاع على الرغم الضغوط البيئية المتنامية و تأثيرات الجائحة السلبية على انتاج المحاصيل.
وتشير المنظمة إلى أنه في العام نفسه ازداد عدد من تأثروا بالجوع بمقدار 57 مليون شخص في آسيا، و 46 مليون في إفريقيا، و 14 مليون في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي مقارنة بعام 2019.[2]
وقد شهد عام 2022 أزمة جديدة بالنسبة لأسواق المواد الغذائية، حيث يهدد الوضع الحالي في أوكرانيا المحاصيل في منطقة تُعرف بأنها واحدة من “سلال الخبز” الرئيسة في العالم. ويتوقع البنك الدولي ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 37٪ ، و كذا ارتفاع أعداد من يدفعون إلى الوقوع ضحايا لبراثن الفقر وسوء التغذية.[3]
وقد أشار الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريس، إلى أن العالم يقف على شفا أسوأ أزمة غذائية منذ حوالي نصف قرن[4]، وحذر من أنه “في حالة عدم اتخاذ تدابير فورية، سيشهد العالم أزمة غذائية عالمية وشيكة قد تنطوي على آثار طويلة الأجل بالنسبة لمئات الملايين من الأطفال والبالغين”
والجدير بالذكر أنه ليس من المتوقع أن تتراجع مشكلة زيادة الطلب على الغذاء قريبا.
فمن المتوقع أن يشهد العالم ارتفاعا غير مسبوقا في عدد السكان وأن يسجل 10 مليار نسمة بحلول عام 2050، وهو ما يعني إضافة ملياري نسمة إلى سكان كوكب الأرض اليوم. ومن المنتظر أن يتضاعف عدد سكان أفريقيا جنوب الصحراء خلال الفترة نفسها[5].
ولا شك إن دور مشكلة المناخ في تفاقم أزمة الجوع حول العالم قد بات جليا. إذ يؤدي ارتفاع حموضة المحيطات إلى قتل المحار، وتدمر الأعاصير و موجات الجفاف المحاصيل، وتغمر المياه المالحة حقول الأرز. وتشير الابحاث إلى أنه في حالة استمرار الاتجاهات المناخية الحالية، قد تنخفض محاصيل الذرة بنسبة 28٪ بنهاية هذا القرن، و وتتراجع محاصيل القمح بنسبة 22٪ ، والفول الصويا بنسبة 12٪ ، والأرز بنسبة 11٪.[6]
وإذا كان تحديد الحلول يعد أمرا سهلا، فتنفيذها قد يكون جد صعب.
ففي منظومة الغذاء العالمي، نحن بحاجة إلى المزيد من الغذاء؛ الذي ترتفع فيه القيمة الغذائية ويتم انتاجه بطرق ميسورة التكلفة، ويتم توزيعه بشكل أكثر إنصافا.
تمثلت التطورات السابقة التي شهدها قطاع إنتاج الغذاء في التحسينات الميكانيكية التي تم إدخالها على الآلات. وقد تبع ذلك التطورات الجينية للبذور الأكثر صلابة والأسمدة الأكثر فاعلية. وبينما يستمر التطوير في هذه المجالات، يمكن للتكنولوجيات الحديثة التي ظهرت مؤخرا على الساحة، كتلك التي شهدناها في مجالات الرقمنة والاتصال، أن تسهم في ارشادنا إلى طريق الوصول إلى تحقيق المزيد من الأمن الغذائي.
من البيانات الأولية إلى الروبوتات الآلية
بينما تتعرض المزارع على مستوى العالم لنوبات متكررة من الطقس السيء، وتزداد الصراعات في المناطق الزراعية المتضررة بالفعل من الفقر، تبدو التكنولوجيا وكأنها سلاح جد مهم في رحلة السعي لتحقيق المرونة الزراعية وزيادة الغلات الغذائية.
وعلى هذه الخلفية، حدد المنتدى الاقتصادي العالمي العديد من الاستراتيجيات التكنولوجية الواعدة التي نراها في مراحل التطور المختلفة.
فمع ربط الاقتصادات الناشئة بشبكات الهواتف المحمولة، يتم طرح جيل جديد من التطبيقات التي تهدف إلى تمكين المزارعين من تسجيل البيانات الزراعية ومشاركتها، والتعرف على أحوال الأسواق، والحصول على الخدمات المالية[7]. وبالطبع يسهم كل ذلك في تحقيق سلسلة غذائية أكثر كفاءة، بدءا من غرس البذور ومرورا بالتسميد والحصاد ووصولا لمرحلة البيع النهائي.
ولكن كيف يمكن بلورة وتطوير منحى مشاركة البيانات ؟ فتبادل البيانات موجود بالفعل، وإن كان لا يزال في طوره الأول.
ففي إفريقيا، على سبيل المثال، يتلقى مزارعو الخضروات في كل من مصر وإثيوبيا والسودان بالفعل بيانات عن الطقس، ويساعدهم ذلك في الاستعداد لتقلبات الطقس. وفي الوقت نفسه يتلقى المزارعون الرعويون في منغوليا الواقعة في قارة آسيا تحذيرات بشأن تفشي بعض الأمراض وهو ما يساعدهم بالطبع في الحفاظ على صحة قطعانهم. وفي جميع أنحاء الجنوب العالمي، ينضم المزارعون إلى شبكات الرسائل القصيرة التي تقدم المشورة بشأن المحاصيل الجديدة التي يمكن زراعتها وتقنيات الزراعة التي قد يفضلونها.[8]
لا شك أن هذه الثورة في مجال الاتصالات تسمح للمزارعين بتنسيق لوجستيات النقل، وتبادل السلع القابلة للتلف مثل علف الحيوانات، وتأمين توفير البذور والأسمدة، وتحسين أحوال القطعان وزيادة أوزانها لمواجهة الظروف البيئية المستقبلية.
ويتجاوز التطور التكنولوجي الزراعي مجرد مشاركة البيانات والاتصالات فائقة السرعة.
فيؤكد الباحثون في شركة الاستشارات العالمية ماكينزي أن: “ بإمكان الذكاء الاصطناعي والتحليلات وأجهزة الاستشعار وغيرها من التقنيات الحديثة زيادة الغلال وتحسين كفاءة المياه والمدخلات الأخرى فضلا عن تعزيز الاستدامة والمرونة في قطاع زراعة المحاصيل وتربية الماشية“.[9]
ومن المنتظر أن نشهد تأثيرات لآلات الجيل القادم فيما يتعلق بزراعة المحاصيل الزراعية عبر مجموعة واسعة من المجالات:
- طائرات بلا طيار: بمساعد الطائرات بدون طيار وتحليل الصور عن بُعد ومراقبة أجهزة الاستشعار على الأرض سيكون من الممكن إدارة المناطق الزراعية، وهو ما سيؤدي إلى تدخلات مهمة وفورية لزيادة الغلال وتقليل تأثيرات المخاطر المتعددة التي تشمل – على سبيل المثال -الآفات.
- المراقبة الذكية للماشية: ستساعد البيانات التي يتم الحصول عليها من خلال استشعار اجسام الحيوانات وتقنيات تتبع الحركة في الحد من انتشار الأمراض بين القطعان فضلا عن اختراع تركيبات مخصصة للأعلاف والأدوية من أجل تحقيق أقصى قدر ممكن من النمو.
- الآلات الزراعية ذاتية التشغيل: من المنتظر أن تستفيد المحاصيل والحيوانات على حد سواء في المستقبل من التدخلات المستهدفة من خلال الآلات والروبوتات ذاتية التشغيل، وأن تتخذ القرارات بناء على مجموعة من بيانات الاستشعار والمعلومات المستقاة من أنظمة الـ GPS وتحليلات الصور المتقدمة.
- الإدارة الذكية للمباني والمعدات: ستعمل برامج الصيانة المُطورة والتكيف من البيئة على تحسين الأداء وإطالة العمر الافتراضي للبنية التحتية والآلات الزراعية المكلفة.
وقد تجاوزت العديد من الشركات مرحلة اثبات الفكرة وعكفت على تطوير التقنيات الحديثة. [10]
ففي سويسرا، على سبيل المثال ، تقوم شركة “إيكو روبوتيكس” بتطوير روبوتات لإزالة الأعشاب الضارة، وهو ما يعني إمكانية تقليل كمية الأسمدة والمبيدات الحشرية المطلوبة على الأرض بنسبة 95٪ فضلا عن خفض تكاليف الإنتاج بأكثر من 40٪. وتوفر”جامايا” طائرات بدون طيار مزودة بكاميرات فائقة الدقة للاستخدام في اغراض الهندسة الزراعية الرقمية. كما تنتج “سينس فلاي” أيضًا طائرات بدون طيارتعمل على جمع البيانات الجغرافية المكانية للمساعدة في تحسين الاستراتيجيات الزراعية. وفي الوقت نفسه، تقوم شركة”كلين جرينز” بتصنيع أنظمة هوائية متنقلة لغرض إنتاج محاصيل أكثر اقتصادية وكفاءة بيئيًا.
لا شك أن التفكير الإبداعي أيضا يمكنه أن يلعب دورا هاما لبلوغ الأهداف المرجوة. إذ يتم في الوقت الحالي تطوير طرق للتغليف تحارب البكتيريا باستخدام طلاء خاص للجسيمات النانوية[11]. ولا يسهم ذلك في إطالة العمر الافتراضي للمنتجات الموجودة داخل العبوات فحسب، بل يساعد أيضًا في مكافحة آفة مخلفات الطعام، وهي مشكلة تتسبب في التخلص مما يصل إلى 40٪ من الطعام في الولايات المتحدة سنويًا.[12]
دفع عجلة التطور
التحرير الجيني أو تعديل الجينات – ويشمل مجموعة من التقنيات التي تمكن العلماء من إضافة أو إزالة أو تغيير الحمض النووي للكائن الحي. ويتم استخدام التحرير الجيني بالفعل لغرض إنتاج محاصيل أفضل من ناحية القدرة على التحمل والقيمة الغذائية.
كما يتم تحسين نوعية البذور المستخدمة في انتاج الزيوت الأساسية والمحاصيل الزراعية (بكفاءة تفوق التكاثر التقليدي بكثير) من خلال مجموعة من الأدوات التي تشمل النيوكليازات الضخمة، ونيوكليازات إصبع الزنك، وأنظمة التكرارات العنقودية المتناظرة القصيرة منتظمة التباعد (CRISPR)[13]. وقد ظهرت تقنية كريسبر CRISPRفي السنوات الأخيرة وهي تقنية متعددة الاستخدامات وفعالة بشكل خاص من حيث التكلفة.
وبجمع هذه التقنيات معًا، لن نتمكن من توفير المزيد من الغذاء للجميع وحسب، بل أننا سنستطيع أيضا تحسين قيمته الغذائية، وزيادة مقاومة الأمراض، ومقاومة مسببات الحساسية. ومن خلال المزيد من التحكم في المواطن البيئية للتربة والنبات – وهو ما يسمى بالمعالجات الدقيقة – ستكون لدينا القدرة على تغيير أنماط إنتاج الغذاء وتقليل الاعتماد على المواد الكيميائية التي تثير الجدل في الأوساط البيئية. [14]
من ناحية أخرى، بدأت التطورات التي شهدها مجال التكنولوجيا الحيوية الزراعية في تسليط الضوء على الميكروبات، وتحديداً فيما يتعلق بكيفية استخدام أنواع معينة من البكتيريا والفطريات والطحالب في معالجة الميكروبيوم أو بيئة النمو.
وقد تم بالفعل إثبات كيف يمكن للميكروبات تحويل النيتروجين الذي تأخذه من الهواء إلى نترات قابلة للذوبان لتكون بمثابة أسمدة طبيعية. ومن خلال معالجة البذور التي تنتج عن ذلك، يتم إنتاج محاصيل قادرة على تحمل الطقس السيء أو ظروف الجفاف. وكل ذلك بالإضافة إلى المكاسب الجمة التي تتعلق باستدامة الانتاج.
ويتم اجراء الدراسات في الوقت الحالي بوتيرة متسارعة، ويرجع الفضل في ذلك إلى التطور الذي تشهده تقنيات “التسلسل السريع”. وتشمل محاور الاكتشافات الجديدة: المناطق الأحيائية الاصطناعية، وطرق التشخيص الحديثة، والعلامات الحيوية التي تستخدم في التحكم في صحة التربة وموارد المياه، و كذا في تحسين بنية التربة وتوافر المغذيات.
ولأن تلك التقنيات لا تزال جديدة، هناك حاجة إلى إجراء المزيد من البحوث من أجل الحصول على تحليلات أفضل للظروف البيئية، وفهم آليات الاتصال الجزيئي للميكروبات والنباتات.
وثمة دعم واعد على المستوى الحكومي لهذا الاتجاه، حيث يروج المنتدى الدولي للاقتصاد الحيوي التابع لمفوضية الاتحاد الأوروبي لاستخدام الميكروبيوم من أجل تحقيق الأمن الغذائي والتغذوي، كما تشجع المبادرة الوطنية للميكروبيوم بالولايات المتحدة الأمريكية والتي انطلقت في عام 2016 الابتكار في مجال تقنيات المحاصيل والتربة.
لحوم المختبر وتغيير الثقافة
يعد البروتين مكونًا رئيسًا في جميع النظم الغذائية البشرية، فهو مسؤول عن النمو والتطور ويعتبر جد ضروريا لإعطاء الجسم القدرة على بناء الأنسجة وإصلاحها. وقد ظلت لحوم الحيوانات أحد مصادرنا الرئيسة للحصول على البروتين. لكن هذا الاتجاه بات مؤخرا محلا للخلاف بعد أن تجلى تأثيره البيئي.
فقد أظهرت الأبحاث أن انبعاثات غاز الميثان، والتي تعتبر نتيجة ثانوية حتمية للإنتاج الحيواني، تعد أكثر ضررا بالبيئة 34 مرة مقارنة بثاني أكسيد الكربون[15]. و يعزى ذلك بشكل أساسي إلى انتاج لحوم الابقار، حيث ينتج عن كل 100 جرام من البروتين حوالي 50 كجم من غازات الاحتباس الحراري. ووفقًا لبعض التقديرات، يبلغ إجمالي الانبعاثات التي تنتج عن الثروة الحيوانية على مستوى العالم ما يقدر بـ 7.1 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنويًا، وهو ما يعادل 14.5 ٪ من جميع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي ينتجها البشر.[16]
تكتسب المصادر البديلة للبروتين المزيد من الشعبية، لا سيما تلك التي تعتمد على البروتين النباتي (كالفول الصويا والبازلاء وبذور اللفت) والحشرات (كالصراصير والجنادب والدودة القشرية والتي تستخدم في صناعة الأعلاف) والبروتين الفطري (كالكتلة البيولوجية الفطرية). ومع ذلك، ومع احتمال تفاقم الزيادة السكانية في العقود المقبلة، يتم توجيه الاستثمارات في الوقت الحالي نحو اللحوم المصنعة أو المنتجة في المختبرات.[17]
وقد شهد مجال اللحوم المصنعة في المختبرات تطورا هائلا منذ عام 2013، عندما تصدر أول برجر في العالم مصنع من لحم المختبر عناوين الأخبار. وفي عام 2020، وصل عدد الاستثمارات والصفقات في مجال أبحاث اللحوم المصنعة في المختبرات إلى مستوى قياسي بلغ 49، وبلغ إجمالي قيمتها حوالي 366 مليون دولار – ويمثل ذلك زيادة كبيرة مقارنة بعام 2016 والذي شهد ست صفقات فقط لم يتجاوز إجمالي قيمتها ال 6 ملايين دولار.[18]
وتستخدم اللحوم المصنعة في المختبرات، تقنيات زراعة الأنسجة المتقدمة بغرض الحصول على خلايا حيوانية في المختبر من أحد الوالدين، وهو ما يوفر نظريًا إمدادات لا حصر لها من الأنسجة العضلية ذات القيمة البروتينية المتماثلة.
ومن الناحية الفنية، تبدأ العملية بأخذ خلايا عضلية من الحيوانات عن طريق خزعة لعزلها وزراعتها في المختبر. ثم تتم تغذية هذه الخلايا داخل المفاعلات الحيوية (الخلايا نفسها تعلق في شبكة من الألياف) حيث يتم تغطيسها في مزيج مغذيات خاص يعمل كبيئة للنمو. وفي النهاية، تتم معالجتها لتصبح نوعا من الأنسجة يتكون من العضلات والدهون وغيرها من المنتجات القابلة للهضم، والجاهزة للتحويل إلى منتجات نهائية مثل اللحم المفروم أو البرجر.[19]
يالها من صناعة نامية!
ففي الوقت الحالي، تكرس أكثر من 60 شركة ناشئة حول العالم جهودها من أجل صقل تقنيات تصنيع اللحوم في المختبرات. ويتم توجيه الكثير من هذه الأبحاث نحو ابتكار بيئات أفضل للنمو من عناصر تشمل الأملاح والسكريات والمغذيات الدقيقة والأحماض الأمينية. وتبلغ تكلفة توفير بيئة للنمو في الوقت الحالي مئات الدولارات للتر الواحد. وسوف نحتاج إلى الوصول إلى نقطة سعر تقترب من دولار واحد للتر لتحقيق توسع حقيقي.
ومع وجود العديد من التحديات امام بلوغ خط انتاج غذاء مناسب للمستقبل، تتزايد الضغوط على الحكومات والقطاع الخاص لتنفيذ مثل هذه الاستثمارات الذكية في الوقت الحالي.
وتلتقي أهداف القطاعين العام والخاص…
إنني فخور للغاية بأن معمل عبداللطيف جميل للماء والغذاء J-WAFS))، والذي شارك في تأسيسه في عام 2014 كل من مجتمع جميل ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ، ويقع مقره في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، يسهم في دعم الأبحاث الخاصة بتكنولوجيا الغذاء في إطار السعي المبذول من أجل توفير الغذاء لسكان الأرض بطريقة أكثر إنصافًا واستدامة.
وتعكس المشروعات البحثية المستمرة والمتعددة التي يتبناها المعمل نطاق هذه المهمة الحيوية. وهي تشمل مشروعات رائدة تتعلق بما يلي:
- تحفيز التنوع الجيني في نباتات المحاصيل من خلال تغيير أرقام نسخ الجينات وتفعيل الحمض النووي المتنقل بغرض تحديد الأنواع الأكثر مقاومة للصدمات الحرارية أو زيادة الملوحة[20].
- الكشف عن الكائنات الممرضة التي تنتقل عن طريق الأغذية في مواقع المعالجة وقبل وصول الأطعمة الملوثة إلى المستهلك، وهو ما يسهم في الحد من عمليات سحب المنتجات الغذائية من الأسواق وتفشي الأمراض.[21]
- تلبية الطلب المتزايد على المأكولات البحرية الغنية بالبروتين من خلال تحسين فاعلية اللقاحات التي يتم استخدامها في تربية الأحياء المائية.[22]
- استخدام تقنيات التبريد الهجينة والتي تعتمد على التبخير والإشعاع لغرض إطالة العمر الافتراضي للمواد الغذائية في المناطق الموجودة خارج نطاق الشبكة.[23]
- تحويل النفايات التي تنتج عن صناعة الألبان إلى مكونات غذائية وأعلاف من خلال هندسة التمثيل الغذائي.[24]
- تطوير أجهزة استشعار طيفية من أجل تحقيق إدارة فعالة للمحاصيل من جانب المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة وذلك عن طريق الحد من استخدام الأسمدة النيتروجينية مع الحفاظ على غلات المحاصيل.[25]
كما يسعدني أيضًا أن تساهم شركة جميل لإدارة الاستثمار (جيمكو)، من خلال صندوق الأصول الاستراتيجية، في دعم برامج تكنولوجيا الغذاء والزراعة المستدامة في جميع أنحاء العالم.
ومع ذلك، فليس من الممكن أن تقوم مختبرات الأبحاث ومستثمرو القطاع الخاص بتحقيق الأمن الغذائي وحدهم. إذ يمكن للحكومات في جميع أنحاء العالم أن تتولى توجيه الدفة نحو مستقبل تغذوي عالمي من خلال وضع القواعد اللازمة لإطلاق البحوث العملية والاستثمارات الضخمة دون تأخير.
ويقترح الخبراء في هذا المجال وضع مجموعة من الاستراتيجيات التي تتكامل مع بعضها البعض.
ويجدر بالمشرعين الانضمام إلى العلماء والمستثمرين من أجل توسيع نطاق تكنولوجيا الغذاء والتغلب على العقبات التي تشمل المصالح الخاصة، ونقص رأس المال الاستثماري، و البنية التحتية غير المناسبة والأعباء التنظيمية.[26]
في الوقت ذاته، ينبغي التركيز بشكل أكبر على إمكانات “الاتصالات” من أجل إحداث ثورة حقيقية في مجال الزراعة وتكنولوجيا الغذاء. فحتى في الولايات المتحدة، والتي تعتبر بشكل عام رائدة في مجال الاتصالات، لا يستفيد من الإمكانات التي توفرها تكنولوجيا تبادل البيانات في الوقت الحالي سوى ربع المزارعين. ومع التراجع المستمر في أسعار الأجهزة والبرامج، تقدم تقنية إنترنت الأشياء (IoT) وسائل متقدمة لمراقبة المحاصيل والثروة الحيوانية، والتي من الممكن بدورها أن تؤدي إلى الحصول على عوائد على الاستثمارات بداية من العام الأول.[27]
ومن المنتظر أن تتطلب عملية مضاعفة المحاصيل في المستقبل تبني تطبيقات التحليلات التي تنتمي إلى الجيل التالي بشكل واسع، والتي بدورها ستتطلب نوعًا من الاتصال ذي النطاق الترددي العالي وزمن الانتقال المنخفض الذي توفره فقط التقنيات المتطورة مثل الأقمار الصناعية LPWAN و 5G و LEO.
ويعد نشر التكنولوجيا لغرض إحداث ثورة في مضمار الأنظمة الغذائية مهمة تمتد من الحقل إلى المختبر. ولعل الاستثمار في التقنيات المناسبة اليوم سيجنب المجتمعات دفع ثمن أعلى بكثير فيما بعد، عندما يقف العالم مكتوف الأيدي بسبب الحاجة الملحة للغذاء.
إن الأمن الغذائي – بالنسبة لملايين الأشخاص حول العالم – يتداخل مع بعض التحديات الرئيسة الأخرى التي نواجهها، والتي تشمل صحة الإنسان، والاستدامة البيئية، والمرونة الاقتصادية، والضغوط السكانية. ويتعين على كل من القطاعين العام والخاص اغتنام الفرص التي لا تقدر بثمن التي توفرها التكنولوجيا لإحداث ثورة حقيقية في مضمار أنظمتنا الغذائية العالمية، وأن يتم ذلك بالحماس والتنسيق نفسهما الذي نراه في السعي نحو إحداث ثورة في أنظمة الطاقة حول العالم.
[1] https://www.fao.org/state-of-food-security-nutrition
[2] https://www.fao.org/state-of-food-security-nutrition
[3] https://www.worldbank.org/en/topic/agriculture/brief/food-security-update
[4] https://www.theguardian.com/society/2020/jun/09/world-faces-worst-food-crisis-50-years-un-coronavirus
[5] https://institute.global/policy/technology-feed-world
[6] https://www.theguardian.com/environment/2022/apr/22/climate-food-biodiversity-five-charts
[7] https://www.weforum.org/agenda/2018/03/food-security-s-social-network
[8] https://www.weforum.org/agenda/2018/03/food-security-s-social-network
[9] https://www.mckinsey.com/industries/agriculture/our-insights/agricultures-connected-future-how-technology-can-yield-new-growth
[10] https://www.lombardodier.com/contents/corporate-news/responsible-capital/2021/january/how-technology-is-changing-the-f.html
[11] https://www.israel21c.org/killer-paper-for-germ-free-food-packaging/
[12] https://www.forbes.com/sites/nicolemartin1/2019/04/29/how-technology-is-transforming-the-food-industry/?sh=7050b49f20a3
[13] https://www.frontiersin.org/articles/10.3389/fpls.2020.577313/full
[14] https://institute.global/policy/technology-feed-world
[15] https://unece.org/challenge
[16] https://www.fao.org/news/story/en/item/197623/icode/
[17] https://www.mckinsey.com/industries/agriculture/our-insights/alternative-proteins-the-race-for-market-share-is-on
[18] https://institute.global/policy/protein-problem-how-scaling-alternative-proteins-can-help-people-and-planet
[19] https://www.newscientist.com/article/mg24032080-400-accelerating-the-cultured-meat-revolution/
[20] https://jwafs.mit.edu/projects/2021/new-approach-enhance-genetic-diversity-improve-crop-breeding
[21] https://jwafs.mit.edu/projects/2021/site-analysis-foodborne-pathogens-using-density-shift-immunomagnetic-separation-and
[22] https://jwafs.mit.edu/projects/2021/precise-fish-vaccine-injection-using-silk-based-biomaterials
[23] https://jwafs.mit.edu/projects/2021/hybrid-evaporative-and-radiative-cooling-passive-low-cost-high-performance-solution
[24] https://jwafs.mit.edu/projects/2021/converting-dairy-industry-waste-food-and-feed-ingredients
[25] https://jwafs.mit.edu/projects/2021/accurate-optical-sensing-efficient-fertilizer-use-and-increased-yield-small-farms
[26] https://institute.global/policy/technology-feed-world
[27] https://www.mckinsey.com/industries/agriculture/our-insights/agricultures-connected-future-how-technology-can-yield-new-growth