“لا تسأل عما يمكن أن تفعله أموالك من أجلك، بل عما يمكن أن تفعله أموالك للعالم.” قد تبدو هذه المقولة مثالية إلى حد السذاجة عندما يتعلق الأمر بدوافع مستثمري القطاع الخاص، لكنها قد تعبر من وجهة نظر أخرى عن الطريقة التي تهب بها رياح الاستثمار اليوم. 

قد يبدو من غير المألوف في عالم المال أن نرى توجهًا جديدًا تتشابك فيه دوافع كسب المال مع فعل الخير في ذات الوقت على نحو متزايد. ولعل هذا التقارب السار هو ما يفسر لنا حجم الزيادة التي حدثت على مدى العقد الماضي في الاستثمار المسؤول اجتماعيًا وبيئيًا (المعروف أيضًا باسم الاستثمار وفق معايير “الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية” (ESG) – وهو نوع من الاستثمار يركز على توجيه الأموال إلى فرص ذات بُعد بيئي أو مجتمعي أو أخلاقي يمكن إثباته بل وتوثيقه من قبل جهة خارجية مستقلة.

ومن الشائع أيضًا في أيامنا هذه أن نرى توجهات جديدة تجمع ما بين المساعي الرامية إلى بناء مجتمع أكثر استدامة وجني الأرباح في ذات الوقت. والأمر هنا لا يتعلق بادعاء الفضيلة أو حصد الإعجاب على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال إظهار الدعم لحقوق الإنسان، والبيئة، والتنوع والشفافية، فكلها أمور مألوفة حول البيئة والمجتمع والحوكمة، لكننا نجد أنفسنا اليوم أمام مستثمرين في القطاع الخاص يتبنون رؤية أعمق من ذلك ويرون أن العالم الآمن والمستقر لا بد وأن يكون مهيئًا بشكل طبيعي للنمو والقدرة على التنبؤ – وهما سمتان مميزتان لأي بيئة تجارية خصبة وآمنة. وهذا التوجه إنما ينبع من قناعة هؤلاء المستثمرون بأن العالم الذي تعصف به الضغوط المجتمعية وانعدام الاستقرار البيئي غالبًا ما يكون مرادفًا للتقلب وعدم اليقين والانحدار طويل الأجل – وهو بذلك لا يصلح لأن يكون أساسًا متينًا للنمو الاقتصادي طويل الأجل.

WEF Risks Report 2022 Coverوفي هذا الصدد، أشار المنتدى الاقتصادي العالمي في تقريره حول المخاطر العالمية لعام 2022، إلى أن المخاطر الرئيسة التي تواجه العالم من حيث الاحتمال والتأثير (الظواهر المناخية القاسية، وفشل تدابير مواجهة التغير المناخي، وفقدان التنوع البيولوجي، والكوارث البيئية التي يتسبب بها الإنسان، وأسلحة الدمار الشامل وأزمات المياه[1]) تشترك معًا في جانب واحد، وهو أن احتمالات حدوثها، وشدتها، تعتمد بالأساس على مدى متانة الكوكب الذي يؤوينا جميعًا. 

فكلما كان الكوكب أكثر أمانا، كانت الحضارة أكثر استقرارًا عليه، وكانت الفرص الاقتصادية أكثر توافرًا. إذا، ما الذي يعنيه مصطلح “الحوكمة البيئية والمجتمعية والمؤسسية”؟ في الواقع، لا يوجد حتى الآن تعريف واحد متفق عليه، لكن ماكينزي توفر نقطة انطلاق مفيدة في مقال لها عن الاستثمار المسؤول اجتماعيًا وبيئيًا.

تعكس البيئة حقيقة أن كل شركة تستخدم الطاقة والموارد؛ بمعنى أن كل شركة تؤثر على البيئة وتتأثر بها. والبيئة هنا تشمل الطاقة التي تستخدمها الشركة والمخلفات التي تُصَرفُها والموارد التي تحتاجها، وتبعات ذلك كله على كوكب الأرض، مثل انبعاثات الكربون وتغير المناخ.   

ويدرك المجتمع أن كل شركة تعمل ضمن مجتمع أوسع ومتنوع. وهو يتناول العلاقات التي تتمتع بها الشركة والسمعة التي تبنيها في أذهان الناس والمؤسسات في المجتمعات التي تعمل بها. وبهذا المعنى المجتمع يشمل علاقات العمل والتنوع والشمول.

وتعالج الحوكمة المؤسسية القضية المتمثلة في أن كل منظمة تحتاج إلى وجود هيكل للحوكمة باعتبارها كيانًا قانونيًا. وهذا الهيكل يشمل النظام الداخلي للممارسات والضوابط والإجراءات التي تتبناها الشركة لتنظيم شؤونها، واتخاذ قرارات صائبة، والامتثال للقانون، وتلبية احتياجات أصحاب المصلحة الخارجيين. [2] 

تعود جذور حركة المسئولية البيئية والمجتمعية والمؤسسية إلى عام 2005، عندما دعا كوفي عنان، الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، مجموعة من أكبر مؤسسات الاستثمار في العالم لصياغة مبادئ الاستثمار المسؤول (PRI)، وهي مجموعة من المبادئ تركز على معالجة قضايا البيئة والمجتمع والحوكمة. واليوم، يدير الموقعون الـ 521 على ميثاق مبادئ الاستثمار المسؤول أكثر من 103 تريليون دولار أمريكي (حسب أحدث البيانات الصادرة في مارس 2020) بما يتماشى مع مبادئ الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية[3].

وبحكم طبيعته، فإن الاستثمار المسؤول اجتماعيًا وبيئيًا يعني التخلي عن مبادئ “الربح السريع” قصير الأجل، بمعنى أن المستثمر الذكي الذي يرغب في الاستثمار وفق معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية لا بد وأن يفكر في الكيفية التي قد تساعد بها استثماراته في إنتاج طاقة مستدامة في العالم النامي ومن ثم بناء دولة ناضجة تتمتع بإمكانات تجارية بعد جيل قادم. باختصار، الاستثمار وفق معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية –  في أنقى صوره، أو في شكله المثالي –  هو نموذج تجاري يجمع ما بين المبادئ الأخلاقية والربح. 

وحتى الآن، يبدو أن هذا هو النموذج الرابح في عالم الاستثمار.

ما هو الاستثمار المستدام؟

يشمل الاستثمار المستدام مجموعة من الإستراتيجيات التي يمكن تطبيقها مجتمعة. ومن أكثرها شيوعًا: الفرز  السلبي / الاستبعادي: استبعاد الشركات العاملة في الصناعات أو البلدان التي تعتبر غير مرغوب بها.

  • الفرز المستند إلى المعايير: استبعاد الشركات التي تنتهك مجموعة من المعايير، مثل المبادئ العشرة للميثاق العالمي للأمم المتحدة.
  • الفرز الإيجابي / الأفضل في فئته: اختيار الشركات ذات الأداء القوي في مجال الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.
  • الاستثمار وفق مفهوم الاستدامة: مثلما هو الحال في صندوق يركز على الحصول على المياه النظيفة أو الطاقة المتجددة.
  • دمج الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية: بما في ذلك دمج عوامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في التحليل الأساسي.
  • الملكية النشطة: الانخراط بعمق مع شركات المحفظة.
  • تأثير الاستثمار: البحث عن الشركات ذات التأثير الإيجابي في قضية الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، والتي تتمتع في ذات الوقت بالقدرة على تحقيق أرباح في السوق.

في الواقع، خلصت دراسة أجرتها مجلة هارفارد بيزنس ريفيو عام 2019 أن قضايا الاستدامة والحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية أصبحت تحظى الآن بأولوية قصوى لدى شركات الاستثمار الرائدة وصناديق التقاعد العامة.[4] وهذا يعني من الناحية العملية أن أكبر مالكي الأصول في العالم استثمروا تريليونات في الاقتصاد العالمي والالتزامات متعددة الأجيال التي تتطلب رؤية طويلة الأجل للمخاطر النظامية – وهذا بطبيعة الحال يعكس حرصهم البالغ على تجنب هلاك الكوكب.

قوة تقدر بمليارات الدولارات من أجل صالح البشرية

إذا كان المال يتحدث، فلا شك في أن صوت الاستثمار المسؤول اجتماعيًا وبيئيًا سيكون الأقوى تأثيرًا.

في تقرير أصدرته شركة ديلويت العالمية لاستشارات الأعمال حول نمو الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية على مدى السنوات القليلة الماضية، تبين أن 70٪ من صناديق الاستثمار المسؤول اجتماعيًا وبيئيًا تفوقت على البدائل المماثلة لها في الربع الأول من عام 2021. وخلال الفترة نفسها، تفوق أداء 24 صندوقا من أصل 26 صندوقًا للمؤشرات المستدامة على صناديق المؤشرات التقليدية ذات الصلة. ووفقا لشركة ديلويت، فإن حوالي 90٪ من الدراسات أكدت جدوى العلاقة طويلة الأجل بين دمج ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية والأداء المالي للشركة.[5]

وبالطبع، سيؤدي هذا الأداء المتفوق إلى زيادة الثقة في مفهوم الاستثمار المسؤول اجتماعيًا وبيئيًا وفق معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.

إذ تشير الأرقام إلى أن أصول الاستثمار المستدام نمت بين عامي 2016 و 2020 بأكثر من 50٪ لتصل إلى 35 تريليون دولار أمريكي حول العالم.[6] وتشير التقديرات إلى أن محافظ وصناديق الاستدامة على مستوى العالم يمكن أن تستوعب أكثر من 53 تريليون دولار أمريكي من الاستثمارات بحلول عام 2025.[7]

إعادة إنشاء عبد اللطيف جميل من هذا الرسم، مع تغيير العنوان إلى: النمو العالمي في الاستثمار المسؤول اجتماعيًا وبيئيًا.

وقد لا يكون هذا النمو مفاجئًا سيما إذا ما علمنا أن الأبحاث الجديدة تظهر أن غالبية المستهلكين في 17 سوقًا رئيسيًا يعتقدون أن الخدمات المالية والشركات والمستثمرين يجب أن يقدموا المزيد في سبيل الحفاظ على البيئة.[8]

مواجهة ظاهرة ‘الغسل الأخضر’

بطبيعة الحال، تنطوي زيادة التأثير والاهتمام على قدر أكبر من المسؤولية، وبالتالي تصبح المساءلة ذات أهمية قصوى.

جرت العادة على إخضاع إدعاءات الشركات بشأن توافق منتجاتها مع المعايير البيئية، إلى جانب المنتجات المالية مثل السندات الخضراء أو الصناديق المتداولة في البورصة الخضراء المتخصصة، لتقييم نوعي وكمي عبر الإفصاحات المتعلقة بأنشطتها في مجال الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية. ومع ذلك، لا تزال معايير إعداد هذه التقارير بحاجة إلى تحسين وتوحيد لمواجهة بعض الانتقادات التي بدأت تطال ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.

ويأتي على رأس هذه الانتقادات ما يعرف باسم  ‘الغسل الأخضر’، وهي ظاهرة تميل فيها شركة ما إلى خلق انطباع مضلل أو تقديم معلومات مبالغ فيها حول مدى مراعاة منتجاتها وسياساتها لمعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، دون أن تكون هذه الادعاءات مؤيدة بمقاييس موضوعية يمكن التحقق منها. وهذه في حد ذاتها مشكلة يمكن أن تتسبب في حالة من التخبط لمستثمري القطاع الخاص ذوي النوايا الحسنة، فضلا عن تقويض المساعي المبذولة على مستوى قضية الاستثمار المسؤول اجتماعيًا.

ويبدو أن مشكلة الغسل الأخضر في جوهرها هي أكثر من مجرد فرضية، فقد كشف مركز أبحاث أزمة المناخ “انفلوينس ماب” (InfluenceMap)، ومقره المملكة المتحدة، العام الماضي عن نتائج تحليله لـ 723 صندوقا يعمل تحت شعار الاستثمار المسؤول اجتماعيًا وبيئيًا (تبلغ قيمة أصولها أكثر من 330 مليار دولار أمريكي)، حيث أظهر التحليل أن غالبية هذه الصناديق فشلت في تلبية هدف اتفاقية باريس طويل الأجل المتمثل في الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى أقل من 2 درجة مئوية.[9]

وفي تقريرها لعام 2020، بعنوان “الاستثمار المسؤول اجتماعيًا وبيئيًا: الممارسات والتقدم والتحديات”، سلطت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، الضوء على المجالات الرئيسية للتحسين الرامي إلى منع الغسل الأخضر والمساعدة في إطلاق حملات تمويل الاستثمارات المتوافقة مع معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.[10] ومن بينها:

  • ضمان اتساق المقاييس الأساسية وقابليتها للمقارنة وجودتها وتوافقها مع أطر إعداد تقارير الإفصاح عن ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.
  • تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين جهات الإصدار الكبيرة والصغيرة فيما يتعلق بإفصاحات وتصنيفات ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.
  • تعزيز الشفافية والقابلية للمقارنة في منهجيات التقييم والترجيح بين مقدمي مؤشرات تصنيف ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.
  • ضمان وضع ملصقات واضحة على المنتجات المسؤولة اجتماعياً وبيئياً والإفصاح عنها بصورة تتيح للمستثمرين الاطلاع بشكل كاف على كيفية استخدام ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في اختيار الأصول.

وفي سبيل معالجة هذا الوضع، يوجه المشرعون في جميع أنحاء العالم أنظارهم تدريجيًا نحو أسواق الاستثمار المسؤول اجتماعيًا وبيئيًا لضمان أن تستند قرارات الاستثمار المستقبلية إلى أفضل المعلومات المتاحة. بيد أن التقدم المحرز يتسم بنوع من التفاوت من منطقة إلى أخرى.

مستثمرو القطاع الخاص يكتسبون نظرة أكثر عمقًا حول الاستثمار المسؤول اجتماعيًا وبيئيًا

على الصعيد الدولي، تسعى مجموعة متنوعة من الهيئات، بما فيها فرقة العمل المعنية بالإفصاحات المالية المتعلقة بالمناخ و المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية لإنشاء نظام إفصاح عالمي موحد.

ومما لا شك فيه أن الزخم آخذ في التزايد وراء الجهود الرامية إلى مواءمة نظام الاستثمار الدولي مع معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.

وقد شهد العام الماضي، على سبيل المثال، إطلاق تحالف صافي الصفر المصرفي (Net Zero Banking Alliance)، وهو مشروع تقوده الأمم المتحدة ويجمع أكثر من 50 بنكا من 24 دولة تحت مظلة واحدة بهدف تحقيق انبعاثات صفرية صافية. فيما تجمع شبكة تخضير النظام المالي العالمية، الأولى من نوعها والنشطة منذ عام 2017، بين البنوك المركزية والهيئات التنظيمية التي تسعى إلى تحقيق ذات الأهداف المناخية.

كما يُعد مجلس معايير الاستدامة الدولية الجديد التابع للمؤسسة الدولية لمعايير إعداد التقارير المالية (IFRS) خطوة أخرى في الاتجاه الصحيح، إذ تتمثل أهدافه في ضمان تقديم تقارير موثوقة وقابلة للمقارنة حول ممارسات الاستثمار المسؤول اجتماعيًا وبيئيًا في ضوء مجموعة رئيسية من المقاييس الثابتة، مما يساعد كبار وصغار المستثمرين من القطاع الخاص في تحديد مسارهم الاقتصادي المستدام بمزيد من الوضوح.

كما تتواصل الجهود أيضًا على الصعيد الإقليمي لتحسين الشفافية، حيث أشار المنتدى الاقتصادي العالمي في تقريره الأخير عن الاستثمار المستدام إلى أن الجهات التنظيمية في المملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي باتت أكثر حرصًا على إخضاع إدعاءات توافق المنتجات مع البيئة والمنتجات المالية المستدامة لمراقبة أكثر صرامة.[11]

وفي المملكة المتحدة، تقع مهمة إثبات شرعية الاستثمارات المسؤولة اجتماعيًا وبيئيًا بشكل أساسي على عاتق هيئة السلوك المالي البريطانية (FCA)، التي تشارك بفعالية في الجهود المتواصلة لتشكيل نظام يتسم، كما ورد في صحيفة فاينانشال تايمز، “بالوضوح والدقة والصرامة ولكنه مرن، ومُصاغ بمعرفة خبراء وواضح للمستهلكين.” [12]

وفي عام 2021، نشرت هيئة السلوك المالي البريطانية مجموعة من المبادئ التوجيهية للصناديق التي تروج لنفسها على أنها صناديق مسؤولة اجتماعيًا وبيئيًا، وذلك لتحسين جودة التطبيقات وتعزيز ثقة المستثمرين في السوق. وتغطي هذه المبادئ كل ما يتعلق بهذا المجال، بداية من أسماء الصناديق إلى استراتيجيات الاستثمار إلى الإشراف.

وفي الآونة الأخيرة، اقترحت هيئة السلوك المالي البريطانية تطبيق عملية إفصاح من ثلاثة مستويات للشركات المستثمرة المحتملة، تشمل وضع ملصقات واضحة على المنتج، وحقائق أساسية مفهومة للمستهلك، ومعلومات أعمق للمستثمرين المحتملين.[13]

وفي الولايات المتحدة الأمريكية، يطالب محققو هيئة الأوراق المالية والبورصات مديري الصناديق أن يكونوا أكثر وضوحًا إزاء وضع العلامات والملصقات التي تشير إلى الامتثال بمتطلبات المسؤولية الاجتماعية والبيئية، لا سيما فيما يتعلق بتريليونات الدولارات من الأصول المستدامة المتداولة في وول ستريت.[14]

وفي بادرة أخرى تشير إلى نية تعزيز إجراءات التدقيق في المستقبل، طلبت هيئة الأوراق المالية والبورصات أيضًا من مديري الصناديق تقديم المزيد من البيانات حول الامتثال لمتطلبات المسؤولية الاجتماعية والبيئية التي تغطي الإيداعات التنظيمية وحملات الترويج.

وقد أبدت هيئة الأوراق المالية والبورصات بالفعل مخاوف من أن بعض الصناديق التي ترفع شعارات المسؤولية الاجتماعية والبيئية لا يمكن أن تبرر إدعاءاتها بشأن توافق منتجاتها مع البيئة، كاشفة بذلك عن فجوة كبيرة بين ما يتردد في حملات التسويق وما هو كائن على أرض الواقع.[15]

ولعل هذه المشكلة تعزى في جزء منها لتقاعس السلطات الأمريكية المعنية في إضفاء الطابع الرسمي على المعايير الرسمية لاعتماد ملصقات المسؤولية الاجتماعية والبيئية.

وفي أوروبا، أرست الاستراتيجية، التي تم الكشف عنها حديثًا لتمويل التحول إلى اقتصاد مستدام، قواعد أكثر صرامة بشأن إعداد التقارير من قبل الكيانات المالية، بل وتقترح دمج المخاطر المتعلقة بالمناخ في التصنيف الائتماني لهذه الكيانات.[16]

فيما يعتزم الاتحاد الأوروبي هذا العام اعتماد لائحته المتميزة لإعداد تقارير استدامة الشركات (CSRD) لتحل محل اللائحة السابقة لإعداد التقارير غير المالية. وتكمن أهمية لائحة إعداد تقارير استدامة الشركات في كونها تُلزم سائر الشركات الأوروبية الكبيرة والمدرجة في البورصة بتبني معايير إلزامية في إعداد تقارير الاستدامة، وتقديم ضمانات خارجية عن أدائها في مجال ممارسات المسؤولية الاجتماعية والبيئية.[17]

وفي إطار جهود التعافي الاقتصادي التي تشهدها المنطقة في أعقاب جائحة كوفيد، تم إقرار لائحة تصنيف الاتحاد الأوروبي والإفصاح عن التمويل المستدام وذلك ضمن حزمة التمويل المستدام للاتحاد الأوروبي، إذ يهدف كتيب القواعد الجديد إلى توضيح بعض المناطق الرمادية الحالية في إعداد التقارير، مع تشجيع الاستثمار في الصناعات الواعية بيئيًا في نفس الوقت.[18]

والأهم من ذلك أن لائحة التصنيف تصنف، ولأول مرة، قطاعات الاقتصاد التي يمكن أن تدعي أنها استثمارات مستدامة، إذ أن الحصول على بطاقة خضراء يعني أن الكيان المعني مدرج على قائمة الأنشطة الاقتصادية المعتمدة ويفي بسلسلة من المعايير البيئية المختارة بعناية. 

ويغطي النظام ثلاثة أنواع من فرص الاستثمار:

  • الكيانات التي تسهم بشكل مباشر في تحقيق هدف الانبعاثات الصفرية الصافية، مثل مشاريع الطاقة المتجددة.
  • مرافق البنية التحتية الضرورية لهذه المشاريع، مثل محطات تخزين الطاقة.
  • الأنشطة التقليدية غير القادرة على التحول بنسة 100٪ إلى النموذج المستدام، لكنها تنتج انبعاثات أقل من المتوسط وتساعد في جهود التحول إلى مستقبل أخضر.

ونظرًا لما يكتسيه التمويل الخاص من أهمية في تحقيق هدف أوروبا المتمثل في تحقيق انبعاثات صفرية صافية بحلول عام 2050، يأمل الاتحاد الأوروبي أن يساعد هذا الإصلاح التنظيمي الشامل في جذب مستثمرين جدد إلى السوق.

وليس من المتصور أن ينطوي الاستثمار المسؤول اجتماعيًا وبيئيًا على مخاطر أعلى، حيث سلط صندوق النقد الدولي الضوء مؤخرًا على أهمية التمويل والدعم الذي يوليه القطاع الخاص للتشريعات المناخية الحكومية في جميع أنحاء العالم،[19] سيما وأن التخفيف من حدة تغير المناخ يمكن أن يكلف ما يصل إلى 500 مليار دولار أمريكي سنويا بحلول عام 2050، وهي فاتورة لا يمكن للحكومات الوفاء به بمفردها.

والمستثمرون من القطاع الخاص هم من بين أولئك المدعوين لسد هذه الفجوة التمويلية وجني ثمار هذا التمويل أيضًا. فمع تزايد التركيز على استخلاص النتائج الإيجابية الكامنة وراء الممارسات المسؤولة اجتماعيًا وبيئيًا، يمكن للمستثمرين البدء في استكشاف الإمكانات التي توفرها قوة التمويل الأخلاقي بشكل كامل.

تجميع محفظة سليمة للاستثمارات المسؤولة اجتماعيًا وبيئيًا

إذا كانت الاستثمارات المسؤولة اجتماعيًا وبيئيًا هي الباب المؤدي إلى الأرباح الأخلاقية، فإن العمل البحثي هو المفتاح الذي يفتحه. وتكمن أهمية العمل البحثي هنا في حقيقة أن الممارسات المسؤولة اجتماعيًا وبيئيًا بوصفها حلقة وصل رئيسية للاستثمار ما زالت تعتبر مفهومًا حديثًا نسبيًا، وبمعنى أدق، لا يزال هذا المفهوم حتى الآن في طوره الانتقالي.

وبالنسبة لمستثمري القطاع الخاص المحتملين، فإن هذا يعني أن العناية الواجبة الصارمة مطلوبة في جميع الجوانب التشغيلية والقانونية والتنظيمية في أي فرصة استثمارية – لا سيما وأن الانتقال إلى مجتمع منخفض الكربون يمكن أن يتسبب بحد ذاته في اضطرابات لوجستية واقتصادية محتملة.

يمكن أن يساعد التقييم المحايد لمدى تعرض الاستثمار لمخاطر المناخ، على سبيل المثال، في تعزيز مرونته إزاء هذه الاضطرابات المحتملة، إلى جانب تسليط الضوء أيضًا على الفرص التي تلوح في الأفق.

وفي عالم يزداد عرضة للصدمات غير المتوقعة (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كوفيد-19، الصراع الجيوسياسي)، فمن الحكمة أن تتجنب أي محفظة استثمارية متنوعة تركيز أنشطتها بقوة في أي صناعة أو منطقة أو شركة أو أداة استثمارية معينة. فيما يرى بعض الخبراء أن تقليل مخاطر المحفظة المتركزة في الأنشطة المسؤولة اجتماعيًا وبيئيًا يتطلب توزيع الاستثمارات عبر مجموعة من القطاعات والأسهم والأطر التشريعية المختلفة.[20]

وفي تقرير لها حول دمج الأنشطة المسؤولة اجتماعيًا وبيئيًا ضمن المحافظ الاستثمارية، تقترح ديلويت نهجًا من أربع خطوات لتفسير القيمة على مدى دورة حياة الاستثمار.[21]

  1. الاستراتيجية: تحديد الأهداف والأساليب الأساسية للأنشطة المسؤولة اجتماعيًا وبيئيًا، ثم وضع مقاييس لدراسة الفرص من منظور أولويات الأنشطة المسؤولة اجتماعيًا وبيئيًا.
  2. أنشطة الاستثمار: وضع سياسات لتقييم مستوى أداء الشركات المستهدفة في الأنشطة المسؤولة اجتماعيًا وبيئيًا، واستخدام هذه النتائج في توجيه عملية اتخاذ القرارات.
  3. الملكية وإعداد التقارير: ضمان تعاون الجهات المستثمرة في جمع البيانات وإعداد التقارير بحيث يمكن قياس أداء الأنشطة المسؤولة اجتماعيًا وبيئيًا مقابل مقاييس معينة؛ ثم الحصول على تأكيد مستقل من طرف ثالث حول مستوى أداء الأنشطة المسؤولة اجتماعيًا وبيئيًا.
  4. التقييم النهائي: تقييم نجاح الأنشطة المسؤولة اجتماعيًا وبيئيًا المستهدفة حتى الآن من حيث الأداء وعمليات إعداد التقارير.

وبالنسبة لمستثمر القطاع الخاص، قد تكون الفرصة الواعدة كامنة بالفعل في وجود هياكل رقابية قوية تستوعب الأنشطة المسؤولة اجتماعيًا وبيئيًا عبر استراتيجية استثمارية واسعة، وتسلط فيها البيانات الموثوقة الضوء على المخاطر والفرص على حد سواء.

وغالبا ما يكون مستثمرو القطاع الخاص، المستقلون والمبادرون، في وضع أفضل للاستفادة من هذه الفرص المتغيرة في فضاء الأنشطة المسؤولة اجتماعيًا وبيئيًا.

وبعيدًا عن تنويع المحفظة، فإن مواكبة الأحداث الجارية والدراية العميقة بالسوق لها ثمارها أيضًا، ذلك أن المستثمر المنخرط في فضاء الأنشطة المسؤولة اجتماعيًا وبيئيًا الذي لا يزال يتطور، يمكن أن يساعد في توقع المسارات السياسية والاقتصادية المستقبلية. ولا يقل المنظور العالمي أهمية عن ذلك، لأن الاستثمار المستدام قد يكون مختلفًا تمامًا من منطقة إلى أخرى، وهذا يتطلب دائمًا أن يكون البحث موجهًا بشكل خاص للقطاع المعني، ذلك أن حدود “المخاطر” لا بد وأن تختلف بشكل جذري من قطاع إلى آخر – على سبيل المثال، تتطلب المخاطر المناخية على قطاع الزراعة نهجا مختلفا عن المخاطر التي تحدق بسمعة الشركات العاملة في قطاع التجزئة.

يركز العديد من المستثمرين في قطاع الاستثمار المسؤول اجتماعيًا وبيئيًا على الشركات الذكية في القطاعات الأكثر استعدادًا للنمو من حيث القيمة، كونها تسير بوتيرة سريعة نحو تبنى الاستدامة في أعمالها. ولأن أنماط الأنشطة المسؤولة اجتماعيًا وبيئيًا ما زالت آخذة في التطور، فمن البديهي أن يكون أنجح مستثمري القطاع الخاص هم أولئك الذين يعطون الأولوية للعائدات طويلة الأجل ويتوخون الحذر تجاه عوائد عالية غير مستدامة على المدى القصير.

ولكن ما هي أفضل طريقة للتأكد من أن أموالك تحدث فرقًا؟ أولًا، كن حذرا إزاء ما تدعيه الشركات بشأن توافق منتجاتها مع البيئة، لأن الشركات قد ترغب في نشر الأخبار الجيدة دون غيرها. حاول أن تنظر إلى الأمر بشكل أعمق، كأن تعتمد على أنظمة تقييم مختلفة، مثل موديز إستيفاليتيكش، إم إس سي آي، ستاندرد آند بورز غلوبال، وتأكد من إمكانية التحقق من مصدر أي بيانات مستخدمة. احرص على توجيه قرارات المساهمين والتصويت بالوكالة لتشجيع مجالس إدارة أكثر تنوعًا وزيادة الإفصاح عن الآثار البيئية. وأخيرًا، ابحث عن القضايا الأكثر أهمية بالنسبة لك.

وبعيدًا عن تردد مجالس إدارة الشركات وأهواء المساهمين، يتمتع مستثمرو القطاع الخاص بوضع مثالي لاتخاذ قراراتهم المستقلة ووضع معاييرهم الخاصة لتحديد مدى نجاحهم.

رأس المال الخاص هو رأس مال صبور – فهو لا يحتاج إلى جني عائد ربع سنوي ضخم قصير الأجل، ولكن يمكنه بدلاً من ذلك تجاوز تموجات عالمنا المتغير وتحقيق نتائج ثابتة وطويلة الأجل.

القيادة بالقدوة

يُعد توجيه رأس المال الخاص إلى العمل المتعلق بتغير المناخ هدفًا أساسيًا لـ صندوق جيمكو للأصول الاستراتيجية، الذي تديره شركة جميل لإدارة الاستثمار (جيمكو).

فمنذ عام 2018، عمل الصندوق على ضخ رؤوس الأموال في الصناديق التي تدعم الفرص المستدامة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الصناديق التي تبني محافظًا مستدامة في مجال كفاءة الموارد وإزالة الكربون، ومصادر الطاقة المتجددة، والطاقة الموزعة، والكهربة، والتنقل والبنية التحتية للمياه.

كما يستثمر أحد هذه الصناديق في الزراعة المستدامة في نيوزيلندا. 

وهو في ذلك يستخدم تكنولوجيا حديثة ونماذج أعمال مبتكرة لتبني نهجًا “متجددًا” في إنتاج الغذاء، ومعالجة الأضرار التي لحقت بالمياه والتربة والمناخ وأنظمة التنوع البيولوجي الناجمة عن الزراعة.

وإجمالا، خصص صندوق جيمكو للأصول الاستراتيجية حوالي 2.5 مليار دولار أمريكي من الاستثمارات لأكثر من 65 صندوقًا على مستوى العالم – مستهلًا بذلك الفصل الأول في رحلة مثيرة تمتد لعقود.

كما خصصت جيمكو نفسها استثمارات كبيرة في الشركات الناشئة الأكثر استدامة في مجال التنقل.

وعلى رأس هذه الشركات الناشئة تأتي شركة ريفيان (Rivian)، ومقرها الولايات المتحدة، وهي متخصصة في صناعة السيارات الكهربائية وتطوير حلول الخدمات المستدامة. تنتج ريفيان سيارات دفع رباعي وشاحنات صغيرة كهربائية، وبالتوازي مع ذلك، تخطط الشركة لإنشاء شبكة شحن واسعة في جميع أنحاء أمريكا الشمالية. وجمع الطرح العام الأولي للشركة في بورصة ناسداك في نوفمبر من العام الماضي ما يقرب من 12 مليار دولار أمريكي من أصل الأسهم المطروحة بقيمة 66.5 مليار دولار أمريكي.[22]

وبالانتقال إلى السماء, استثمرت جيمكو أيضًا في شركة جوبي أفييشن (JobyAviation)، التي تتخذ من كاليفورنيا مقرا لها، وهي تعكف حاليًا على تطوير طائرة إقلاع وهبوط عمودية كهربائية لخدمات التاكسي الجوي.

وتخضع طائرتها النموذجية الثانية حاليًا للاختبار في مرافق التصنيع التابعة للشركة، استعدادًا لدخولها الخدمة في عام 2024 حسبما هو مقرر.

وعن ذلك يقول سيدهش كول، الرئيس التنفيذي لشركة جيمكو ونائب الرئيس للاستثمارات في عبد اللطيف جميل: “من الصعب تحديد حجم مساهمة القطاع الخاصة، لكن المؤكد أن هذه المساهمة توفر إمكانات هائلة لمساعدة العالم على تحقيق أهدافه المناخية الطموحة والمساهمة في بناء مجتمع أكثر عدلا وأمانا للجميع”

سيدهش كول، الرئيس التنفيذي لشركة جيمكو ونائب الرئيس للاستثمارات في عبداللطيف جميل.

“ثمة خطوات جادة وعملاقة لتحسين معايير إعداد التقارير في مجال الأنشطة المسؤولة اجتماعيًا وبيئيًا، وهذا يعني أن المستثمرين المحتملين يمكنهم أن يضعوا ثقة أكبر من أي وقت مضى في الشركات التي ترفع شعارات المسؤولية الاجتماعية والبيئية، لا سيما في ظل توافر بيانات تستند إلى التجربة.

“لا بد من بذل المزيد من الجهود لصياغة معايير موحدة قابلة للقياس على صعيد عالمي، خاصة وأننا نشهد فقط بداية سوق استثماري بمليارات الدولارات، وهو سوق متداخل بشكل فريد بين المجالين الاقتصادي والأخلاقي.”

[1] https://www3.weforum.org/docs/WEF_Global_Risk_Report_2020.pdf

[2]https://www.mckinsey.com/business-functions/strategy-and-corporate-finance/our-insights/five-ways-that-esg-creates-value

[3] https://www.valueresearchonline.com/stories/49015/the-rise-of-esg-investing/  

[4] https://hbr.org/2019/05/the-investor-revolution

[5] https://www2.deloitte.com/content/dam/Deloitte/us/Documents/audit/us-audit-incorporating-esg-across-investment-portfolios-may-open-access-to-capital.pdf

[6] https://www.bloomberg.com/news/articles/2021-09-03/fund-managers-feel-heat-in-sec-crackdown-of-overblown-esg-labels

[7]https://www.bloomberg.com/professional/blog/esg-assets-may-hit-53-trillion-by-2025-a-third-of-global-aum/

[8] https://yougov.co.uk/topics/economy/articles-reports/2021/01/28/should-financial-services-companies-fight-climate-  

[9] https://influencemap.org/pressrelease/The-truth-about-climate-funds-most-are-misaligned-with-the-Paris-Agreement-ee40c9b124666a5bee363fea134e3c37

[10] https://www.oecd.org/finance/ESG-Investing-Practices-Progress-Challenges.pdf

[11] https://www.weforum.org/agenda/2021/12/esg-sustainable-investment-backlash/  

[12] https://www.ftadviser.com/investments/2022/01/27/can-the-fca-tackle-greenwashing/  

[13] https://www.fca.org.uk/publication/policy/ps21-24.pdf

[14] https://www.bloomberg.com/news/articles/2021-09-03/fund-managers-feel-heat-in-sec-crackdown-of-overblown-esg-labels

[15] https://www.sec.gov/files/esg-risk-alert.pdf?utm_medium=email&utm_source=govdelivery  

[16] https://www.bloomberg.com/news/articles/2021-06-30/eu-targets-greenwashing-by-financial-sector-in-strategy-draft

[17]https://www.ey.com/en_no/assurance/how-the-eu-s-new-sustainability-directive-will-be-a-game-changer

[18] https://www.reuters.com/business/sustainable-business/what-is-eus-sustainable-finance-taxonomy-2022-02-03/#:~:text=The%20EU%20taxonomy%20is%20a,to%20earn%20a%20green%20label.

[19] https://www.imf.org/Publications/fandd/issues/2021/09/valerie-smith-citi-private-sector-climate-change

[20] https://www.ftadviser.com/investments/2021/04/29/understanding-risk-and-reward-in-an-esg-portfolio/  

[21]https://www2.deloitte.com/content/dam/Deloitte/us/Documents/audit/us-audit-incorporating-esg-across-investment-portfolios-may-open-access-to-capital.pdf

[22] https://www.cityindex.co.uk/market-analysis/rivian-ipo-everything-you-need-to-know-about-rivian/